للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْخَشْيَةَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ هُنَا إنَّمَا هِيَ خَشْيَةُ أَخْذِ الْغَيْرِ لَوْ قَصَدَ الْمَاءَ وَتَرَكَهُ لَا خَشْيَةَ ذَهَابِ رُوحِهِ بِالْعَطَشِ، وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمَجْمُوعِ.

(وَلَوْ) (تَيَقَّنَهُ) أَيْ وُجُودَ الْمَاءِ (آخِرَ الْوَقْتِ) مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ جَائِزًا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا كُلَّهَا وَطُهْرُهَا فِيهِ (فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ) مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ مُسْتَحَبٌّ وَالْوُضُوءَ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَرْضٌ فَثَوَابُهُ أَكْثَرُ.

وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّقْدِيمِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ، وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ هُنَا الْوُثُوقُ بِحُصُولِ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً لَا مَا يَنْتَفِي مَعَهُ احْتِمَالُ عَدَمِ الْحُصُولِ عَقْلًا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ كَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ أَصْحَابُنَا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الطَّلَبِ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَهُوَ فِيهَا فَاقِدٌ لِلْمَاءِ حِسًّا وَشَرْعًا.

وَقَدْ تُعْرَضُ عَوَارِضُ يَكُونُ التَّيَمُّمُ فِيهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي أَوَّلَ الْوَقْتِ بِسُتْرَةٍ وَلَوْ أَخَّرَ لَمْ يُصَلِّ بِهَا، أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَيَعْجَزُ عَنْهُ لَوْ أَخَّرَ

وَلَوْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ آخِرَ الْوَقْتِ (أَوْ ظَنَّهُ) بِأَنْ كَانَ وُجُودُهُ مُتَرَجِّحًا عِنْدَهُ آخَرَّهُ (فَتَعْجِيلُ التَّيَمُّمِ أَفْضَلُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ مُحَقَّقَةٌ بِخِلَافِ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ وَالثَّانِي التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَعَادَهَا آخِرَهُ مَعَ الْكَمَالِ فَهُوَ الْغَايَةُ فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ.

وَيُجَابُ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِأَنَّ الْفَرْضَ الْأُولَى وَلَمْ تَشْمَلْهَا فَضِيلَةُ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمَّا كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى كَانَتْ جَابِرَةً لِنَقْصِهَا.

لَا يُقَالُ: الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: مَحَلُّهُ فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ كَلَامِهِمْ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى إذَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي الْحَالَيْنِ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ.

أَمَّا لَوْ كَانَ إذَا قَدَّمَهَا صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ فِي جَمَاعَةٍ وَإِذَا أَخَّرَهَا لِلْوُضُوءِ انْفَرَدَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ.

أَمَّا إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ فَقْدُهُ أَوْ تَيَقَّنَهُ آخِرَ الْوَقْتِ فَالتَّعْجِيلُ أَفْضَلُ جَزْمًا، وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ صَلَّى الْوَقْتَ مُنْفَرِدًا وَأَخَّرَهُ فِي جَمَاعَةٍ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ فَحَشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَإِنْ خَفَّ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.

وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِ غَيْرِ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا فِيهَا عِنْدَ خَوْفِ فَوْتِ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ مُتَأَخِّرًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِإِدْرَاكِهَا، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَتِهَا فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ وَيَقِفَ فِي الصَّفِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يُحَصِّلُ الْمَاءَ بِلَا مَالٍ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ: أَيْ الْخَوْفَ (قَوْلُهُ: لَوْ قَصَدَ) أَيْ الْمَاءَ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ، وَيُفِيدُهُ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ كَلَامَيْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ الْمَارِّ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ الْوَقْتِ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَ التَّأْخِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ) هَذِهِ الصُّورَةُ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ ظَنَّهُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ آخِرُهُ) الْمُرَادُ بِالْآخِرِ مَا قَابَلَ الْأَوَّلَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ وَوَسَطِهِ، وَلَا بَيْنَ فُحْشِ التَّأْخِيرِ وَوُجُودِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَمَالِ) أَيْ مَعَ الْوُضُوءِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَلَوْ تَيَقَّنَّهُ آخِرَ الْوَقْتِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) هُوَ قَوْلُهُ وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ صَلَّى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَدْرَكَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا تَحْصُلُ مَعَهُ الْفَضِيلَةُ كَأَنْ أَدْرَكَهَا فِي صَفٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي أَمَامَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، أَوْ فِي صَفٍّ أَحْدَثُوهُ مَعَ نُقْصَانِ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الصُّفُوفِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ، وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ، تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الِاقْتِدَاءُ عَلَى وَجْهٍ تَحْصُلُ مَعَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَوْلَى) أَيْ الصَّفُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَقِرَاءَتُهَا) أَيْ مَعَ إدْرَاكِ رُكُوعِهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الِاخْتِصَاصَاتِ

(قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِ التَّيَمُّمِ جَائِزًا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّيَمُّمُ جَائِزًا لَهُ فِي أَثْنَائِهِ بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، فَإِنَّ الِانْتِظَارَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ كَمَا عُلِمَ مِنْ نَظِيرِهِ الْمَارِّ وَبِهِ صَرَّحَ الزِّيَادِيُّ

(قَوْلُهُ: أَوْ تَيَقَّنَهُ) أَيْ الْفَقْدَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) قَيْدٌ فِي الْوُجُوبِ، وَانْظُرْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ هَلْ الْأَفْضَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>