للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَمِثْلُهَا حَجَّةُ النَّذْرِ إنْ وَقَعَ فِي الصِّحَّةِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ وَيُحَجُّ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِأَبْعَدَ مِنْهُ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ فُعِلَ، وَلَوْ عَيَّنَّ شَيْئًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكْفِ إذْنُ الْوَرَثَةِ: أَيْ وَلَا الْوَصِيُّ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا مَحْضُ وَصِيَّةٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ كَالْإِجَارَةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ إذَا أَحْجَجْتَ لَهُ غَيْرَك فَلَكَ كَذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ وَلَا أُجْرَةَ لِلْمُبَاشِرِ بِإِذْنِهِ عَلَى التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَقْدٍ (فَإِنْ) (أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ) مِنْ (الثُّلُثِ) (عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَيَكُونُ فِي الْأَوَّلِ لِلتَّأْكِيدِ وَفِي الثَّانِي بِقَصْدِ الرِّفْقِ بِوَرَثَتِهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ؛ لِأَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ تُزَاحِمُهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ وَفَّى بِهَا مَا خَصَّهَا وَإِلَّا كُمِّلَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصَايَا فَلَا فَائِدَةَ فِي نَصِّهِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَوْ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ الزَّائِدَةَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ كَأَحِجُّوا عَنِّي مِنْ رَأْسِ مَالِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْأُجْرَةُ مِنْ الْمِيقَاتِ مِائَتَانِ فَهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّلَثُمِائَةِ مِنْ الثُّلُثِ

(وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهَا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقِيلَ مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَصَالَةً فَذَكَرَهَا قَرِينَةً عَلَى إرَادَتِهِ الثُّلُثَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ كَمَا احْتَمَلَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ وَإِذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْأَصْلِ (وَيُحَجُّ) عَنْهُ (مِنْ الْمِيقَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ وَلَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِكَذَا لَمْ يَجُزْ نَقْصُهُ عَنْهُ حَيْثُ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَصِيُّ بِدُونِهِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِظُهُورِ إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَالتَّبَرُّعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ نَقْصُهُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ وَارِثًا فَالزِّيَادَةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ أَحِجُّوا عَنِّي زَيْدًا بِأَلْفٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ الْأَلْفُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ وَسِعَهَا الثُّلُثُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِلَّا يُوقَفُ الزَّائِدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَلَوْ حَجَّ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ الْمُعَيَّنَ بِمَالِ نَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُوصَى بِهِ أَوْ صِفَتِهِ رَجَعَ الْقَدْرُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوصِي لِوَرَثَتِهِ، وَعَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهَا أُجْرَةُ الْأَجِيرِ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ فَوَجَدَ مَنْ يَرْضَى بِدُونِهِ جَازَ إحْجَاجُهُ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ.

قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَخَالَفَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: الصَّحِيحُ وُجُوبُ صَرْفِ الْجَمِيعِ لَهُ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذُكِرَ سَابِقًا مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْمُعَيَّنُ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَادَةً، وَالثَّانِي عَلَى مَا لَوْ زَادَ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَيَّنَ الْأَجِيرَ فَقَطْ أُحِجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ إنْ رَضِيَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ شَخْصًا فِي سَنَةٍ فَأَرَادَ التَّأْخِيرَ إلَى قَابِلٍ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَوْجَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي سَنَةٍ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ الْمُبَادَرَةُ إلَى تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مَا أَمْكَنَ لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُ حَجَّتَيْنِ عَنْ شَخْصٍ فِي سَنَةٍ.

لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا لَا اتِّحَادَ فِيهِ لِإِيقَاعِهِ مِنْ اثْنَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ) أَيْ النَّذْرُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا يَحُجُّ بِهِ وَلَا كَانَتْ الْحَجَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَعَالَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ) أَيْ الْوَارِثُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَهُ: أَيْ الْوَاسِطَةُ وَقَوْلُهُ عَلَى التَّرِكَةِ أَيْ وَلَا غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَا عَيَّنَهُ الْمُوصِي، وَيَدْفَعُ لَهُ جَمِيعَ الْمُوصَى بِهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِإِنْسَانٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ (قَوْلُهُ: فَفِي الْجَوَاهِرِ) أَيْ لِلْقَمُولِيِّ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ عَلَى مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَصِيِّ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ هِيَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَأَرَادَ) أَيْ الشَّخْصُ وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ فَإِنْ كَانَ هُوَ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوصِي فَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ كَانَ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ هُوَ أَوْ غَيْرَهُ، فَقَوْلُهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِهَذَا وَمَا بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>