للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ رَجَعَ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لَازِمِهِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِخَارِجٍ عَنْهُ وَهُوَ رِعَايَةُ الْمَوَارِيثِ وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحْتَاجُ لِلَفْظِ هِبَةٍ وَتَجْدِيدِ قَبُولٍ وَقَبْضٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَنْفُذُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَعَلَيْهِمَا لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ لِقَدْرِ مَا يُجِيزُهُ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ بِمُشَاعٍ لَا مُعَيَّنٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَجَازَ ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت قِلَّةَ الْمَالِ أَوْ كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَعْلَمُ كَمِّيَّتَهُ وَهِيَ بِمُشَاعٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَنَفَذَتْ فِيمَا ظَنَّهُ فَقَطْ أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَمْ يُقْبَلْ

(وَيُعْتَبَرُ الْمَالُ) حَتَّى يَعْلَمَ قَدْرَ الثُّلُثِ مِنْهُ (يَوْمَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تُمَلَّكُ بَعْدَهُ وَبِهِ تَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ ضُمَّتْ لِمَالِهِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ أُخِذَ ثُلُثُهَا (وَقِيلَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ) فَلَا عِبْرَةَ بِمَا حَدَثَ بَعْدَهَا كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ يَوْمُ النَّذْرِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ وَقْتُ اللُّزُومِ فَهُوَ نَظِيرُ يَوْمِ الْمَوْتِ هُنَا، وَمَرَّ أَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لَهَا بَعْدَ الدَّيْنِ وَأَنَّهَا مَعَهُ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا صَحِيحَةً حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ مُسْتَحِقُّهُ نَفَذَتْ وَلَمْ يُبَيِّنْ الِاعْتِبَارَ فِي قِيمَةِ مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَمَا يَبْقَى لَهُمْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُنَجَّزِ وَقْتُ التَّفْوِيتِ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمِيعِهَا ثُلُثَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ، وَفِي الْمُضَافِ لِلْمَوْتِ بِوَقْتِهِ وَفِيمَا بَقِيَ لَهُمْ بِأَقَلِّ قِيمَةٍ مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ فِي مِلْكِهِمْ وَالنَّقْصَ عَنْ يَوْمِ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِمْ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ (وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) رَاجِعٌ لِيُعْتَبَرَ وَالثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ لَفْظِهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ هَذَا عَطْفٌ عَلَى يَنْبَغِي الْمُعَلَّقِ بِالثُّلُثِ كَمَا أَنَّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِهِ (عِتْقٌ عُلِّقَ بِالْمَوْتِ) فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ. نَعَمْ لَوْ قَالَ صَحِيحٌ لِقِنِّهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِ مَوْتِي بِيَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ ثُمَّ مَرِضَ دُونَهُ وَمَاتَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ مَرِضَ شَهْرًا فَأَكْثَرَ اُعْتُبِرَ مِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ التَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ) أَيْ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ وَيَنْفُذُ مِنْ الْمُفْلِسِ أَيْ التَّنْفِيذُ (قَوْلُهُ: وَنَفَذَتْ فِيمَا ظَنَّهُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى كَذِبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَمْ يُقْبَلْ) أَيْ لَمْ يُؤَثِّرْ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ لَا يَضُرُّ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالشَّائِعِ أَنَّ الْمُعَيَّنَ يَغْلِبُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ فَيَبْعُدُ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِهِ قَبْلَ إجَازَتِهِ، بِخِلَافِ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَخْفَى عَلَى الْوَارِثِ حَتَّى يَظُنَّ قِلَّةَ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ) أَيْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ بِأَنْ كَانَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَمْدًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَعَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يُضَمَّ إلَى التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: أَخَذَ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ وَقَوْلُهُ ثُلُثَهَا أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ) أَيْ يَوْمَ النَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ أَوَّلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ.

وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لَهَا: أَيْ الْوَصِيَّةِ، وَقَوْلُهُ وَأَنَّهَا مَعَهُ: أَيْ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ: أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ مُتَقَوِّمًا كَعَبْدٍ مَثَلًا أَوْ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ: وَقْتَ التَّفْوِيتِ) أَيْ وَهُوَ وَقْتُ التَّصَرُّفِ فَيَنْفُذُ فِي ثُلُثِ الْمَوْجُودِ وَيُرَدُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، ثُمَّ إنْ تَغَيَّرَ الْحَالُ عُمِلَ بِمَا صَارَ إلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَفَّى إلَخْ (قَوْلُهُ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لِخَارِجٍ عَنْهُ) نَازَعَ فِيهِ الشِّهَابُ سم بِأَنَّ خُرُوجَهُ لَا يُنَافِي لُزُومَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ النَّهْيُ عَنْ الزِّيَادَةِ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِلْوَصِيَّةِ وَهُوَ التَّفْوِيتُ عَلَى الْوَارِثِ لَكِنَّهُ لَازِمٌ أَعَمُّ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ بِغَيْرِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ:؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمُ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ، أَوْ يَوْمُ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِيُعْتَبَرَ وَالثُّلُثُ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذِهِ السَّوَادَةِ مَا نَصُّهُ.

وَبِهَذَا مَعَ مَا يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ الثُّلُثُ يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا بَيَّنَ حُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>