وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ السَّيِّدُ عَنْهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إيذَائِهِ، إذْ هِيَ فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ حُرْمَتُهُ مُطْلَقًا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى إعْرَاضِ السَّيِّدِ عَنْهَا وَمَحَبَّتِهِ لِتَزْوِيجِهَا، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا عَلَيْهِ، بَلْ مُجَرَّدُ عِلْمِهِ بِامْتِدَادِ نَظَرِ غَيْرِهِ لَهَا مَعَ سُؤَالِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ إيذَاءٌ لَهُ أَيُّ إيذَاءٍ وَإِنْ فُرِضَ الْأَمْنُ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ انْتِفَاءَ سَائِرِ الْمَوَانِعِ مُرَادٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَبِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا عَدَمُ وُرُودِ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَيْهِ يَحْرُمُ عَلَى ذِي أَرْبَعٍ الْخِطْبَةُ: أَيْ لِقِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ، وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ اهـ.
وَلَمْ يَرَ الْبُلْقِينِيُّ ذَلِكَ فَبَحَثَ الْحِلَّ إذَا كَانَ قَصْدُهُ أَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ أَبَانَ وَاحِدَةً، وَكَذَا فِي نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَالْأَوْجَهُ حِلُّ خِطْبَةِ صَغِيرَةٍ ثَيِّبٍ، أَوْ بِكْرٍ لَا مُجْبِرَ لَهَا خِلَافًا لِمَنْ بَحَثَ خِلَافَهُ، إلَّا إنْ أَرَادَ إيقَاعَ عَقْدٍ فَاسِدٍ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُمْنَعُ كَوْنُ ذَلِكَ خِطْبَةً لِعَدَمِ الْمُجِيبِ لَهَا، وَيَحِلُّ خِطْبَةُ نَحْوِ مَجُوسِيَّةٍ لِيَنْكِحَهَا إذَا أَسْلَمَتْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تَحِلُّ عَدَمَ نَدْبِهَا وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: تُسَنُّ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاحْتَجَّا لَهُ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُمَا بِأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ، قَالَ: لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُهَا إذَا أَوْجَبْنَا النِّكَاحَ وَهُوَ مُسْتَبْعَدٌ اهـ.
وَلَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَأَيَّدُ مَا نَقَلَاهُ بِتَصْرِيحِهِمْ بِكَرَاهَةِ خِطْبَةِ الْمُحْرِمِ مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ، لِأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَخْطُبْهَا لِيَنْكِحَهَا مَعَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي خِطْبَةِ الْحَلَالِ لِلْمُحْرِمَةِ وَفَارَقَتْ الْمُعْتَدَّةَ بِتَوَقُّفِ الِانْقِضَاءِ عَلَى إخْبَارِهَا الَّذِي قَدْ تَكُونُ كَاذِبَةً فِيهِ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مِنْهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا، وَقَدْ يُقَالُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا مُجَرَّدُ الِالْتِمَاسِ كَانَتْ حِينَئِذٍ وَسِيلَةً لِلنِّكَاحِ، فَلْيَكُنْ حُكْمُهَا حُكْمَهُ مِنْ نَدْبٍ وَغَيْرِهِ أَوْ الْكَيْفِيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْإِتْيَانِ لِأَوْلِيَائِهَا مَعَ الْخِطْبَةِ، فَهِيَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا، فَادِّعَاءُ أَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِلنِّكَاحِ وَأَنَّ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ مَمْنُوعٌ بِإِطْلَاقِهِ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّ الْوَسِيلَةِ عَلَيْهَا، إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا بِإِطْلَاقِهَا لِأَنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ بِدُونِهَا، وَخَرَجَ بِالْخَلِيَّةِ الزَّوْجَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمِنْهَا تَوَافُقُهُ مَعَهَا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ لِتَحِلَّ لَهُ فَيَحْرُمَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ حُرْمَتُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ خِطْبَةِ الْمُسْتَفْرَشَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ) أَيْ بَحْثُ الْحِلِّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ) قَدْ تُدْفَعُ هَذِهِ الْعِلَاوَةُ بِأَنَّ الْخِطْبَةَ هِيَ الْتِمَاسُ النِّكَاحِ وَقَدْ وُجِدَ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْإِجَابَةُ لِمَانِعٍ، إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِي مُسَمَّى الْخِطْبَةِ أَنَمَّا الْتِمَاسُ النِّكَاحِ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ يُقَالُ: يَكْفِي فِي مُسَمَّى الْخِطْبَةِ كَوْنُهُ مِمَّنْ تُعْتَبَرُ إجَابَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَالَ لَكِنْ يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ قَالَ الْمُؤَيَّدُ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَأَيَّدُ مَا نَقَلَاهُ) أَيْ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَةِ نِكَاحِهِ) أَيْ فَلَا يَتِمُّ أَنْ لِلْوَسَائِلِ حُكْمَ الْمَقَاصِدِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ الْمُحْرِمَةَ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ) مِنْ كَلَامِ م ر وَهُوَ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إنْ أُرِيدَ بِهَا)
[حاشية الرشيدي]
التُّحْفَةِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ وَهِيَ الْأَصْوَبُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هُنَا مَانِعًا هُوَ إفْسَادُهَا إلَخْ) هَلَّا كَانَ الْمَانِعُ عَدَمَ اسْتِبْرَائِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُرُودٍ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ أَوْ بِهَذَا يَتَّضِحُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ نَحْوِ أُخْتِ زَوْجَتِهِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ ابْنِ النَّقِيبِ كَمَا عُلِمَ مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ، فَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْ مِنْ الشَّارِحِ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَقِيَاسُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ الشِّهَابُ سم: يُمْكِنُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِغَيْرِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَا يَتَنَافَيَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ الْغَيْرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ التُّحْفَةِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ إذَا سَلِمَ كَوْنُهَا وَسِيلَةً، فَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ الشِّهَابُ سم مَا لَفْظُهُ: هَذَا لَا يَظْهَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْيِ الْبُعْدِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَوَقُّفِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِوُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: مَعَ الْخُطْبَةِ) أَيْ بِضَمِّ الْخَاءِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ الْخِطْبَةِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: إذْ النِّكَاحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute