للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُكَلَّفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ رُشْدِهِ أَيْضًا (بِهِ) أَيْ الرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ) وَلَوْ بِسُكُوتِهِ عَنْ تَصْدِيقٍ وَتَكْذِيبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ (قَبْلُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ) مِنْهُ (إقْرَارُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ بِحُرِّيَّتِهِ فَأَقَرَّ اللَّقِيطُ لَهُ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ صَدَّقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِحُرِّيَّةٍ) كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدُ أَوْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِالْحُرِّيَّةِ وَهُوَ مُكَلَّفٌ لِأَنَّهُ بِهِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادِ فَلَمْ يَمْلِكْ إسْقَاطَهَا، وَإِنَّمَا قَبْلَ إقْرَارِهَا بِالرَّجْعَةِ بَعْدَ إنْكَارِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ تَفْوِيضِ الشَّارِعِ أَمْرَ انْقِضَائِهَا إلَيْهَا، وَالْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ الْحُرِّيَّةِ الْمُوَافِقِ لِلْإِقْرَارِ السَّابِقِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ فَكَذَّبَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو فَصَدَّقَهُ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَضَمُّنِ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ نَفْيَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ بَطَلَ مِلْكُهُ بِرَدِّهِ فَصَارَ حُرَّ الْأَصْلِ، وَالْحُرِّيَّةُ يَتَعَذَّرُ إسْقَاطُهَا لِمَا مَرَّ وَلَوْ أَنْكَرَ رِقَّهُ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِهِ وَحَلَفَ ثُمَّ عَادَ وَاعْتَرَفَ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ إنْكَارِهِ لَسْت بِرَقِيقٍ لَك قَبْلُ أَوْ لَسْت بِرَقِيقٍ فَلَا لِتَضَمُّنِهِ الْإِقْرَارَ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ لَمْ تُسْمَعْ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ (أَنْ لَا يَسْبِقَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذَهُ) بِمُعْجَمَةٍ بِخَطِّهِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَغَيْرِهِمَا (بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ) الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِهِ وَ (الْمُسْتَقْبَلَةِ) فِي مَالِهِ كَمَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ وَإِنْ تَضَمَّنَ ثُبُوتَ حَقٍّ لَهَا وَعَلَيْهَا سَائِرُ الْأَقَارِيرِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَيَبْقَى عَلَى أَحْكَامِ الْحُرِّيَّةِ.

نَعَمْ لَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ مُتَزَوِّجَةً وَالزَّوْجُ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ حَيْثُ شَرْطُ حُرِّيَّتِهَا، فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لَزِمَهُ لَلْمُقَرِّ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَيْهَا أَجْزَأَهُ فَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ الْمُسَمَّى، وَتُسَلَّمُ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُسَافِرُ بِهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ لِنَحْوِ طَلَاقٍ وَعِدَّةِ الْإِمَاءِ بِمَوْتٍ وَوَلَدُهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا حُرٌّ وَبَعْدَهُ رَقِيقٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ كَالْمَقْبُوضِ الْمُسْتَوْفِي وَلِهَذَا لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ أَمَةٍ بِنَحْوِ طُرُوُّ يَسَارِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالرِّقِّ ذَكَرًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ بِهَا وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَيُؤَدَّى مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ حَالًا وَمَآلًا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ، وَلَوْ جَنَى عَلَى غَيْرِهِ عَمْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ حُرًّا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ رَقِيقًا، أَوْ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ قُضِيَ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْأَرْشِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ الْجَانِي حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا لِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَجْرَ اقْتَضَى التَّعَلُّقَ بِمَا فِي يَدِهِ، كَالْحُرِّ إذَا حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِهِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمُعَيَّنٍ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ اعْتَرَفَ بِالرِّقِّ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِأَحَدٍ كَأَنْ قَالَ أَنَا رَقِيقٌ، أَوْ لِمُبْهَمٍ كَأَنْ قَالَ أَنَا رَقِيقٌ لِرَجُلٍ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ لِمُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) لَكِنْ إنْ كَانَ حَالَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ رَشِيدًا عَلَى مَا مَرَّ اهـ حَجّ.

وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ) .

[فَرْعٌ] أَقَرَّتْ حَامِلٌ بِالرِّقِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتْبَعَ الْحَمْلُ رَاجِعِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ شَرَطَ حُرِّيَّتَهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهَا لَمْ يَتَخَيَّرْ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ طَلَاقٍ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهُ) هَذَا غَيْرُ كَافٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: لِأَنَّ فِيهِ تَصْدِيقًا لَهُ انْتَهَتْ لَكِنْ فِي دَعْوَاهُ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُقَرِّ لَهُ) أَيْ: عَلَى الْبَدَلِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ لَهَا وَعَلَيْهَا) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ صَوَابُهُ، وَعَلَيْهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ عَطْفًا عَلَى لَهُ فِي قَوْلِهِ فِيمَا لَهُ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) أَيْ أَوْ تَحِلُّ لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى نَبَّهَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) يَعْنِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>