للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ، وَالثَّانِي لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ (وَ) ثَالِثُهَا (أَنْ يَخَافَ) وَلَوْ خَصِيًّا (زِنًا) بِأَنْ يَتَوَقَّعُهُ لَا عَلَى وَجْهِ النُّدُورِ بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ تَقْوَاهُ، بِخِلَافِ مَنْ غَلَبَتْ تَقْوَاهُ، أَوْ مُرُوءَتُهُ الْمَانِعَةُ مِنْهُ، أَوْ اعْتَدَلَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٥] أَيْ الزِّنَا، وَأَصْلُهُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ، سَمَّى بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ، أَوْ الْعَذَابِ، وَالْمُرَاعَى عِنْدَنَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عُمُومُهُ، فَلَوْ خَافَهُ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ سَوَاءٌ أَوَجَدَ الطَّوْلَ أَمْ لَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: إذَا كَانَ وَاجِدًا لَهُ رَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الْوَجْهَ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِهِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِعِشْقِهِ لِأَنَّهُ دَاءٌ تُهَيِّجُهُ الْبَطَالَةُ وَإِطَالَةُ الْفِكْرِ، وَكَمْ مِمَّنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَزَالَ عَنْهُ وَلِاسْتِحَالَةِ زِنَا الْمَجْبُوبِ دُونَ مُقَدِّمَاتِهِ مِنْهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ نَظَرٌ، لِلْأَوَّلِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِنِّينُ

وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي جَوَازُهُ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ رِقِّ الْوَلَدِ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْآيَةِ وَهُوَ أَمْنُ الْعَنَتِ، وَلِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ مَا ذَكَرَهُ بِالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ قَطْعًا، وَلَا نَظَرَ إلَى طُرُوءِ الْبُلُوغِ وَتَوَقُّعِ الْحَبَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا لَا نَظَرَ إلَى طُرُوءِ الْيَسَارِ فِي حَقِّ نَاكِحِ الْأَمَةِ وَبِنِكَاحِ الْأَمَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَبِمَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَعْتِقُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ أَوْ وَهُوَ مُجْتَنٌّ كَمَا لَوْ نَكَحَ جَارِيَةَ ابْنِهِ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَجْنُونَ بِالنُّونِ لَا يُزَوَّجُ أَمَةً، وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُهُ إذَا أَعْسَرَ وَخِيفَ عَلَيْهِ الْعَنَتُ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً غَيْرَ صَالِحَةٍ كَصَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ وَرَتْقَاءَ، وَقَرْنَاءَ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ بِهِ الْعَنَتَ (فَلَوْ) كَانَ مَعَهُ مَالٌ لَا يَقْدِرُ بِهِ عَلَى حُرَّةٍ (وَأَمْكَنَهُ تَسَرٍّ) بِشِرَاءِ صَالِحَةٍ لِاسْتِمْتَاعٍ بِهِ بِأَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا فَاضِلًا عَمَّا مَرَّ وَحِينَئِذٍ (فَلَا خَوْفَ) عَلَيْهِ مِنْ الزِّنَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَمْنِهِ الْعَنَتَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِإِرْقَاقِ وَلَدِهِ وَلِلثَّانِي تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّهَا دُونَ الْحُرَّةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ لَا الْخَوْفُ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ (وَ) رَابِعُهَا (إسْلَامُهَا) وَيَجُوزُ جَرُّهُ فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] وَلِاجْتِمَاعِ نَقْصِ الْكُفْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْوَطْءِ وَهِيَ أَوْضَحُ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ فَتَحِلُّ الْأَمَةُ (قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ، أَوْ الْعَذَابِ) عَبَّرَ بِأَوْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَمَنْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَا يُعَذَّبُ فِي الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عُمُومُهُ) أَيْ الْخَوْفِ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَلِاسْتِحَالَةِ زِنَا الْمَجْبُوبِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ فِي الْمَجْبُوبِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ الْعِنِّينِ) وَفِي نُسْخَةٍ: حَيْثُ أَمِنَ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا اهـ.

أَقُولُ: بِهَذَا الْقَيْدِ سَاوَى السَّلِيمَ فَلَا حَاجَةَ لِذَكَرِهِ مَعَ الْمَجْبُوبِ، نَعَمْ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَعَ الْخَصِيِّ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ بِشَرْطِهِ، وَهِيَ وَاضِحَةٌ لِلتَّسْوِيَةِ فِيهَا بَيْنَ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالسَّلِيمِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوْجَهَ جَوَازُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَرَتْقَاءَ وَقُرَنَاءَ) أَيْ وَمُتَحَيِّرَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ: صَالِحَةٌ لِلِاسْتِمْتَاعِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ بِالْمَنْظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا خَوْفَ) فِي حَجّ إسْقَاطُ قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ جَرُّهُ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ شُرُوطِ اهـ سم عَلَى حَجّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِحَالَةٍ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْأَوَّلِ) أَيْ اسْتِحَالَةِ الزِّنَا مِنْهُ: أَيْ وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ بِجَوَازِ الْأَمَةِ لَهُ نَظَرًا لِلثَّانِي وَهُوَ تَأَتِّي الْمُقَدَّمَاتِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْقَاضِي إلَخْ) تَقَدَّمَ لَهُ الْجَزْمُ بِهَذَا (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ هَذَا هُنَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ جَوَابِ الشَّرْطِ، فَكَانَ الْأَصْوَبُ مَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَا خَوْفَ مَعَ إسْقَاطِ الْوَاوِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَرُّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَنْ لَا يَكُونَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَّا بِشُرُوطٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ.

كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ.

فَالْجَرُّ هُنَا عَلَى الْأَوَّلِ وَالرَّفْعُ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>