للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِقَاءِ وَإِضْلَالُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا الْأَذْرَعِيِّ بَحْثًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالتَّقْصِيرِ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ مَاءً وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّ النِّسْيَانَ فِي الْأُولَى عُذْرٌ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا سَبُعٌ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الثَّانِيَةِ فِي الطَّلَبِ.

(وَلَوْ) (أَضَلَّ رَحْلَهُ فِي رِحَالٍ) لِظُلْمَةٍ وَنَحْوِهَا وَأَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ أَوْ ضَلَّ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ أَدْرَجَ مَاءً أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ فِي رَحْلِهِ بَعْدَ طَلَبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَا بِبِئْرٍ خَفِيَّةٍ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى (فَلَا) قَضَاءَ وَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِهِ فِي النِّسْيَانِ لِتَقَدُّمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَفِي الْإِضْلَالِ فِي رَحْلِهِ إذْ مُخَيَّمُ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَكَانَ أَبْعَدَ عَنْ التَّقْصِيرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَوْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُهُ كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ كَانَ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْ رَحْلِهِ لِعِلْمِهِ أَنْ لَا مَاءَ فِيهِ وَأَدْرَجَ فِيهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِتَقْصِيرِهِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ لِإِضْلَالِهِ عَنْ الْقَافِلَةِ أَوْ عَنْ الْمَاءِ أَوْ لِغَصْبِ مَائِهِ فَلَا إعَادَةَ قَطْعًا، وَخَتَمَ السَّبَبَ الْأَوَّلَ بِهَاتَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا بِآخِرِ الْبَابِ الْمَبْحُوثِ فِيهِ عَنْ الْقَضَاءِ أَنْسَبُ كَمَا يَظْهَرُ بِبَادِي الرَّأْيِ تَذْيِيلًا لِهَذَا الْمَبْحَثِ لِمُنَاسِبَتِهِمَا لَهُ وَإِفَادَتُهُمَا مَسَائِلَ حَسَنَةٍ فِي الطَّلَبِ، وَهِيَ أَنَّهُ يُعِيدُ مَعَ وُجُودِ التَّقْصِيرِ، وَأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ عُذْرًا مُقْتَضِيًا لِسُقُوطِهِ، وَأَنَّ الْإِضْلَالَ يُغْتَفَرُ تَارَةً وَلَا يُغْتَفَرُ أُخْرَى، فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الشُّرَّاحِ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ هَاتَيْنِ هُنَا وَوَضَحَ أَنَّهُمَا هُنَا أَنْسَبُ، وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ وَهَبَهُ فِيهِ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي أَوْ الْمُتَّهَبِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ لِلْعَجْزِ عَنْهُ شَرْعًا لِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِحَّةِ هِبَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ أَوْ دُيُونٌ فَوَهَبَ مَا يَمْلِكُهُ بِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَوْ وَرِثَ مَاءً) أَيْ أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ آلَةَ الِاسْتِقَاءِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَيْنِ) وَهُمَا النِّسْيَانُ وَالْإِضْلَالُ.

(قَوْلُهُ: كَانَ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ) وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ اتَّسَعَ مُخَيَّمُ بَعْضِ الْفُقَرَاءِ وَضَاقَ مُخَيَّمُ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ هَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ فَمُخَيَّمُ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ إذَا ضَاقَ بِحَيْثُ تَسْهُلُ مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لِتَقْصِيرِهِ وَعَكْسِهِ بِعَكْسِهِ، لَكِنْ عَلَّلَ حَجّ بِذَلِكَ بِأَنَّ شَأْنَ مُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ أَوْ الْغَالِبَ فِيهِ أَنَّهُ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَلَمْ يُنْسَبْ هُنَا لِتَقْصِيرٍ أَلْبَتَّةَ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَا يَعْرِضُ مِنْ ضِيقِ مُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ وَلَا مِنْ اتِّسَاعِ مُخَيَّمِهِ، فَقِيَاسُ ذَلِكَ جَرَيَانُهُ فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ وَبَعْضِ الْفُقَرَاءِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ دَائِرًا مَعَ الِاتِّسَاعِ وَعَدَمِهِ بَلْ هُوَ دَائِرٌ مَعَ الشَّأْنِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَا بِبِئْرٍ خَفِيَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ مِنْ رَحْلِهِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ قَبْلُ بَعْدَ طَلَبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ: وَوَضَحَ أَنَّهُمَا هُنَا أَنْسَبُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مُنَاسِبَيْنِ لِهَذَا السَّبَبِ وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ سِيَّمَا وَقَدْ اشْتَمَلَ ذِكْرُهُمَا فِيهِ عَلَى فَوَائِدَ تَتَعَلَّقُ بِهِ كَانَ ذِكْرُهُمَا فِيهِ أَنْسَبَ (قَوْلُهُ أَوْ وَهَبَهُ فِيهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ صَحَّ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ إلَخْ مَا يُصَرِّحُ بِهِ، وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إشْكَالِهِ لِوُجُوبِ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَوْ عَطِلَتْ الْقَافِلَةُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الظَّاهِرُ الصِّحَّةُ فِيمَا زَادَ إذَا كَانَ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

لَا يُقَالُ: مِقْدَارُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْصُورًا فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمَاءِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، لِأَنَّا نَقُولُ: مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيه بِوَاسِطَةِ اسْتِعْمَالِهِ لِمِثْلِهِ سَابِقًا.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَائِعَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ.

وَوَجْهُ التَّأْيِيدِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِقْدَارُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ مَجْهُولًا لَمَا تَأَتَّى الْفَسْخُ فِيهِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ، وَبَيَّنَّهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ حَيْثُ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ بِأَنَّهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ) ذِكْرُ الْأُمَرَاءِ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ فَهِمَ مِنْهُ شَيْخُنَا التَّقْيِيدَ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ فِي حَاشِيَتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>