للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ رَاجَتْ وَلَهُ إسْقَاطُ بَعْضِهِمْ لَكِنْ بِسَبَبٍ لَا بِغَيْرِهِ

وَيُجِيبُ طَالِبَ إثْبَاتِ اسْمِهِ إنْ رَآهُ أَهْلًا وَفِي الْمَالِ سَعَةٌ، وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إنْ اسْتَغْنَى لَا مَعَ الْحَاجَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَجُوزُ.

(فَإِنْ) (فَضَلَتْ) ضُبِطَ بِالتَّشْدِيدِ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ (الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ) وَقُلْنَا بِالْأَظْهَرِ أَنَّهَا لَهُمْ خَاصَّةً (وُزِّعَ) الْفَاضِلُ (عَلَيْهِمْ) أَيْ الْمُرْتَزِقَةِ الرِّجَالِ دُونَ غَيْرِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ فَحَوَى كَلَامِهِمْ (عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ) لَهُ (أَنْ يَصْرِفَ بَعْضَهُ) أَيْ الْفَاضِلَ لَا كُلَّهُ (فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ وَفِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ) وَهُوَ الْخَيْلُ؛ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لَهُمْ.

وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لَهُ كَالْغَنِيمَةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَصَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَدَّخِرُ مِنْ الْفَيْءِ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا مَا وَجَدَ لَهُ مَصْرِفًا وَلَوْ بِنَاءَ نَحْوِ رِبَاطَاتٍ وَمَسَاجِدَ اقْتَضَاهَا رَأْيُهُ وَإِنْ خَافَ نَازِلَةً، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ النَّصِّ تَأَسِّيًا بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنْ نَزَلَتْ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْقِيَامُ بِهَا، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ لَهُ الْإِدْخَارَ، وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ صَرْفِهِ لِلْمُرْتَزِقَةِ عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ، وَلَهُ صَرْفُ مَالِ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَتَعْوِيضُ الْمُرْتَزِقَةِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً (هَذَا حُكْمُ مَنْقُولُ الْفَيْءِ فَأَمَّا عَقَارُهُ) مِنْ بِنَاءٍ أَوْ أَرْضٍ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) لَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْحُصُولِ وَإِنْ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَاعْتَمَدَهُ بَلْ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنَّهُ (يُجْعَلُ وَقْفًا وَيُقَسَّمُ غَلَّتُهُ) فِي كُلِّ سَنَةٍ (كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ بِحَسَبِ حَاجَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُمْ أَوْ يُقَسِّمُ أَعْيَانَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ يُبَاعُ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ، وَمَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ لِيُوَافِقَ الرَّوْضَةَ كَأَصْلِهَا، وَأَمَّا أَخْذُهُ عَلَى عُمُومِهِ فَهُوَ وَجْهٌ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْحُصُولِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ الْخُمُسِ الْخَامِسِ حُكْمُهَا مَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْخُمُسِ الْخَامِسِ الَّذِي لِلْمَصَالِحِ فَإِنَّهُ لَا يُقَسَّمُ بَلْ يُبَاعُ أَوْ يُوقَفُ وَهُوَ أَوْلَى وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ أَوْ غَلَّتُهُ فِيهَا، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ بَعْدَ جَمْعِ الْمَالِ وَتَمَامِ الْمُدَّةِ فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ كَالدَّيْنِ أَوْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَبَعْدَ جَمْعِ الْمَالِ فَقِسْطُهُ لَهُ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا شَيْءَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَقَبْلَ الْجَمْعِ، وَلَوْ ضَاقَ الْمَالُ عَنْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَسُدَّ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَجْهُ تَخْصِيصِ الْفُلُوسِ بِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ مَعَ جَوَازِ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: الْمُرْتَزِقَةِ الرِّجَالِ) أَيْ الْمُقَاتِلَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ) أَيْ فَيَمْلِكُونَهُ بِذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى تَرِكَتِهِمْ بِذَلِكَ إذَا مَاتُوا؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوهُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ، فَإِعْطَاؤُهُ عَنْ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ دَفْعٌ لِمَا اسْتَحَقُّوهُ الْآنَ (قَوْلُهُ: وَمَا حَمَلْت) أَيْ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ قَوْلُهُ عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ (قَوْلُهُ: فَنَصِيبُهُ لِوَارِثِهِ) لَا يُقَالُ: هَذَا يُنَافِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَقٌّ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَسَاكِينِ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ الْمُطَّلِبِ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهُ بِحَيْثُ يَأْخُذُهُ إرْثًا، بَلْ يَأْخُذُ مَا يَسْتَحِقُّهُ هُوَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَ قَبْلَ جَمْعِ الْمَالِ وَبَعْدَ تَمَامِهَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَيُجِيبُ طَالِبَ إثْبَاتِ اسْمِهِ إلَخْ) اُنْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ اخْتِيَارُهُ (قَوْلُهُ: إنْ اُسْتُغْنِيَ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ: أَيْ إنْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلِبَعْضِهِمْ إخْرَاجُ نَفْسِهِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا وَلِغَيْرِهِ إلَّا إنْ احْتَجْنَا إلَيْهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ) قَالَ الشِّهَابُ سم: بَلْ يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّخْفِيفِ أَنَّهُ إذَا فَضَلَتْ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ جَمِيعُهَا عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ بِأَنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَحَاصِلُ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وَإِنْ اسْتَغْنَى الْمُرْتَزِقَةُ عَنْ الْأَخْذِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا بِمَرَاحِلَ كَثِيرَةٍ عَنْ الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ) أَيْ عَلَى حَسْبِهَا وَنِسْبَتِهَا، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُ مَا لِلْآخَرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهُ وَهَكَذَا أَعْطَاهُمْ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ، وَقِيلَ يُعْطِيهِمْ عَلَى حَسَبِ الرُّءُوسِ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ سَنَةٍ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا إلَخْ) أَيْ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>