للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا مَرَّ فِي التَّحْلِيلِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ بَقِيَ قَدْرُهَا وَعَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ بِهِ ضُرِبَتْ لَهُ الْمُدَّةُ الْآتِيَةُ كَالْعِنِّينِ

(ثَبَتَ) لِمَنْ كَرِهَ مِنْهُمَا ذَلِكَ

(الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا يَأْتِي، فَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ بِذَلِكَ وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَة الْأَوَّل لِ، وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَيْهِ فِي الْخَاصِّينَ بِهِ وَقِيَاسًا أَوْلَوِيًّا فِي الْكُلِّ عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ هَذِهِ مَعَ أَنَّ الْفَائِتَ ثَمَّ مَالِيَّةٌ يَسِيرَةٌ وَهُنَا الْمَقْصِدُ الْأَعْظَمُ الْجِمَاعُ أَوْ التَّمَتُّعُ لَا سِيَّمَا وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ يُعْدِيَانِ الْمُعَاشِرَ وَالْوَلَدَ أَوْ نَسْلَهُ كَثِيرًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأُمِّ فِي مَوْضِعٍ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَطِبَّاءِ وَالْمُجَرِّبِينَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يُنَافِيه خَبَرُ «لَا عَدْوَى» لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِاعْتِقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ نِسْبَةَ الْفِعْلِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَوُقُوعُهُ بِفِعْلِهِ جَلَّ وَعَلَا، وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ خَبَرُ «فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ» وَأَكَلَ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَارَةً وَتَارَةً لَمْ يُصَافِحْهُ بَيَانًا لَسَعَةِ الْأَمْرِ عَلَى الْأُمَّةِ مِنْ الْفِرَارِ وَالتَّوَكُّلِ، وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ غَيْرُهَا كَالْعِذْيَوْطِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُهْمَلِ وَسُكُونِ ثَانِيه الْمُعْجَمِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّهَا، وَيُقَالُ عَذْوَطَ كَعَتْوَرَ وَهُوَ فِيهِمَا مَنْ يُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَفِيهِ مَنْ يُنْزِلُ قَبْلَ الْإِيلَاجِ فَلَا خِيَارَ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَسُكُوتُهُمَا فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ الْمَأْيُوسَ مِنْهُ زَوَالُهُ وَلَا يُمْكِنُ مَعَهُ الْجِمَاعُ فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ طُرُقِ الْعُنَّةِ فَلَيْسَ قِسْمًا خَارِجًا عَنْهَا، وَنَقَلَهُمَا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَةَ الْعَيْنُ كَذَلِكَ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَسَيَأْتِي الْفَسْخُ بِالرِّقِّ وَالْإِعْسَارِ، وَلَوْ وَجَدَهَا ضَيِّقَةَ الْمَنْفَذِ بِحَيْثُ لَا يُفْضِيهَا كُلُّ وَاطِئٍ فَهِيَ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الدِّيَاتِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَذَّرَ دُخُولُ ذَكَرٍ مِنْ بَدَنِهِ كَبَدَنِهَا نَحَافَةً وَضِدَّهَا فَرْجَهَا، وَكَذَا يُقَالُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمْ كَمَا تَتَخَيَّرُ هِيَ بِكِبَرِ آلَتِهِ بِحَيْثُ يُفْضِي كُلَّ مَوْطُوءَةٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ صَغُرَتْ حَشَفَتُهُ جِدًّا وَكَانَ الْبَاقِي قَدْرَهَا دُونَ الْمُعْتَدِلَةِ فَلَا خِيَارَ، وَبَقِيَ مَا لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ مَعَ انْتِشَارِهِ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَ الْحَشَفَةِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقَدْرِهَا مَعَ وُجُودِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي (قَوْلُهُ ثَبَتَ لِمَنْ كَرِهَ) عِبَارَةُ حَجّ: ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْكَارِهِ مِنْهُمَا الْجَاهِلُ بِالْعَيْبِ أَوْ الْعِلْمِ بِهِ إذَا انْتَقَلَ لِأَفْحَشَ مِنْهُ مَنْظَرًا كَانَ بِالْيَدِ فَانْتَقَلَ لِلْوَجْهِ لَا لِلْيَدِ الْأُخْرَى اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عُمَرَ، وَقَوْلُهُ وَعَوَّلَ: أَيْ اعْتَمَدَ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ: أَيْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَاصِّينَ بِهِ) وَهُمَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ (قَوْلُهُ: بِدُونِ هَذِهِ) أَيْ بِعُيُوبٍ دُونَ هَذِهِ (قَوْلُهُ: كَالْعِذْيَوْطِ) وَيُقَالُ الْعِظْيَوْطُ وَالْعِضْيَوْطُ بِضَادِ مُعْجَمَةٍ أَوْ ظَاءٍ مُشَالَةٍ مُعْجَمَةٍ بَدَلَ الذَّالِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَعِتْوَرٌ: أَيْ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ كَدِرْهَمٍ وَادٍ اهـ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ الْمَرَضُ الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ الْقَائِمُ بِالزَّوْجِ مِنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ لَهُ كِبَرٌ فِي الْأُنْثَيَيْنِ بِحَيْثُ تَغَطَّى الذَّكَرُ بِهِمَا وَصَارَ الْبَوْلُ يَخْرُج مِنْ بَيْنِ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَيَثْبُتُ لِزَوْجَتِهِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَطْءٌ لِأَنَّ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِالْعُنَّةِ وَذَلِكَ حَيْثُ أَيِسَ مِنْ زَوَالِ كِبَرِهِمَا بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ بَلْ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عَدْلٍ، وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ إنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبِّ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مُطْلَقًا لَكَانَ مُحْتَمِلًا لِأَنَّ هَذَا الْمَرَضَ يَمْنَعُ مِنْ احْتِمَالِ الْوَطْءِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْبُرْءُ مُمْكِنًا فِي نَفْسِهِ الْتَحَقَ بِالْعُنَّةِ، بِخِلَافِ الْجَبِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ عَوْدُ الذَّكَرِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: فِي مَعْنَى الْعُنَّةِ) أَيْ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَلَوْ أَصَابَهَا مَرَضٌ يَمْنَعُ مِنْ الْجِمَاعِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلْحَاقًا لِمَرَضِهَا بِالرَّتْقِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْخِيَارِ بَلْ قَدْ يَفْهَمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي فِي الِاسْتِحَاضَةِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهَا (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَةَ الْعَيْنَ كَذَلِكَ) أَيْ يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ (قَوْله: كَبَدَنِهَا نَحَافَةً)

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهَذِهِ الْخَمْسَةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى حِدَتِهِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَتَخَيَّرُ بِخَمْسَةٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَذَّرَ دُخُولُ ذَكَرٍ مِنْ بَدَنِهِ كَبَدَنِهَا إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَفُضَّهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: كَمَا تَتَخَيَّرُ بِكِبَرِ آلَتِهِ بِحَيْثُ يَفُضُّ كُلَّ مَوْطُوءَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>