للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَفَصْلُهُ عَنْ الْحُرِّ لِقَوْلِهِ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) لَهُ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ إرْثَهُ بِفَرْضِ عِتْقِهِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَنْظُورٍ لَهُ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ ابْنًا مَعَ وُجُودِ أَخٍ (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمُشَاهَدَةِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَإِذَا أَقَامَتْهَا لَحِقَهَا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا يَثْبُتُ رِقُّهُ لِمَوْلَاهَا وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا إلَّا إنْ أَمْكَنَ وَشَهِدَتْ بِالْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ.

وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا لِأَنَّهَا أَحَدُ أَبَوَيْنِ فَصَارَتْ كَالرَّجُلِ (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ) وَحَرْبِيٍّ (وَعَبْدٍ) إذْ اسْتِلْحَاقُ كُلٍّ مِنْهُمْ صَحِيحٌ وَيَدُ الْمُلْتَقِطِ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلتَّرْجِيحِ هُنَا (فَإِنْ) كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ سَلِيمَةٌ مِنْ الْمُعَارِضِ عُمِلَ بِهَا فَإِنْ (لَمْ يَكُنْ) لِوَاحِدٍ مِنْهَا (بَيِّنَةٌ) أَوْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ وَتَعَارَضَتَا، فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا وَيَدُهُ عَنْ غَيْرِ الْتِقَاطٍ قُدِّمَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ مَعَ اعْتِضَادِهِ بِالْيَدِ فَهِيَ عَاضِدَةٌ غَيْرُ مُرَجِّحَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ كَأَنْ اسْتَلْحَقَهُ لَاقِطُهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ آخَرُ (عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ) الْآتِي قُبَيْلَ الْعِتْقِ (فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) لِمَا يَأْتِي ثَمَّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ إلْحَاقِهِ بِوَاحِدٍ إلْحَاقُهُ بِآخَرَ إذْ الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَعَارَضَ قَائِفَانِ كَانَ الْحُكْمُ لِلسَّابِقِ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ كَمَا يُقَدَّمُ هُوَ عَلَى مُجَرَّدِ الِانْتِسَابِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ أَقْوَى (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) بِالْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعُدَدِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَقِيلَ بِالدُّنْيَا وَقِيلَ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى (أَوْ) وُجِدَ وَلَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا) وُقِفَ الْأَمْرُ إلَى بُلُوغِهِ وَ (أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ) قَهْرًا عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ، زَادَ غَيْرُهُ: وَحُبِسَ إنْ امْتَنَعَ وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ مَيْلٌ وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ (بَعْدَ بُلُوغِهِ إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا) لِمَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَمْرِهِ بِذَلِكَ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْتِسَابُ بِالتَّشَهِّي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَيْلٍ جِبِلِّيٍّ كَمَيْلِ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ، وَشَرَطَ فِيهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنْ يَعْرِفَ حَالَهُمَا وَيَرَاهُمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَنْ تَسْتَقِيمَ طَبِيعَتُهُ وَيَتَّضِحَ ذَكَاؤُهُ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَيَّدَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَيْلَ بِالِاجْتِهَادِ: أَيْ وَهُوَ يَسْتَدْعِي تِلْكَ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ انْتَسَبَ لِغَيْرِهِمَا وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا يُخَيَّرُ الْمُمَيِّزُ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَضَانَةِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مَعْمُولٌ بِهِ ثَمَّ، لَا هُنَا، فَقَوْلُهُ مُلْزِمٌ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْإِلْزَامِ وَيُنْفِقَانِهِ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ إنْ أَذِنَهُ فِيهِ الْحَاكِمُ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ عِنْدَ فَقْدِهِ عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ، وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ، وَلَوْ تَدَاعَاهُ امْرَأَتَانِ أَنْفَقَتَا وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ سَبَقَ اسْتِلْحَاقُ أَحَدِهِمَا إلَخْ) وَكَذَا لَا يُقَدَّمُ رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ بَلْ إنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَتَعَارَضَتَا فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا يَدٌ مِنْ غَيْرِ الْتِقَاطٍ وَلَوْ الْمَرْأَةَ قُدِّمَ وَإِلَّا قُدِّمَ الرَّجُلُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ دَعْوَى الْمَرْأَةِ لَا تُعَارِضُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهَا.

وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ وَهِيَ أَنَّ بِنْتًا بِيَدِ امْرَأَةٍ مُدَّةً مِنْ السِّنِينَ تَدَّعِي الْمَرْأَةُ أُمُومَتَهَا لِتِلْكَ الْبِنْتِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، وَمَعَ شُيُوعِ ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّتِهَا وَجَاءَ رَجُلٌ ادَّعَى أَنَّهَا بِنْتُهُ مِنْ امْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ لَهَا مُدَّةٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً وَلَمْ تُعَارَضْ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا بَقِيَتْ مَعَ الْمَرْأَةِ لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهَا بِالْيَدِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ بِالْبَلَدِ أَوْ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ ثَبَتَ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لَا لَهُمَا وَلَا لِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُنْفِقُ عَلَى مَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ أَوْ عَلَى اللَّقِيطِ نَفْسِهِ لِوُجُودِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالْإِنْفَاقِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ) قَالَ حَجّ: ثُمَّ بِنِيَّتِهِ انْتَهَى: يَعْنِي إذَا فُقِدَ الشُّهُودُ وَأَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَفِيهِ أَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ، فَقِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ عَدَمُ الرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا) لِإِمْكَانِ الْقَطْعِ بِالْوِلَادَةِ وَأُوخِذَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا) أَيْ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَرْأَةِ وِلَادَتَهُ بِحُكْمِ الْقَطْعِ فِيهَا فَتُؤَاخَذُ بِمُوجِبِ قَوْلِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>