للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا وَدُودًا وَلُودًا وَيُعْرَفُ فِي الْبِكْرِ بِأَقَارِبِهَا، وَوَافِرَةُ الْعَقْلِ وَحَسَنَةُ الْخُلُقِ وَكَذَا بَالِغَةٌ وَفَاقِدَةُ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَحَسْنَاءُ وَالْمُرَادُ بِالْجَمَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوَصْفُ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ نَعَمْ تُكْرَهُ ذَاتُ الْجَمَالِ الْمُفْرِطِ؛ لِأَنَّهَا تَزْهُو بِهِ وَتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا أَعْيُنُ الْفَجَرَةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَحْمَدُ: مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ وَخَفِيفَةُ الْمَهْرِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ، قِيلَ الشُّقْرَةُ بَيَاضٌ نَاصِعٌ يُخَالِطُهُ نُقَطٌ فِي الْوَجْهِ لَوْنُهَا غَيْرُ لَوْنِهِ، وَلَا ذَاتَ مُطَلَّقٍ لَهَا إلَيْهِ رَغْبَةٌ أَوْ عَكْسُهُ وَلَا فِي حِلِّهَا لَهُ خِلَافٌ كَأَنْ زَنَى أَوْ تَمَتَّعَ بِأُمِّهَا أَوْ بِهَا فَرْعُهُ أَوْ أَصْلُهُ أَوْ شَكٌّ بِنَحْوِ رِضَاعٍ.

وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الدَّيْلَمِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ «النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الشَّهْبَرَةِ الزَّرْقَاءِ الْبَذِيَّةِ، وَاللَّهْبَرَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَهْزُولَةِ، وَالنَّهْبَرَةِ الْقَصِيرَةِ الذَّمِيمَةِ، أَوْ الْعَجُوزِ الْمُدْبِرَةِ» .

وَالْهَنْدَرَةِ: الْعَجُوزُ الْمُدَبَّرَةِ أَوْ الْمُكْثِرَةِ لِلْهَذْرِ: أَيْ الْكَلَامِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَوْ الْقَصِيرَةِ الذَّمِيمَةِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ تِلْكَ الصِّفَاتُ فَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا ثُمَّ الْعَقْلُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ثُمَّ النَّسَبُ ثُمَّ الْبَكَارَةُ ثُمَّ الْوِلَادَةُ ثُمَّ الْجَمَالُ ثُمَّ مَا الْمَصْلَحَةُ فِيهِ أَظْهَرُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ.

وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ، وَأَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، وَأَنْ يَعْقِدَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ جَمْعٍ وَأَوَّلَ النَّهَارِ.

(وَإِذَا) (قَصَدَ نِكَاحَهَا) وَرَجَا الْإِجَابَةَ رَجَاءً ظَاهِرًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ الْمُجَوِّزِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِخُلُوِّهَا عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ كَوْنُهُ كَالتَّعْرِيضِ، فَإِطْلَاقُ الْحُرْمَةِ حَيْثُ كَانَ بِإِذْنِهَا أَوْ مَعَ عِلْمِهَا بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِنْ دَيِّنَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا وَدُودًا) أَيْ مُتَحَبِّبَةٌ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَحَسْنَاءَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: أَيْ بِحَسَبِ طَبْعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِفَّةُ، وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا سَلِمَتْ ذَاتُ جَمَالٍ قَطُّ) أَيْ مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ تَطَلُّعِ فَاجِرٍ إلَيْهَا أَوْ تَقَوُّلِهِ عَلَيْهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى امْرَأَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْهَا تَوَهُّمُ حُصُولِ وَلَدٍ مِنْهَا وَاحْتِيَاجُهُ لِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِالزَّوْجَةِ السُّرِّيَّةِ) أَيْ حَتَّى فِي النَّسَبِ فَتُقَدَّمُ الْإِسْرَائِيلِيَّة عَلَى غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ الْعَجُوزُ الْمُدَبَّرَةُ) أَيْ الَّتِي تَغَيَّرَتْ أَحْوَالُهَا (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَقْدِيمُ ذَاتِ الدِّينِ مُطْلَقًا) أَيْ جَمِيلَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوِلَادَةِ) فِي حَجّ تَقْدِيمُ الْوِلَادَةِ عَلَى شَرَفِ النِّسَاءِ (قَوْلُهُ: بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ) قَالَ حَجّ: تَنْبِيهٌ كَمَا يُسَنُّ تَحَرِّي هَذِهِ الصِّفَاتِ فِيهَا يُسَنُّ لَهَا وَلِوَلِيِّهَا تَحَرِّيهَا فِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ا. هـ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ «لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ» وَبِهَذَا الْحَدِيثِ رُدَّ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا تَحْكِيهِ بَعْضُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ، وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنْ الْإِشَالَةِ وَالرَّفْعِ اهـ.

وَصَحَّ التَّرْغِيبُ فِي صَفَرٍ أَيْضًا.

رَوَى الزُّهْرِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَ ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ عَلِيًّا فِي شَهْرِ صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ» اهـ بَهْنَسِيٌّ.

وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي شَوَّالٍ: أَيْ حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنْ وُجِدَ سَبَبٌ لِلنِّكَاحِ فِي غَيْرٍ فَعَلَهُ

(قَوْلُهُ: تُحَرِّمُ التَّعْرِيضِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشِّهَابُ سم بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْحُكْمِ مِنْ أَصْلِ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَصْلَحَةٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكٌّ) عَطْفٌ عَلَى خِلَافٍ

(قَوْلُهُ: وَعِدَّةٍ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ وَإِلَّا فَغَايَةُ النَّظَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَعِدَّةٌ تُحَرِّمُ التَّعْرِيضَ كَالرَّجْعِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ تُحَرِّمْهُ جَازَ النَّظَرُ وَإِنْ عُلِمَتْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ كَالتَّعْرِيضِ قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>