وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْغُرَمَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْمُفْلِسِ. وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الزَّكَاةُ وَالْجِنَايَةُ فِي رَقِيقِ تِجَارَةٍ اُتُّجِهَ تَقْدِيمُ الزَّكَاةِ لِانْحِصَارِ تَعَلُّقِ كُلٍّ فِي الْعَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ الزَّكَاةِ بِتَعَلُّقِ حَقَّيْنِ بِهَا فَكَانَتْ أَوْلَى، وَالْمُسْتَثْنَيَات لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ صُوَرَهَا لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ.
(وَأَسْبَابُ الْإِرْثِ أَرْبَعَةٌ) ثَلَاثَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَعِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (قَرَابَةٌ) يَأْتِي تَفْصِيلُهَا، نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ الْآتِي فِي الزَّوْجَةِ (وَنِكَاحٌ) صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ، نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ بِهَا لَمْ تَرِثْهُ لِلدَّوْرِ، إذْ لَوْ وَرِثَتْ لَكَانَ عِتْقُهَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ مِنْهُمْ، وَإِجَازَتُهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى سَبْقِ حُرِّيَّتِهَا وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى سَبْقِ إجَازَتِهَا فَأَدَّى إرْثُهَا إلَى عَدَمِ إرْثِهَا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا وَلَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهِيَ بِهِ تَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
(وَوَلَاءٌ) وَيَخْتَصُّ دُونَ سَابِقِيهِ بِطَرَفٍ (فَيَرِثُ الْمُعْتَقُ) وَمَنْ يُدْلِي بِهِ (الْعَتِيقُ وَلَا عَكْسَ) بِالْإِجْمَاعِ إلَّا مَا شَذَّ، وَقَدْ يَتَوَارَثَانِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ حَرْبِيٌّ فَيَسْتَوْلِي عَلَى سَيِّدِهِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ، أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَيَرِقُّ فَيَشْتَرِيهِ وَيُعْتِقُهُ، أَوْ يَشْتَرِي أَبَا مُعْتِقِهِ ثُمَّ يُعْتِقُهُ فَلَهُ عَلَى مُعْتِقِهِ وَلَاءُ الِانْجِرَارِ، وَلَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِثْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَتِيقًا (وَالرَّابِعُ الْإِسْلَامُ) أَيْ جِهَتُهُ وَلِهَذَا جَازَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ نَقْلُهُ عَنْ بَلَدِ الْمَالِ، وَإِعْطَاؤُهُ لِوَاحِدٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الزَّكَاةَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَصْرُوفُ لَهُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَوْتِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ أَمْ أَسْلَمَ أَمْ عَتَقَ بَعْدَهُ، نَعَمْ لَا يُعْطَى مُكَاتَبًا وَلَا قَاتِلًا وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَا كَافِرًا.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا وَمِنْ الْإِرْثِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ لَا يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ. أَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُسْتَغْرَقْ فَتُصْرَفُ تَرِكَتُهُ أَوْ بَاقِيهَا لِبَيْتِ الْمَالِ فَيْئًا، وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الْأَسْبَابِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْإِمَامِ كَأَنْ يَمْلِكَ بِنْتَ عَمِّهِ ثُمَّ يُعْتِقَهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ تَمُوتَ وَلَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُ، فَهُوَ زَوْجُهَا وَابْنُ عَمِّهَا وَمُعْتِقُهَا، وَإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُصُوِّرَتْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِجَمِيعِهَا وَأَنَّ الْوَارِثَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ فِيهِ (فَتُصْرَفُ التَّرِكَةُ) أَوْ بَعْضُهَا عَنْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ (لِبَيْتِ الْمَالِ إرْثًا) لِلْمُسْلِمِينَ بِسَبَبِ الْعُصُوبَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْهُ كَأَقَارِبِهِ (إذَا لَمْ يَكُنْ) لَهُ (وَارِثٌ بِالْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ) الْمَارَّةِ لَا مَصْلَحَةَ كَالْمَالِ الضَّائِعِ.
(وَالْمُجْمَعُ عَلَى إرْثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ حَقِّهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لَا يَضُرُّ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا.
(قَوْلُهُ: تُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ) وَكَذَا لَوْ لَمْ تُخْرَجْ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ عِتْقَهَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ) أَيْ أَمَّا هِيَ فَتَرِثُ حَيْثُ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ، بَلْ لَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا فِي مَرَضِهِ لَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا شَذَّ) أَيْ الْقَوْلُ الَّذِي شَذَّ وَعِبَارَةُ حَجّ: إلَّا مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ زِيَادٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَتِيقًا) أَيْ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعْتَقًا لِأَبِي الْمُعْتِقِ فَانْجَرَّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَالْإِرْثُ بِجِهَةِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرِثْ بِجَمِيعِهَا) أَيْ بَلْ يَرِثُ بِكَوْنِهِ زَوْجًا وَابْنَ عَمٍّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ عَنْهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ جِهَةَ الْإِسْلَامِ فَتُخْرَجُ الدِّيَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ فَعَلَى الْقَاتِلِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: لَا مَصْلَحَةَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إرْثًا
[حاشية الرشيدي]
فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ تَقْسِيمِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: بِتَعَلُّقِ حَقَّيْنِ بِهَا) أَيْ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ
(قَوْلُهُ: أَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ إلَخْ) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ، وَمَحَلُّهُ بَعْدَ الْمَتْنِ الْآتِي إذْ هُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَقِبَ الْمَتْنِ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ) يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ عَقِبَهُ قَوْلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute