للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحْصُورُونَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَأَقَلَّ وَعَدَدُ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرُ مَحْصُورٍ غَالِبًا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ (إلَّا أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ وَهُنَاكَ مَا يَسُدُّ مَسَدًا لَوْ وُزِّعَ (فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ مَعَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ) الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفَاوُتُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ التَّعْمِيمَ فَكَذَا التَّسْوِيَةُ؛ وَلِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ، فَلَا يُفَاوَتُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فِيهِمَا، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ عَلَى التَّتِمَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ.

قُلْت: مَا فِي التَّتِمَّةِ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا فِي الدَّلِيلِ فَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ اسْتِحْبَابُ التَّسْوِيَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْحَاجَاتُ فَيُرَاعِيهَا وَالْمُتَوَطَّنُونَ أَوْلَى عِنْدَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ، وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ تُسَنُّ التَّسْوِيَةُ عِنْدَ تَسَاوِي حَاجَاتِهِمْ، وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْأَصْنَافَ مَحْصُورُونَ فِي ثَمَانِيَةٍ فَأَقَلَّ، وَعَدَدُ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرُ مَحْصُورٍ غَالِبًا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَجَازَ التَّفْضِيلُ.

(وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ) مِنْ بَلَدِ الْوُجُوبِ الَّذِي بِهِ الْمُسْتَحِقُّونَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ مُسْتَحِقُّوهَا فَتُصْرَفُ إلَيْهِمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» وَلِامْتِدَادِ أَطْمَاعِ أَصْنَافِ كُلِّ بَلْدَةٍ إلَى زَكَاةِ مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِ، وَالنَّقْلُ يُوحِشُهُمْ، وَبِهِ فَارَقَتْ الزَّكَاةَ وَالنَّذْرَ وَالْوَصِيَّةَ لِفُقَرَاءَ أَوْ مَسَاكِينَ إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُوصِي وَنَحْوُهُ عَلَى نَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي الْجَوَازُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَانْتَصَرَ لَهُ وَإِذَا مَنَعْنَا النَّقْلَ حَرُمَ وَلَمْ يَجُزْ، وَعُلِمَ مِنْ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِبَلَدِ الْمَالِ لَا الْمَالِكِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْمَدِينِ لَا الدَّائِنِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ لَهُ صَرْفَهَا فِي أَيِّ بَلَدٍ شَاءَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَخْصُوصًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ لَا حِسِّيٌّ فَاسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ كُلُّهَا إلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ مَالِكُهُ وَمَحَلُّهُ فِي دَيْنٍ يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجُهَا عَنْهُ حَالًّا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ مِنْهُ فَيُخْرِجُ حِينَئِذٍ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ جَمِيعَ زَكَاةِ السَّنِينِ السَّابِقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ فَيَتَخَيَّرُ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ تَبَيَّنَ تَعَلُّقُ وُجُوبِ كُلِّ حَوْلٍ مَرَّ بِهِ، وَقَدْ كَانَ حِينَئِذٍ غَيْرَ مَوْجُودٍ حِسًّا لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ) .

[فَرْعٌ] مَا حَدُّ الْمَسَافَةِ الَّتِي يُمْتَنَعُ نَقْلُ الزَّكَاةِ إلَيْهَا؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ، وَالْمُتَّجِهُ مِنْهُ أَنَّ ضَابِطَهَا فِي الْبَلَدِ وَنَحْوِهِ مَا يَجُوزُ التَّرَخُّصُ بِبُلُوغِهِ، ثُمَّ رَأَيْت حَجّ مَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي فَتَاوِيهِ.

فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ نَقْلُهَا إلَى مَكَان يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ وَيَجُوزُ إلَى مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالْوَصِيَّةُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا، وَقَوْلُهُ وَإِذَا مَنَعْنَا النَّقْلَ: أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجُهَا عَنْهُ حَالًّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ مَثَلًا أَوْ مُؤَجَّلًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلَهُ فِي هَذَا ثَلَاثَةٌ فَأَقَلُّ يُخَالِفُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ فِي الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ:: الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا التَّفَاوُتُ) اُنْظُرْ مَا الدَّاعِي إلَى هَذَا الْوَصْفِ هُنَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ) الْأَصْوَبُ عِنْدَ عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِيعَابِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ وَعَلَى غَيْرِ مَا فِي الْكِتَابِ، إذْ الَّذِي فِي الْكِتَابِ حُرْمَةُ التَّفْضِيلِ الْمُسْتَلْزِمَةُ لِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ لَا لِسَنِّهَا (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ هَذَا مَا قَبْلَهُ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ لَهُ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ وَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ إلَخْ سَاقِطٌ فِي نُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ صَحِيحَةٍ

(قَوْلُهُ حَرُمَ وَلَمْ يُجَزْ) بِضَمِّ أَوَّلِ يُجَزْ قَالَ الشِّهَابُ سم: قَدْ يُقَالُ هَذَا هُوَ الْمَنْعُ فَتَرْتِيبُهُ عَلَيْهِ تَرْتِيبُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ إذَا مَنَعْنَاهُ عَمَّمْنَا الْمَنْعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ لَهُ) أَيْ الدَّائِنِ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ أَدَبُ الْكَاتِبِ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ رَجُلٌ دَائِنٌ إذَا كَثُرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَقَدْ دَانَ فَهُوَ يَدِينُ دَيْنًا، وَلَا يُقَالُ مِنْ الدَّيْنِ دِينَ فَهُوَ مَدِينٌ، وَلَا يُقَالُ مَدْيُونٌ أَيْضًا إذَا كَثُرَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَلَكِنْ يُقَالُ دِينَ الْمَلِكُ فَهُوَ مَدِينٌ إذَا دَانَ النَّاسُ لَهُ، وَيُقَالُ ادَّانَ الرَّجُلُ مُشَدَّدُ الدَّالِ إذَا أَخَذَ بِالدَّيْنِ فَهُوَ مُدَانٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ فِي دَيْنٍ يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ) أَيْ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: تَعَلُّقُ وُجُوبِ كُلِّ حَوْلٍ مَرَّ فِيهِ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>