بِهِ كَلَامُهُمْ (لَمْ يُقَرَّ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ وَكَانَ مُقِرًّا بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَمْ يُقَرَّ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ انْتَقَلَ عَقِبَ بُلُوغِهِ إلَى مَا يُقَرُّ عَلَيْهِ يُقَرُّ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ اعْتِقَادَهُ بَلْ الْوَاقِعَ وَهُوَ الِانْتِقَالُ إلَى الْبَاطِلِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ لِلْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ.
وَالثَّانِي يُقَرُّ لِتُسَاوِيهِمَا فِي التَّقْرِيرِ بِالْجِزْيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا خَالَفَ الْحَقَّ وَلَيْسَ كَالْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ لِأَنَّهُ تَرَكَ الدِّينَ الْحَقَّ (فَإِنْ كَانَتْ) الْمُنْتَقِلَةُ (امْرَأَةً) نَصْرَانِيَّةً تَهَوَّدَتْ، أَوْ عَكْسَهُ (لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ) لِأَنَّهَا لَمْ تُقَرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمُنْتَقِلَةُ (مَنْكُوحَتَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَمِثْلُهُ كَافِرٌ لَا يَرَى حِلَّ الْمُنْتَقِلَةِ (فَكَرَدَّةِ مُسْلِمَةٍ) فَتَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ لَمْ تُسْلِمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ فَنَقْتُلُهُ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ وَإِلَّا بَلَّغْنَاهُ مَأْمَنَهُ وَفَاءً بِأَمَانِهِ (وَفِي قَوْلٍ) لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ (أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ كَانَ مُقَرًّا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ أَحَدُهُمَا إذْ طَلَبُ الْكُفْرِ كُفْرٌ بَلْ أَنْ يُطَالَبَ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا فَإِنْ أَبَى وَرَجَعَ لِدِينِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ ذَلِكَ وَلَيْسَ فِيهِ طَلَبٌ لِلْكُفْرِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَمَا يُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ الْجِزْيَةِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَيُظْهِرُ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فِيمَا بَعْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ: أَيْ قَبْلَ الِانْتِقَالِ، أَمَّا لَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ جَاءَنَا قَبْلَ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ لِمَصْلَحَةٍ قَبُولُهَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ.
(وَلَوْ) (تَوَثَّنَ) كِتَابِيٌّ (لَمْ يُقَرَّ) لِمَا مَرَّ (وَفِيمَا يُقْبَلُ) مِنْهُ (الْقَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا تَعَيُّنُ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَبَى فَكَمَا مَرَّ (وَلَوْ تَهَوَّدَ وَثَنِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقَرَّ) لِذَلِكَ (وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ) فِي حَقِّهِ (كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ) وَلَمْ يَجُزْ هُنَا الْقَوْلَانِ لِأَنَّ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ أَدْوَنَ، فَإِنْ أَبَى فَكَمَا مَرَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَشَمَلَهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ.
(وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ لِأَحَدٍ) مُسْلِمٍ لِإِهْدَارِهَا وَكَافِرٍ لِعُلْقَةِ الْإِسْلَامِ وَمُرْتَدٍّ لِإِهْدَارِهِ أَيْضًا (وَلَوْ) (ارْتَدَّ الزَّوْجَانِ) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا) (قَبْلَ دُخُولٍ) أَيْ وَطْءٍ، أَوْ وُصُولِ مَنِيٍّ مُحْتَرَمٍ لِفَرْجِهَا (تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَتَأَكَّدْ (أَوْ) ارْتَدَّ أَوْ أَحَدُهُمَا (بَعْدَهُ وَقَفَتْ) الْفُرْقَةُ كَطَلَاقٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ (فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ النِّكَاحُ) بَيْنَهُمَا لِتَأَكُّدِهِ (وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) حَاصِلَةٌ (مِنْ) حِينِ (الرِّدَّةِ) مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَا يَنْفُذُ مَا ذُكِرَ (وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي) مُدَّةِ (التَّوَقُّفِ) لِتَزَلْزُلِ النِّكَاحِ بِإِشْرَافِهِ عَلَى الزَّوَالِ (وَلَا حَدَّ) فِيهِ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ لَهُ عِدَّةٌ.
نَعَمْ يُعَزَّرُ وَلَيْسَ لَهُ فِي زَمَنِ التَّوَقُّفِ نِكَاحُ نَحْوِ أُخْتِهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَكَافِرَةٌ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهِمَا فَقَالَ لِلْمُسْلِمَةِ ارْتَدَّتْ وَلِلذِّمِّيَّةِ أَسْلَمَتْ فَأَنْكَرَتَا ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا بِزَعْمِهِ إذْ إنْكَارُ الذِّمِّيَّةِ الْإِسْلَامَ فِي حُكْمِ الرِّدَّةِ عَلَى زَعْمِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وُقِفَ النِّكَاحُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
صَابِئَةِ النَّصَارَى اهـ مَنْهَجٌ.
(قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَنَقْتُلُهُ إنْ ظَفِرْنَا بِهِ) أَيْ يَجُوزُ لِمَا قَبْلَهُ وَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَيْهِ وَأَسْرُهُ وَالْمَنُّ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ.
وَهَذَا فِي الذَّكَرِ، وَقِيَاسُهُ فِي الْمَرْأَةِ أَنَّهَا لَا تُقْتَلُ وَلَكِنَّهَا تُرَقُّ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحَرْبِيَّاتِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلُ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا لَا تُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَ عَدَمُ قَتْلِهِمَا حَتَّى أَسْلَمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ قَتْلَهُمَا لِيَنْظُرَ هَلْ يَعُودُ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى فَكَمَا مَرَّ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ نَصُّهَا هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ قَتَلْنَاهُ كَالْمُرْتَدِّ، وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ كَمَا قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ قُتِلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَهَذَا وَاضِحٌ. اهـ.