للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَنَّ إقْرَارَهَا لَا يُفِيدُهُ زَوْجِيَّةُ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَمُتْ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِلَّا صَارَتْ زَوْجَةً لِلثَّانِي وَتَعْتَدُّ لِلْأَوَّلِ عِدَّةَ وَفَاةٍ إنْ لَمْ يَطَأْهَا وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْهَا وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقَرَاء عِدَّةِ الْوَطْءِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِمَا غَرِمَتْهُ لَهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا غَرِمَتْهُ لِلْحَيْلُولَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَحْلِفْ يَمِينَ الرَّدِّ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُمَا مَعًا فَهُوَ لَغْوٌ فَيُقَالُ لَهَا إمَّا أَنْ تُقِرِّي أَوْ تَحْلِفِي.

(وَلَوْ) (تَوَلَّى) جَدٌّ طَرَفَيْ عَقْدٍ (فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ) الْبِكْرِ، أَوْ الْمَجْنُونَةِ كَمَا اشْتَرَطَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِهِ يُعْلَمُ اشْتِرَاطُ إجْبَارِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي بِنْتِ الِابْنِ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ (بِابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْأَبُ فِيهِمَا مَيِّتٌ، أَوْ سَاقِطُ الْوِلَايَةِ (صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ وَشَفَقَتِهِ دُونَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ لُزُومَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَجَوَازُ الْإِتْيَانِ بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا بِدُونِ الْوَاوِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ وَابْنِ مَعْنٍ، وَزَعَمَ أَنَّ الْجُمَلَ الْمُتَنَاسِبَةَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ عَاطِفٍ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ اتِّصَالِهَا، وَإِلَّا لَكَانَ الْكَلَامُ مَعَهَا مُفْلَتًا غَيْرَ مُلْتَئِمٍ مَرْدُودٌ بِأَنَّ هَذَا لِلْأَوْلَوِيَّةِ لَا لِلصِّحَّةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ خِطَابَ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ وَلِخَبَرِ «كُلُّ نِكَاحٍ لَا يَحْضُرُهُ أَرْبَعَةٌ فَهُوَ سِفَاحٌ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَلَا يَتَوَلَّاهُمَا غَيْرُ الْجَدِّ حَتَّى وَكِيلُهُ بِخِلَافِ وَكِيلِهِ أَوْ وَكِيلِهِ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا لِمَجْنُونٍ وَنَصِيبُ مَنْ يَقْبَلُ وَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ صَحَّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَفِي الْبَحْرِ لَوْ أَرَادَ الْحَاكِمُ تَزْوِيجَ مَجْنُونَةٍ بِمَجْنُونٍ فَلَا نَصَّ فِيهِ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ تُوَلِّيه الطَّرَفَيْنِ، وَلِلْعَمِّ تَزْوِيجُ ابْنَةِ أَخِيهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ، وَلِابْنِ الْعَمِّ تَزْوِيجُ ابْنَةِ عَمِّهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ الطَّرَفَيْنِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بِابْنِهِ الطِّفْلِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَيْسَ فِيهِ قُوَّةُ الْجُدُودَةِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ تَعَيُّنِ الصَّبْرِ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ، فَيُقْبَلُ بَلْ يَقْبَلُ لَهُ أَبُوهُ وَالْحَاكِمُ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ كَالْوَلِيِّ إذَا أَرَادَ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِي تَزْوِيجِ عَبْدِهِ بِأَمَتِهِ بِنَاءً عَلَى عَلَى عَدَمِ إجْبَارِهِ لَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

(وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ) مَثَلًا، إذْ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ (نَفْسَهُ) مِنْ مُوَلِّيَتِهِ الَّتِي لَا وَلِيَّ لَهَا أَقْرَبَ مِنْهُ لِاتِّهَامِهِ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْجَدِّ (بَلْ يُزَوِّجُهُ ابْنُ عَمٍّ فِي دَرَجَتِهِ) لِاشْتِرَاكِهِ مَعَهُ فِي الْوِلَايَةِ لَا أَبْعَدَ مِنْهُ لِحَجْبِهِ بِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) مَنْ فِي دَرَجَتِهِ (فَالْقَاضِي) لِبَلَدِهَا يُزَوِّجُهَا مِنْهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِفَقْدِ وَلِيِّهَا، وَفِي قَوْلِهَا لَهُ زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا بِهَذَا الْإِذْنِ، إذْ مَعْنَاهُ فَوِّضْ أَمْرِي إلَى مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ، بِخِلَافِ زَوِّجْنِي فَقَطْ أَوْ مِمَّنْ شِئْت لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَزْوِيجُهَا بِأَجْنَبِيٍّ.

(فَلَوْ) (أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) غَيْرُهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِمَحْجُورِهِ (زَوَّجَهُ مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْوُلَاةِ) وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ (أَوْ خَلِيفَتُهُ) لِأَنَّ حُكْمَهُ نَافِذٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيُغَرِّمُهَا مَهْرَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ إقْرَارَهَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَكَلَتْ وَرَدَّتْ الْيَمِينَ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اعْتَدَّتْ إلَخْ) وَالْقِيَاسُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَرِثُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَعْوَاهَا عَدَمَ زَوْجِيَّتِهِ وَمِنْ ثَمَّ سَلَّمَتْ لِلثَّانِي بِلَا عَقْدٍ عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا لَهُ (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تَقْوَى) أَيْ إقْرَارًا يُعْتَدُّ بِهِ بِأَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ) أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ لُزُومَ الْإِيجَابِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: فَهُوَ سِفَاحٌ) أَيْ زِنًا (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الْجَدَّ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ فَقَدْ حَضَرَ النِّكَاحَ أَرْبَعَةٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَلَّاهُمَا غَيْرُ الْجَدِّ) شَمِلَ الْحَاكِمَ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَفِي الْبَحْرِ لَوْ أَرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ.

(قَوْلُهُ إذْ مَعْنَاهُ فَوِّضْ أَمْرِي إلَخْ) أَيْ يُحْمَلُ لَفْظُهَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَعْنَاهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ) أَيْ الْخَلِيفَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَبْقَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ) أَيْ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ فَتُحْسَبُ الْأَقْرَاءُ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُقِرِّي) أَيْ إقْرَارًا مُعْتَبَرًا مُعَيَّنًا

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ مُسَامَحَةٌ لَا تَخْفَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>