للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحْرِزٍ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ أَوْ بِصَحْرَاءَ مِنْ رَأْسِ الصُّنْدُوقِ (فَلَا) يَضْمَنُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلَمْ يَأْتِ التَّلَفُ مِمَّا عَدَلَ إلَيْهِ وَنَحْوُ الرُّقُودِ قَفْلُ الْقُفْلَيْنِ زِيَادَةً فِي الْحِفْظِ، فَلَا نَظَرَ لِتَوَهُّمِ كَوْنِهِ إغْرَاءً لِلسَّارِقِ عَلَيْهَا الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الثَّانِي الضَّمَانَ بِذَلِكَ.

أَمَّا إذَا سُرِقَ مِنْ جَانِبِ صُنْدُوقٍ بِنَحْوِ صَحْرَاءَ فَيَضْمَنُ إنْ سُرِقَ مِنْ جَانِبٍ لَوْ لَمْ يَرْقُدْ فَوْقَهُ لَرَقَدَ فِيهِ فَنُسِبَ التَّلَفُ حِينَئِذٍ لِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ سُرِقَ مِنْ غَيْرِ مَرْقَدِهِ أَوْ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ أَوْ لَا مَعَ نَهْيٍ وَإِنْ سُرِقَ مِنْ مَحَلِّ مَرْقَدِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِفِعْلِهِ، وَيَضْمَنُ أَيْضًا لَوْ أَمَرَهُ بِالرُّقَادِ أَمَامَهُ فَرَقَدَ فَوْقَهُ فَسُرِقَ مِنْ أَمَامِهِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ) فَأَقْفَلَ أَوْ (قُفْلَيْنِ) بِضَمِّ الْقَافِ (فَأَقْفَلَهُمَا) فَلَا ضَمَانَ لِمَا مَرَّ، وَالثَّانِي يَضْمَنُ لِإِغْرَائِهِ السَّارِقَ بِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي بَلَدٍ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ جَزْمًا.

(وَلَوْ) (قَالَ) لَهُ (ارْبِطْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا (الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ (ضَمِنَ) لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ، إذْ لَوْ رُبِطَتْ لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ (أَوْ) تَلِفَتْ (بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَمْنَعُ لَهُ مِنْ الرَّبْطِ، نَعَمْ إنْ نَهَاهُ عَنْ أَخْذِهَا بِيَدِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي إطْلَاقُ قَوْلَيْنِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِمْسَاكِ ضَمِنَ وَإِنْ أَمْسَكَ بَعْدَ الرَّبْطِ فَلَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ رَبْطِهَا فِي كُمِّهِ إمْسَاكُهَا بِيَدِهِ، بَلْ إنْ كَانَ الرَّبْطُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَأَخَذَهَا الْقَاطِعُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَهَا وَتَنْبِيهَ الْقَاطِعِ وَإِغْرَاءَهُ عَلَيْهَا لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ أَوْ حَلِّهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، لَا إنْ اسْتَرْسَلَتْ بِانْحِلَالِ الْعُقْدَةِ وَضَاعَتْ وَقَدْ احْتَاطَ فِي الرَّبْطِ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهَا إنْ انْحَلَّتْ بَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ فِي الْكُمِّ أَوْ كَانَ الرَّبْطُ مِنْ دَاخِلِهِ فَبِالْعَكْسِ فَيَضْمَنُهَا بِالِاسْتِرْسَالِ لِتَنَاثُرِهَا بِالِانْحِلَالِ لَا إنْ أَخَذَهَا الْقَاطِعُ لِعَدَمِ تَنْبِيهِهِ، وَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ بِهِ مُطْلَقَ الرَّبْطِ، فَإِذَا أَتَى بِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِجِهَاتِ التَّلَفِ كَمَا لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي الْبَيْتِ فَوَضَعَهُ بِزَاوِيَةٍ فَانْهَدَمَتْ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِهَا لَسَلِمَ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ حِرْزٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَقَوْلُهُ ارْبِطْ مُطْلَقٌ لَا شُمُولَ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ التَّلَفُ مِمَّا آثَرَهُ ضَمِنَ، وَلَا كَذَلِكَ زَوَايَا الْبَيْتِ؛ وَلِأَنَّ الرَّبْطَ لِلْعُرْفِ دَخَلَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْحُكْمِ وَإِنْ شَمَلَ لَفْظُهُ غَيْرَهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْتُ، إذْ لَا دَخْلَ لِلْعُرْفِ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ زَوَايَاهُ وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا بِنَاءً وَقُرْبًا مِنْ الشَّارِعِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ فَرَبَطَهَا فِي التَّحْتَانِيِّ مِنْهُمَا فَيَظْهَرُ عَدَمُ ضَمَانِهِ سَوَاءٌ أَرَبَطَ دَاخِلَ الْكُمِّ أَمْ خَارِجَهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ (وَلَوْ جَعَلَهَا) وَقَدْ قَالَ لَهُ ارْبِطْهَا فِي كُمِّك (فِي جَيْبِهِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُغَطًّى بِثَوْبٍ فَوْقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَلَّذِي بِإِزَاءِ الْحَلْقِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ مُعْتَادٌ عِنْدَ الْمَغَارِبَةِ أَوْ مَا يَعْتَادُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ جَعْلِهِ عِنْدَ طَوْقِهِ فَتْحَةً نَازِلَةً كَالْخَرِيطَةِ (بَدَلًا عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ) فَضَاعَتْ مِنْ غَيْرِ ثُقْبٍ فِيهِ لِمَا يَأْتِي (لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزُ مَا لَمْ يَكُنْ وَاسِعًا غَيْرَ مَزْرُورٍ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الْكُمُّ أَحْرَزُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ قَدْ تَسْقُطُ مِنْهُ فِي النَّوْمِ وَنَحْوِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْكُمَّ كَذَلِكَ، وَأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي وَاسِعٍ غَيْرِ مَزْرُورٍ

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ ضَيِّقًا أَوْ مَزْرُورًا وَهُوَ حِينَئِذٍ أَحْرَزُ مِنْ الْكُمِّ بِلَا شُبْهَةٍ (وَبِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهَا فِي الْجَيْبِ فَرَبَطَهَا فِي الْكُمِّ (يَضْمَنُ) قَطْعًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَيْبَ بِشَرْطِهِ أَحْرَزُ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الرُّقُودِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي لَوْ أَمَرَهُ بِالرُّقَادِ أَمَامَهُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ لِرَقَدَ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ رَقَدَ رَقْدًا وَرُقُودًا وَرُقَادًا نَامَ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِذَلِكَ) أَيْ بِقَفْلِ الْأَقْفَالِ.

(قَوْلُهُ ضَمِنَ مُطْلَقًا) أَيْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ أَخْذِ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَنْبِيهِهِ) أَيْ الْوَدِيعِ إيَّاهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْكِلُ: أَيْ هَذَا التَّفْصِيلُ (قَوْلُهُ وَلَا كَذَلِكَ زَوَايَا الْبَيْتِ) نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ فِي الزَّوَايَا أَنْفُسِهَا.

أَمَّا الْوَضْعُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا فَمِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ مُطْلَقٌ، فَإِذَا جَاءَ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا ضَمِنَ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى) أَيْ وَهُوَ ظُهُورُهَا لِلسَّارِقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ) أَيْ مِمَّا يُجْعَلُ عَلَى الْفَخْذِ (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْجَيْبَ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهُ ضَيِّقًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>