للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ حِصَّتَهُ مِنْ زَكَاةٍ وَصَلَتْ إلَيْهِ مِنْ نَائِبِهِ بِمَحَلِّ كَذَا لِكَوْنِ ذَلِكَ النَّائِبِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْهَا حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ أُنْسِيت أَنَّك الْعَامِلُ، أَوْ مَاتَ مُسْتَعْمِلُهُ فَطَلَب مِمَّنْ تَوَلَّى مَحَلَّهُ حِصَّتَهُ، وَمَا صَوَّرَ بِهِ السُّبْكِيُّ مِنْ إتْيَانِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَمُطَالَبَتِهِ مَعَ جَهْلِ حَالِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ إنْ فَرَّقَ فَلَا عَامِلَ وَإِنْ فَرَّقَ الْإِمَامُ فَلَا وَجْهَ لِمُطَالَبَةِ الْمَالِكِ، وَابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَ الصَّدَقَاتِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَطَالَبَ بِالْأُجْرَةِ رُدَّ بِخُرُوجِهِ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي بِأُجْرَةٍ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لَا مِنْ الزَّكَاةِ: وَالْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا فَوَّضَ التَّفْرِقَةَ إلَيْهِ أَيْضًا ثُمَّ جَاءَ، وَادَّعَى الْقَبْضَ وَالتَّفْرِقَةَ وَطَلَبَ أُجْرَتَهُ مِنْ الْمُصَالِحِ رُدَّ بِنَظِيرِ مَا قَبْلَهُ (وَهِيَ) أَيْ الْبَيِّنَةُ فِيمَا ذَكَرَ (إخْبَارُ عَدْلَيْنِ) أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ عَرَى عَنْ لَفْظِ شَهَادَةٍ وَاسْتِشْهَادٍ وَدَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ (وَتُغْنِي عَنْهَا) فِي سَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فِيهَا (الِاسْتِفَاضَةُ) بَيْنَ النَّاسِ مِنْ قَوْمٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتِغْرَابُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ يُرَدُّ بِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا حُصُولُ الظَّنِّ الْمُجَوِّزِ لِلْإِعْطَاءِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ وَمِمَّا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ (وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَلَا نَظَرٍ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ.

وَالثَّانِي لَا لِاحْتِمَالِ مَا مَرَّ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ اكْتِفَائِهِمْ بِإِخْبَارِ الْغَرِيمِ هُنَا وَحْدَهُ مَعَ تُهْمَتِهِ الِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ وَلَوْ عَدْلٍ رِوَايَةُ ظَنِّ صِدْقِهِ، بَلْ الْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِمَنْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ وَلَوْ فَاسِقًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا.

نَعَمْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْغَرِيمِ وَالسَّيِّدِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وُثِقَ بِقَوْلِهِمَا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الصِّدْقُ.

قَالَ وَإِلَّا لَمْ يَفِدْ قَطْعًا.

وَلَمَّا مَهَّدَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا مَا يُعْلَمُ بِهِ الْوَصْفُ الْمُقْتَضِي لِلِاسْتِحْقَاقِ شَرَعَ فِي بَيَانِ قَدْرِ مَا يُعْطَاهُ كُلٌّ، فَقَالَ (وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ) إنْ لَمْ يُحْسِنْ كُلٌّ مِنْهُمَا كَسْبًا بِحِرْفَةٍ وَلَا تِجَارَةٍ (كِفَايَةَ سَنَةٍ) لِتَكْرَارِ الزَّكَاةِ كُلَّ سَنَةٍ فَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِهَا قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ (وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ) يُعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا (كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ مَا بَقِيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إغْنَاؤُهُ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِنْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ أُعْطِيَ سَنَةً بِسَنَةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ لَا حَدَّ لِلزَّائِدِ عَلَيْهَا.

أَمَّا مَنْ يُحْسِنُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ وَمَا صَوَّرَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ رُدَّ بِخُرُوجِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَيْ عَدْلِ شَهَادَةٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَامْرَأَتَيْنِ، إذْ لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ كَوْنَهُ عَدْلًا رِوَايَةً لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَلَا الذُّكُورَةِ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَرَى) أَيْ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِثَلَاثَةٍ) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَدْلٍ رِوَايَةُ ظَنِّ صِدْقِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُظَنَّ صِدْقُهُ لَمْ يُعْتَمَدْ قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ بِمُجَرَّدِهِ يُفِيدُ الظَّنَّ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ مَعَ خَبَرِهِ

(قَوْلُهُ: كِفَايَةُ الْعُمْرِ الْغَالِبِ) أَيْ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا لَمْ يَكْفِهَا نَفَقَةُ زَوْجِهَا وَمَنْ لَهُ قَرِيبٌ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطُوا كِفَايَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّعُونَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَا يَدْفَعُ حَاجَتَهُمْ مِنْ تَوْسِعَةِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا إمَّا بِتَيَسُّرِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْ كِفَايَةِ قَرِيبٍ لَهُ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) أَيْ وَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ يَمْلِكُونَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا نَقْلُ الْأَوَّلِ عَنْ السُّبْكِيّ، وَالثَّانِي عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَرَدَّهُمَا فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ ذَلِكَ النَّائِبِ اسْتَعْمَلَهُ) أَيْ الْعَامِلَ وَقَوْلُهُ حَتَّى أَوْصَلَهَا إلَيْهِ أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: رُدَّ بِأَنَّهُ إنْ فُرِّقَ فَلَا عَامِلَ إلَخْ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ: أَيْ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْعَامِلَ قَالَ لِلْمَالِكِ أَنَا عَامِلُ الْإِمَامِ فَادْفَعْ لِي زَكَاتَك، وَرُدَّ بِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي هَذَا بَلْ فِي طَلَبِ الْعَامِلِ لِحِصَّتِهِ الْمُقَابِلَةِ لِعَمَلِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ بَعْضَ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْمَالِكِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُعْطِيَ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ فَجَاءَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ عَامِلُ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ فَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ حِينَئِذٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>