عَمَّا شِئْتُمْ مِنْ عَصَبَاتِكُمْ وَلَا تَسْأَلُونِي عَنْ الْجَدِّ لَا حَيَّاهُ وَلَا بَيَّاهُ. وَحَاصِلُهُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى عَدَمِ إسْقَاطِهِ بِهِمْ.
ثُمَّ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَكْثَرُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ كَالْأَبِ وَذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَكَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إنَّهُ يُقَاسِمُهُمْ عَلَى تَفْصِيلٍ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ مَعَهُمْ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فُرُوضٍ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَمُقَاسَمَتُهُمْ كَأَخٍ) لِاجْتِمَاعِ جِهَةِ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فِيهِ، وَوَجْهُ أَخْذِهِ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْأُمِّ يَأْخُذُ مِثْلَيْهَا وَالْإِخْوَةُ لَا يُنْقِصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُنْقِصُوهُ عَنْ ضِعْفِهِ، وَالْمُقَاسَمَةُ أَنَّهُ مُسْتَوٍ مَعَهُمْ فِي الْإِدْلَاءِ بِالْأَبِ (فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي لَهُمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، ثُمَّ إنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ لِكَوْنِهِمْ أَخَوَيْنِ أَوْ أَخًا وَأُخْتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ اسْتَوَيَا، وَهَلْ يُحْكَمُ عَلَى مَا أَخَذَهُ بِأَنَّهُ فَرْضٌ أَوْ لَا، صَحَّحَ ابْنُ الْهَائِمِ الْأَوَّلَ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ تَعْصِيبٌ، وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: وَقَدْ تَضْمَنَّ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ جُمْهُورَ أَصْحَابِنَا عَلَيْهِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى بِجُزْءٍ بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ دُونَ مِثْلَيْهِ كَكَوْنِهِمْ أُخْتًا أَوْ أَخًا أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخًا وَأُخْتًا فَالْقِسْمَةُ خَيْرٌ لَهُ أَوْ فَوْقَ مِثْلَيْهِ وَذَلِكَ فِيمَا سِوَى الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالثُّلُثُ خَيْرٌ لَهُ.
(وَإِنْ كَانَ) مَعَهُمْ (ذُو فَرْضٍ فَلَهُ) بَعْدَ الْفَرْضِ (الْأَكْثَرُ مِنْ سُدُسِ) جَمِيعِ (التَّرِكَةِ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ) وَجْهُ السُّدُسِ أَنَّ الْأَوْلَادَ لَا يُنْقِصُونَهُ عَنْهُ فَالْإِخْوَةُ أَوْلَى وَثُلُثُ الْبَاقِي أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ ذُو الْفَرْضِ أَخَذَ ثُلُثَ الْمَالِ وَالْمُقَاسَمَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ أَخٍ، وَذَوَاتُ الْفَرْضِ مَعَهُمْ بِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ وَأُمُّ جَدَّةِ زَوْجٍ فَالسُّدُسُ خَيْرٌ فِي زَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَثُلُثُ الْبَاقِي فِي جَدَّةٍ وَجَدٍّ وَخَمْسَةِ إخْوَةٍ، وَالْمُقَاسَمَةُ فِي جَدَّةٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ (وَقَدْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ) بَعْدَ أَصْحَابِ الْفَرْضِ (كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ فَيُفْرَضُ لَهُ سُدُسٌ وَيُزَادُ فِي الْعَوْلِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَعَالَتْ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيُزَادُ لَهُ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ (وَقَدْ يَبْقَى دُونَ سُدُسٍ كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ فَيُفْرَضُ لَهُ وَتُعَالُ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ يَفْضُلُ وَاحِدٌ يُزَادُ عَلَيْهِ آخَرُ فَتُعَالُ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ (وَقَدْ يَبْقَى سُدُسٌ كَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ) أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ يَفْضُلُ وَاحِدٌ (فَيَفُوزُ بِهِ الْجَدُّ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ) وَالْأَخَوَاتُ (فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) ؛ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الْفَرْضِ شَيْءٌ.
(وَلَوْ كَانَ مَعَ الْجَدِّ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا سَبَقَ) مِنْ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ حَيْثُ لَا صَاحِبَ فَرْضٍ، وَخَيْرُ الثَّلَاثَةِ مَعَ ذَوَى الْفَرْضِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَمِنْ ثَمَّ عَطَفَ فِيمَا مَرَّ بِأَوْ وَهُنَا بِالْوَاوِ (وَيُعَدُّ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ عَلَيْهِ أَوْلَادَ الْأَبِ فِي الْقِسْمَةِ) أَيْ يُدْخِلُونَهُمْ مَعَهُمْ فِيهَا إذَا كَانَتْ خَيْرًا لَهُ (فَإِذَا أَخَذَ حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرٌ) مُتَّحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ انْضَمَّ لَهُ أُنْثَى أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كَانَ الْبَعْضُ ذَكَرًا وَحْدَهُ أَوْ أُنْثَى مَعَهَا بِنْتٌ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ وَأَخٌ لِأَبٍ (فَالْبَاقِي) فِي الْأُولَى بِأَقْسَامِهَا (لَهُمْ) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَهُ، وَفِي الثَّالِثَةِ لَهَا: أَيْ تَعْصِيبًا لِمَا مَرَّ أَنَّهَا مَعَهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ (وَسَقَطَ أَوْلَادُ الْأَبِ) كَجَدٍّ وَشَقِيقِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عَمَّا شِئْتُمْ) عَنْ مَسَائِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ ضَعْفِهِ) أَيْ السُّدُسِ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُقَاسَمَةُ: أَيْ وَوَجْهُ الْمُقَاسَمَةِ فَهُوَ بِالْجَرِّ (قَوْلُهُ: اسْتَوَيَا) أَيْ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ (قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ بَعْدَ الْفَرْضِ) أَيْ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ حُسِبَ الْجُزْءُ مِمَّا زَادَ عَلَى نَصِيبِ الْجَدِّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَمْ يَكُنْ ثَمَّ فَرْضٌ فَيُؤْخَذُ الْجُزْءُ مِنْ أَصْلِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَجَدٌّ وَأَخٌ) مَسْأَلَتُهُمْ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثُمُنًا وَثُلُثًا لِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ أَرْبَعَةٌ وَيَبْقَى وَاحِدٌ لِلْأَخِ (قَوْلُهُ: وَخَمْسَةُ إخْوَةٍ) مَسْأَلَتُهُمْ مِنْ سِتَّةٍ لِلْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ عَلَى سِتَّةٍ وَثُلُثُهَا خَيْرٌ لِلْجَدِّ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَالسُّدُسِ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْجَدَّةِ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ خَمْسَةٌ يَبْقَى عَشَرَةٌ لِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute