للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(طَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ بِذَلِكَ فَسُمِعَتْ الشَّهَادَةُ وَلَوْ فِي حَيَاتِهِ كَأَنْ عَلَقَ شَيْءٌ بِكَوْنِهِ مَخُوفًا، وَفِي اعْتِبَارِهِ الْحُرِّيَّةِ تَلْوِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدْلُ الشَّهَادَةِ لَا الرِّوَايَةِ، فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَكُلٌّ مَعْلُومٌ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَأَفْهَمُ كَلَامُهُ عَدَمَ الثُّبُوتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِمَحْضِ النِّسْوَةِ، لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ عِلَّةٍ بَاطِنَةٍ بِامْرَأَةٍ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الطَّبِيبَيْنِ فِي نَفْيِ كَوْنِهِ مَخُوفًا أَيْضًا خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي، وَقَدْ لَا تَرِدُ عَلَيْهِ لِإِرْجَاعِ ضَمِيرٍ يَثْبُتُ إلَى كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ الْوَارِثُ كَانَ حُمَّى مُطْبِقَةً وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى غَيْرُ طَبِيبَيْنِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ أَخَذَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ غَامِضِ الْعِلْمِ مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ

(وَمِنْ) الْمَرَضِ (الْمَخُوفِ) قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا يُسْتَعَدُّ بِسَبَبِهِ لِلْمَوْتِ بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَقِيلَ كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَاهُ كُلُّ مَا لَا يَتَطَاوَلُ بِصَاحِبِهِ مَعَهُ الْحَيَاةُ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ حَدَّهُ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ، وَنَقَلَا عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا غَلَبَةُ حُصُولِ الْمَوْتِ بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ كَالْبِرْسَامِ الَّذِي هُوَ وَرَمٌ فِي حِجَابِ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ يَصْعَدُ أَثَرُهُ إلَى الدِّمَاغِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ عَاجِلًا وَإِنْ خَالَفَ الْمَخُوفَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ (قُولَنْجُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا تَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ بُخَارٌ إلَى الدِّمَاغِ فَيَهْلِكُ، وَهُوَ أَقْسَامٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْتَادِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ، يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا، رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ــ

[حاشية الشبراملسي]

سَوَاءٌ حُزَّ عُنُقُهُ أَوْ سَقَطَ مِنْ عَالٍ

(قَوْلُهُ: طَبِيبَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدَا وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ وَأُحِيلَ مَوْتُهُ عَلَى سَبَبٍ غَيْرِ الْمَرَضِ كَالْفَجْأَةِ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ التَّبَرُّعَ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ مِنْهُمَا الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ) زَادَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَدَالَةِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ مَنْ لَا يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرُّ عَلَى صَغِيرَةٍ، وَيُشْتَرَطُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ مُحَافَظَتُهُ عَلَى مُرُوءَةِ أَمْثَالِهِ (قَوْلُهُ: فَسَمِعْت) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِتَعَلُّقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَلِقَ شَيْءٌ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ وَأُرِيدَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِفَةِ مَرَضِهِ الْآنَ لَا تُسْمَعُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَمِنْ الْأَرْبَعِ نِسْوَةٍ (قَوْلُهُ: يَثْبُتُ إلَى كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ الشَّكِّ) وَهُمَا كَوْنُهُ مَخُوفًا أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: كَانَ وَجَعَ ضِرْسٍ كَفَى) أَيْ فِي أَصْلِ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ) أَيْ وَلَوْ نَفْيًا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ: أَيْ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَدَدًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ إلَخْ لَكِنَّ مُقْتَضَى الْعَطْفِ بِثُمَّ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ

(قَوْلُهُ قِيلَ هُوَ كُلُّ مَا إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ لَازِمٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ الَّذِي يَتَوَلَّدُ الْمَوْتُ عَنْ جِنْسِهِ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ وَقِيلَ كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ) يَدْخُلُ فِيهِ وَجَعُ الضِّرْسِ وَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ ظَنَنَّاهُ مَخُوفًا وَمَاتَ بِسَبَبِ غَيْرِهِ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ الْحَيَاةُ) أَيْ عَادَةً (قَوْلُهُ: بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ اللَّامِ) أَيْ مَعَ ضَمِّهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَذْكُورُ: كَأَنَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ الْمَوْتُ عَلَى الْفَجْأَةِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَإِلَّا فَمَخُوفٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ.

وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْفَجْأَةِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ إلَخْ) فِي هَذَا الْكَلَامِ قَلَاقَةٌ لَا تَخْفَى.

وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْحُرِّيَّةِ لِلتَّلْوِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا مَعَ ذِكْرِ الْعَدَالَةِ وَأَنَّهُ حَيْثُ ذَكَرَهَا فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْإِسْلَامَ وَالتَّكْلِيفَ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ نُدْرَتِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالنُّدْرَةِ مَا يَصْدُقُ بِالْقِلَّةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّ مَا يَكْثُرُ فِيهِ الْمَوْتُ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>