حِينَئِذٍ عَلَى مَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَامْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا بَلْ أَوْلَى لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِخِلَافِهِ (فَإِنْ وَطِئَ) مَنْكُوحَتَهُ الرَّشِيدَةَ الْمُخْتَارَةَ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ حَدٌّ قَطْعًا لِلشُّبْهَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَا مَهْرَ وَلَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ لُزُومِهِ ذِمَّتَهُ فِي الْبَاطِنِ ضَعِيفٌ، أَمَّا صَغِيرَةٌ أَوْ مُكْرَهَةٌ، أَوْ نَائِمَةٌ، أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ سَفِيهَةٌ فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ مِثْلُهَا إذْ لَا يَصِحُّ تَسْلِيطُهُنَّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَمُلَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَعَلِمَتْ بِسَفَهِهِ وَمَكَّنَتْهُ مُطَاوِعَةً لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا أَثَرُ قَوْلِ سَفِيهٍ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي مَثَلًا فَقَطَعَهَا حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يُؤَثِّرْ هُنَا لِأَنَّ الْبُضْعَ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ فَكَانَ إذْنُهَا فِي إتْلَافِهِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا، وَلِأَنَّ الْبُضْعَ مُقَوَّمٌ بِالْمَالِ شَرْعًا ابْتِدَاءً فَلَمْ يَكُنْ لِإِذْنِهَا مَعَ سَفَهِهَا مَدْخَلٌ فِيهِ، بِخِلَافِ قَطْعِ نَحْوِ الْيَدِ، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَالسَّفِيهَةِ فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا مَرْدُودٌ، إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ مَهْرُ (مِثْلٍ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْوَطْءُ عَنْ عُقْرٍ، أَوْ عُقُوبَةٍ (وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّ بِهِ يَنْدَفِعُ الْخُلُوِّ الْمَذْكُورِ.
(وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ صَحَّ نِكَاحُهُ) كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْفَلَسِ وَأَعَادَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَذِمَّتِهِ (وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ لَا فِيمَا مَعَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِهِ مَعَ إحْدَاثِهَا بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُتَجَدِّدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَهَا الْفَسْخُ بِإِعْسَارِهِ بِشَرْطِهِ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَخْيِيرِهَا حَالَةَ جَهْلِهَا مَرْدُودٌ، أَمَّا النِّكَاحُ السَّابِقُ عَلَى الْحَجْرِ فَمُؤَنُهُ فِيمَا مَعَهُ إلَى قِسْمَةِ مَالِهِ، أَوْ اسْتِغْنَائِهِ بِكَسْبٍ.
(وَنِكَاحُ عَبْدٍ) وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا وَمُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ كَافِرًا (بَاطِلٌ) لِلْحَجَرِ عَلَيْهِ، وَلِلْحَجَرِ الصَّحِيحِ «أَيُّمَا مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَوَجْهُهُ نُدْرَةُ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَهِلَتْ سَفَهَهُ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَمُلَتْ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُرَاجَعْ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ (قَوْلُهُ قَطْعًا لِلشُّبْهَةِ) هُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ النِّكَاحِ أَمَّا إذَا عَلِمَهُ، فَيَنْبَغِي أَنَّهُ زَانٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، لَكِنْ إطْلَاقُ قَوْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَخْ يُفِيدُ نَفْيَ الْحَدِّ وَلَوْ مَعَ الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَالْإِمَامِ مَالِكٍ يَقُولُ بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَيُثْبِتُ لِوَلِيِّهِ الْخِيَارَ وَهَذَا مُوجِبٌ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ، عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ عِنْدَنَا فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ (قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْهُ مُطَاوِعَةً) أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهَا تَمْكِينٌ قَبْلُ وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَقَرَّ لَهَا الْمَهْرُ بِالْوَطْءِ السَّابِقِ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي الثَّانِي لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَطْعِ نَحْوِ الْيَدِ) أَيْ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِصَاصُ أَوَّلًا وَالْمَالُ إنْ وَجَبَ فِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ) أَيْ بِفَسَادِ النِّكَاحِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ ظَنَّتْ صِحَّتَهُ فَالْوَجْه مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مَهْرُ مِثْلٍ) جَرَيَانُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ جَهِلَتْ سَفَهَهُ أَوْ عَلِمَتْهُ وَظَنَّتْ صِحَّةَ النِّكَاحِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، أَمَّا مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَفِي جَرَيَانِهِمَا نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهَا زَانِيَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ لَمْ تُرَاعِ الشُّبْهَةَ السَّابِقَةَ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا (قَوْلُهُ عَنْ عُقْرٍ) أَيْ مَهْرٍ، وَقَوْلُهُ، أَوْ عُقُوبَةٍ: أَيْ حَدٍّ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْمُتَجَدِّدِ) أَيْ فَإِنَّ حُدُوثَهُ قَهْرِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْوَطْءِ الْإِحْبَالُ وَمُؤَنُهُ فِي مَالِهِ حَتَّى يُقْسَمَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَهْرِ عَدَمُ الْوَطْءِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَامْرَأَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهَا تُحَكِّمُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ سم، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ مَعَ عَدَمِ التَّحْكِيمِ، أَمَّا مَعَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَهُوَ حِينَئِذٍ كَمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَكَّنَتْهُ) لَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ الْمَذْكُورُ: لَكِنْ لَوْ جَهِلَتْ فَسَادَ النِّكَاحِ وَاعْتَقَدَتْ وُجُوبَ التَّمْكِينِ فَفِيهِ نَظَرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute