للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِنَاقِلٍ، فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ الصِّنْفِ كُلِّهِ لِمَنْ وُجِدَ مِنْ أَفْرَادِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَسَمَ الْمَالِكُ أَوْ الْإِمَامُ وَلَا عَامِلَ هُنَاكَ أَوْ جُعِلَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا نَظَرُوا هُنَاكَ لِكَوْنِهِ فَرِيضَةً؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي الْبَدَلِ عَنْهَا فَلَمْ يَفُتْ هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِمْ ثُمَّ (بِالْقِسْمَةِ عَلَى سَبْعَةٍ) مِنْهُمْ الْمُؤَلَّفُ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ (فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ) أَيْ السَّبْعَةُ أَوْ الثَّمَانِيَةُ وَلَمْ يُبَالِ بِشُمُولِ هَذَا الْفَقْدِ الْعَامِلُ لِتَقْدِيمِهِ حُكْمَهُ: أَيُّ صِنْفٍ فَأَكْثَرَ، أَوْ بَعْضِ صِنْفٍ مِنْ الْبَلَدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِكِ وَحْدَهُ، وَمِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ (فَعَلَى الْمَوْجُودِينَ) تَكُونُ الْقِسْمَةُ فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ الصِّنْفِ كُلِّهِ لِمَنْ وُجِدَ مِنْ أَفْرَادِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا سَهْمَ لَهُ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَالْمَوْجُودُ الْآنَ أَرْبَعَةٌ: فَقِيرٌ، وَمِسْكِينُ، وَغَارِمٌ، وَابْنُ سَبِيلٍ.

وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حُفِظَتْ حَتَّى يُوجَدَ بَعْضُهُمْ، وَسَيَذْكُرُ هَذَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ، وَلَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ هُنَا لِضَرُورَةِ التَّقْسِيمِ وَثُمَّ لِبَيَانِ الْخِلَاف (وَإِذَا قَسَمَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ الْمُفَوِّضُ إلَيْهِ الصَّرْفُ (اسْتَوْعَبَ) حَتْمًا (مِنْ الزَّكَوَاتِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَهُ آحَادُ كُلِّ صِنْفٍ) لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ بِزَكَاةِ كُلِّ مَالِكٍ بَلْ لَهُ إعْطَاءُ زَكَاةِ شَخْصٍ بِكَمَالِهَا لِوَاحِدٍ وَتَخْصِيصُ وَاحِدٍ بِنَوْعٍ وَآخَرَ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الزَّكَوَاتِ كُلَّهَا فِي يَدِهِ كَالزَّكَاةِ الْوَاحِدَةِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي قَوْلِهِمْ أَوَّلَ الْفَصْلِ بِالزَّكَاةِ الْجِنْسُ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إذَا لَمْ يَقِلَّ الْمَالُ، فَإِنْ قَلَّ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا لَوْ وَزَّعَهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَسُدَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الِاسْتِيعَابُ لِلضَّرُورَةِ بَلْ يُقَدِّمُ الْأَحْوَجَ فَالْأَحْوَجَ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْفَيْءِ (وَكَذَا يَسْتَوْعِبُ) وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (الْمَالِكُ) أَوْ وَكِيلُهُ الْآحَادَ (إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ) بِأَنْ سَهُلَ ضَبْطُهُمْ وَمَعْرِفَةُ عَدَدِهِمْ عَادَةً، نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ (وَوَفَّى بِهِمْ) أَيْ بِحَاجَتِهِمْ أَيْ النَّاجِزَةِ فِيمَا يَظْهَرُ (الْمَالُ) لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَفِ بِهِمْ الْمَالُ كَمَا قَالَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْحَصِرُوا أَوْ انْحَصَرُوا، وَلَمْ يَفِ بِهِمْ الْمَالُ (فَيَجِبُ إعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ؛ لِأَنَّهُمْ ذُكِرُوا فِي الْآيَةِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ إلَّا ابْنَ السَّبِيلِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِيهِ أَيْضًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلِهِ السَّابِقِ لَمْ يَجْعَلْ الْإِمَامُ لَهُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا ثُمَّ) أَيْ وَهُوَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا مَعَ الشَّرْطِ لَفَاتَ مَا يُقَابِلُ سُبْعَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فَلَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْجُودُ الْآنَ) أَيْ فِي زَمَنِهِ (قَوْلُهُ: إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ) هَلْ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُدْفَعُ إلَيْهِمْ الزَّكَاةُ كَوْنُهُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ عِلْمَ اسْتِحْقَاقَ جَمَاعَةٍ فِي الْبَلَدِ مِنْ الْجِنِّ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ لِلْجِنِّ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» إذْ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ فُقَرَاءُ بَنِي آدَمَ (قَوْلُهُ أَيْ النَّاجِزَةِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكِسْوَةُ فَصْلٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَمْعُ، وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ فِيهِ: أَيْ ابْنِ السَّبِيلِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَيُعْطَى فِي الْأَخِيرَةِ حِصَّةَ الصِّنْفِ كُلِّهِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْأَخِيرَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا نَظَرُوا هُنَاكَ لِكَوْنِهِ فَرِيضَةً) أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَيْئًا: أَيْ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ هُنَا، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ بَلْ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُعَلَّلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَالِ بِشُمُولِ هَذَا إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ الَّتِي تَبِعَهَا الشَّارِحُ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ: إنْ أَرَادَ فِي هَذَا الشُّمُولِ تَكْرَارًا فَهُوَ لَا يَنْدَفِعُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَهُ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ التَّكْرَارِ بِأَنَّهُ بِالْعُمُومِ فَلَيْسَ مَحْذُورًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا آخَرَ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِالزَّكَاةِ) أَيْ الَّذِي مَرَّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْأَصْنَافُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَمْعُ، وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ فِيهِ: أَيْ فِي ابْنِ السَّبِيلِ، وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِيهِ: أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>