فِي الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخِيَاطَةَ تَظْهَرُ عَلَى الثَّوْبِ فَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا لِظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ وَالْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَرَّةِ، وَبِمَا قَالَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحِلِّ وَمِثْلُهَا الْجِعَالَةُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نُهِبَ الْحِمْلُ أَوْ غَرِقَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ لَمْ يَجِبْ الْقِسْطُ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَقَعْ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ وَلَا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحِلِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ الْجِمَالُ مَثَلًا أَوْ انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ مَعَ سَلَامَةِ الْمَحْمُولِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَإِذَا رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعْلِ) لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا حَبْسَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِالْإِذْنِ بِالْأَوْلَى (وَيُصَدَّقُ) بِيَمِينِهِ الْجَاعِلُ سَوَاءٌ (الْمَالِكُ) وَغَيْرُهُ إذَا أَنْكَرَ (شَرْطَ الْجُعْلِ) كَأَنْ قَالَ مَا شَرَطْت الْجُعْلَ أَوْ شَرَطْته فِي عَبْدٍ آخَرَ (أَوْ سَعْيَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (فِي رَدِّهِ) كَأَنْ قَالَ لَمْ تَرُدَّهُ وَإِنَّمَا رَدَّهُ غَيْرُك أَوْ رَجَعَ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ وَالشَّرْطِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بُلُوغِهِ النِّدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّادِّ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي سَمَاعِ نِدَائِهِ.
(فَإِنْ) (اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَاعِلُ وَالْعَامِلُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ (فِي قَدْرِ الْجُعْلِ) أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَكَوْنِهِ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَوْ فِي قَدْرِ الْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ شَرَطْت مِائَةً عَلَى رَدِّ عَبْدَيْنِ فَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى رَدِّ هَذَا فَقَطْ (تَحَالَفَا) وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ وَالْإِجَارَةِ، وَهَذَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ فِيمَا إذَا وَجَبَ لِلْعَامِلِ قِسْطُ مَا عَمِلَهُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْ عَبْدِي هَذَا أَوْ اعْمَلْ كَذَا وَلَك عَشْرَةٌ وَأَتَيَا بِمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً وَجِعَالَةً فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مَضْبُوطًا مُقَدَّرًا فَإِجَارَةٌ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى تَرَدُّدٍ غَيْرِ مَضْبُوطٍ فَجِعَالَةٌ كَذَا نَقَلَاهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَيَدُ الْعَامِلِ عَلَى الْمَأْخُوذِ إلَى رَدِّهِ يَدُ أَمَانَةٍ، وَلَوْ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ وَخَلَّاهُ بِتَفْرِيطٍ كَأَنْ خَلَّاهُ بِمَضْيَعَةٍ ضَمِنَهُ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ خَلَّاهُ بِلَا تَفْرِيطٍ كَأَنْ خَلَّاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُدَّةَ الرَّدِّ فَتَبَرُّعٌ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِيهِ أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ لِيَرْجِعَ، وَلَوْ كَانَ رَجُلَانِ بِبَادِيَةٍ وَنَحْوِهَا فَمَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ السَّيْرِ وَجَبَ عَلَى الْآخَرِ الْمَقَامُ مَعَهُ إلَّا إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِذَا أَقَامَ مَعَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُسْتَوْفَى بِهِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ سَلَامَةِ الْمَحْمُولِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ، وَفِي حَجّ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْمَالِكِ حَاضِرًا.
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا وَجَبَ لِلْعَامِلِ قِسْطٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ بَعْدَ تَلَفِ الْمُجَاعَلِ عَلَى الْعَمَلِ فِيهِ وَوَقَعَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا.
(قَوْلُهُ: وَأَتَيَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ.
(قَوْلُهُ: مَضْبُوطًا مُقَدَّرًا) أَيْ كَأَنْ قَالَ خُطَّ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَلَك كَذَا.
(قَوْلُهُ: فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ مَضْبُوطًا وَقَوْلُهُ دُونَ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ غَيْرَ مَضْبُوطٍ: أَيْ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى الْإِجَارَةِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْجِعَالَةِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهُ) أَيْ الْآبِقِ
[حاشية الرشيدي]
جُعْلًا فَقَدْ أَثْبَتَ جُعْلًا بَدَلَهُ فَالِاسْتِحْقَاقُ حَاصِلٌ بِكُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي بُلُوغِهِ النِّدَاءَ) أَيْ: وَلَوْ بِإِعْلَامِ الْغَيْرِ لِتُفَارِقَ مَا بَعْدَهَا فَتَأَمَّلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute