الْمَعِيَّةُ بِآخِرِ اللَّفْظِ وَالْإِسْلَامُ بِالتَّبَعِيَّةِ كَهُوَ اسْتِقْلَالًا فِيمَا ذُكِرَ.
نَعَمْ لَوْ أَسْلَمَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً مَعَ أَبِي الطِّفْلِ، أَوْ الْمَجْنُونِ قَبْلَ نَحْوِ الْوَطْءِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ خِلَافًا لِآخَرِينَ وَوَجْهُهُ الْبُلْقِينِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ بِعَدَمِ مُقَارَنَةِ إسْلَامِهِ لِإِسْلَامِهَا، أَمَّا الْمَعِيَّةُ فَلِأَنَّ إسْلَامَهُ إنَّمَا يَقَعُ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَهُوَ عَقِبَ إسْلَامِهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعَ مَعْلُولِهَا لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِإِسْلَامٍ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا.
وَأَمَّا فِي التَّرْتِيبِ فَلِأَنَّ إسْلَامَهَا قَوْلِيٌّ وَإِسْلَامَهُ حُكْمِيٌّ وَهُوَ أَسْرَعُ فَيَكُونُ إسْلَامُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى إسْلَامِهَا وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي إسْلَامِ أَبِيهَا مَعَهُ (وَحَيْثُ أَدْمَنَا) النِّكَاحَ (لَا يَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ الْوَاقِعِ فِي الْكُفْرِ (لِمُفْسِدٍ) مِنْ مُفْسِدَاتِ النِّكَاحِ (هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَمَّا أُلْغِيَ اعْتِبَارُهَا حَالَ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَصَارَ رُخْصَةً لِكَوْنِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَسْلَمُوا وَأَقَرَّهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ وَأَمَرَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَنْ يَخْتَارَ إحْدَاهُمَا، وَعَلَى عَشْرٍ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا وَجَبَ اعْتِبَارُهَا حَالَ الْتِزَامِ أَحْكَامِنَا بِالْإِسْلَامِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَقْدُ عَنْ شَرْطِهِ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا وَيَكْفِي الْحِلُّ فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ، فَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ وَانْقِطَاعَهُ فَلَا تَقْرِيرَ بَلْ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ (وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ وَإِنْ بَقِيَ الْمُفْسِدُ) الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِسْلَامِ بِحَيْثُ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَقْتَهُ كَنِكَاحٍ مَحْرَمٍ وَمُلَاعَنَةٍ وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا قَبْلَ تَحْلِيلٍ (فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا) لِامْتِنَاعِ ابْتِدَائِهِ حِينَئِذٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ (فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ) ، أَوْ مَعَ إكْرَاهٍ، أَوْ نَحْوِهِ لِحِلِّ نِكَاحِهَا الْآنَ فَالضَّابِطُ أَنْ تَكُونَ الْآنَ بِحَيْثُ يَحِلُّ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا مَعَ تَقَدُّمِ مَا تُسَمَّى بِهِ زَوْجَةً عِنْدَهُمْ.
(وَفِي عِدَّةٍ) لِلْغَيْرِ سِوَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَغَيْرِهَا (هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ) بِخِلَافِهَا إذَا بَقِيَتْ لِمَا تَقَرَّرَ (وَ) يُقَرُّ عَلَى غَصْبِ حَرْبِيٍّ، أَوْ ذِمِّيٍّ لِحَرْبِيَّةٍ إنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا لَا عَلَى ذِمِّيٍّ ذِمِّيَّةً وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ غَصْبَهَا نِكَاحًا فَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ، إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ وَعَلَى نِكَاحٍ (مُؤَقَّتٍ إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا) إلْغَاءٌ لِذِكْرِ الْمُؤَقَّتِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوهُ مُؤَقَّتًا فَإِنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَعْدَهَا فِي مُعْتَقَدِهِمْ وَقَبْلَهَا يَعْتَقِدُونَهُ مُؤَقَّتًا وَمِثْلُهُ لَا يَحِلُّ ابْتِدَاؤُهُ، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَالتَّفْصِيلِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَفِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ بَيْنَ بَقَاءِ الْمُدَّةِ وَالْعِدَّةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْإِسْلَامُ وَهِيَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَبِي الطِّفْلِ) أَيْ، أَوْ عَقِبَ إسْلَامِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا فِي التَّرْتِيبِ إلَخْ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ حَجّ: وَيَبْطُلُ إنْ أَسْلَمَتْ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَعْلُولِهَا) أَيْ كَائِنَةٌ مَعَ مَعْلُولِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ دَفْعُ مَا يُقَالُ إسْلَامُ الْأَبِ عِلَّةٌ لِإِسْلَامِ الزَّوْجِ فَيَكُونُ مُقَارِنًا لَهُ لِأَنَّهُ مَعْلُولٌ لِإِسْلَامِ الْأَبِ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ إسْلَامُ الزَّوْجِ مُقَارِنًا لِإِسْلَامِ الْمَرْأَةِ فَيَدُومُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الْحِلُّ) هُوَ مُتَّصِلٌ مَعْنًى بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِامْتِنَاعِ ابْتِدَائِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِرُّونَ عَلَيْهِ) بَقِيَ الْمُعَاهَدُ وَالْمُؤَمَّنُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْحَرْبِيِّ لِأَنَّ الْحِرَابَةِ فِيهِمَا مُتَأَصِّلَةٌ وَأَمَانُهُمَا مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ فَكَانَ لَا أَمَانَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ.
[حاشية الرشيدي]
شُمُولُ الْكِتَابِيِّ عِنْدَ إطْلَاقِهِ لِغَيْرِ الْكِتَابِيِّ فَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَبِي الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ) كَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لَفْظُ أَوْ عَقِبَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا فِي التَّرْتِيبِ إلَخْ وَالْحُكْمُ هَكَذَا مَنْقُولٌ عَنْ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: نَعَمْ إنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَ الْمُفْسِدِ الزَّائِلِ فَلَا تَقْرِيرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ) لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ الشِّهَابُ سم عَنْ شَيْخِهِ الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ لِئَلَّا يَرِدَ مَا لَوْ زَالَ الْمُفْسِدُ الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ طَرَأَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مُؤَبِّدُ التَّحْرِيمِ مِنْ رَضَاعٍ وَنَحْوِهِ فَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ وَكَانَتْ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute