للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ لِأَنَّ الْعُنَّةَ هُنَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا تَحَقَّقَتْ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعَدَمِ الْوَطْءِ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لِلِاجْتِهَادِ، بِخِلَافِ الْإِعْسَارِ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ كُلَّ وَقْتٍ فَاحْتَاجَ لِلنَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فَلَمْ تُمَكَّنْ مِنْ الْفَسْخِ بِهِ

(وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ حُبِسَتْ فِي الْمُدَّةِ) جَمِيعِهَا

(لَمْ تُحْسَبْ) الْمُدَّةُ إذْ لَا أَثَرَ لَهَا حِينَئِذٍ فَتَسْتَأْنِفُ سَنَةً أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ بِذَلِكَ لَهُ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي حَبْسِهِ وَمَرَضِهِ وَسَفَرِهِ كُرْهًا عَدَمَ حُسْبَانِهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَخَرَجَ بِجَمِيعِهَا: فَلَا يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ بَلْ تَنْتَظِرُ الْفَصْلَ الَّذِي وَقَعَ لَهَا ذَلِكَ فِيهِ فَتَكُونُ مَعَهُ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِيمَا سِوَاهُ، وَلَوْ كَانَ الِانْعِزَالُ عَنْهُ يَوْمًا مَثَلًا فَالْقِيَاسُ قَضَاءُ مِثْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا جَمِيعَ الْفَصْلِ وَلَا أَيَّ يَوْمٍ مِنْهُ

(وَلَوْ رَضِيَتْ بَعْدَهَا) أَيْ السَّنَةِ

(بِهِ) أَيْ الْمُقَامِ مَعَ الزَّوْجِ

(بَطَل حَقُّهَا) مِنْ الْفَسْخِ لِرِضَاهَا بِالْعَيْبِ مَعَ كَوْنِهِ خَصْلَةً وَاحِدَةً وَالضَّرَرُ لَا يَتَجَدَّدُ، وَبِهِ فَارَقَ الْإِيلَاءَ وَالْإِعْسَارَ وَانْهِدَامَ الدَّارِ فِي الْإِجَارَةِ وَخَرَجَ بِبُعْدِهَا رِضَاهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ قَبْلَ ثُبُوتِهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا بَعْدَ رِضَاهَا بِهِ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَوْ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا لَمْ يَعُدْ حَقُّ الْفَسْخِ لِاتِّحَادِ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا لِكَوْنِهِ نِكَاحًا غَيْرَ الْأَوَّلِ

(قَوْله وَكَذَا لَوْ أَجَّلَتْهُ) زَمَنًا آخَرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ

(عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ الْفَوْرُ وَالتَّأْجِيلُ مُفَوِّتٌ لَهُ، وَبِهِ فَارَقَ إمْهَالَ الدَّائِنِ بَعْدَ الْحُلُولِ لِأَنَّ حَقَّ طَلَبِ الدَّيْنِ عَلَى التَّرَاخِي.

وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ لِإِحْسَانِهَا بِالتَّأْجِيلِ وَلَا يَلْزَمُهَا فَلَهَا الْفَسْخُ مَتَى شَاءَتْ.

(وَلَوْ) (نَكَحَ وَشَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (فِيهَا إسْلَامٌ) أَوْ فِيهِ إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَ كِتَابِيَّةٍ (أَوْ فِي أَحَدِهِمَا نَسَبٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا) مِنْ الصِّفَاتِ الْكَامِلَةِ كَبَكَارَةٍ أَوْ النَّاقِصَةِ كَثُيُوبَةٍ أَوْ الَّتِي لَا وَلَا كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَبْيَضَ مَثَلًا (فَأَخْلَفَ) الْمَشْرُوطَ وَقَدْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا إذَا بَانَ قِنًّا وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ وَالزَّوْجُ تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ إذَا بَانَتْ قِنَّةً وَالْكَافِرَةُ كِتَابِيَّةٌ يَحِلُّ نِكَاحُهَا

(فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّ الْخُلْفَ فِي الشَّرْطِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ مَعَ تَأْثِيرِهِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى.

وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ فَتُبَدِّلُهَا كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ، أَمَّا خُلْفُ الْعَيْنِ كَزَوِّجْنِي مِنْ زَيْدٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَمْرٍو فَيَبْطُلُ جَزْمًا

(ثُمَّ) إذَا صَحَّ

(إنْ بَانَ) الْمَوْصُوفُ فِي غَيْرِ الْمَعِيبِ لِمَا مَرَّ فِيهِ مِثْلُ مَا شَرَطَ أَوْ

(خَيْرًا مِمَّا شَرَطَ) كَإِسْلَامٍ وَبَكَارَةٍ وَحُرِّيَّةٍ بَدَلَ أَضْدَادِهَا صَحَّ النِّكَاحُ، وَحِينَئِذٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْتَظِرُ الْفَصْلَ) أَيْ مِنْ السَّنَةِ الْأُخْرَى.

قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ لِاسْتِئْنَافٍ أَيْضًا لِأَنَّ ذَاتَ الْفَصْلِ إنَّمَا يَأْتِي مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى.

قَالَ: فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ انْعِزَالُهَا عَنْهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ مِنْ قَابِلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِئْنَافِ اهـ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي دُبُرِهَا.

(قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ تَزَوُّجَ كِتَابِيَّةٍ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ تَزَوُّجَ مُسْلِمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْإِسْلَامِ إذْ الْكَافِرُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ وَغَيْرُ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ الْكَافِرَاتِ لَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ لَهَا (قَوْلُهُ: كَثُيُوبَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَتْ كَوْنَهُ بِكْرًا فَبَانَ ثَيِّبًا ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَبْيَضَ مَثَلًا) هَلْ مِثْلُهُ الْكُحْلُ وَالدَّعَجُ وَالسِّمَنُ وَغَيْرُهَا مِمَّا ذُكِرَ فِي السِّلْمِ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُقْصَدُ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّمَتُّعُ، وَلَا كَذَلِكَ الرَّقِيقُ لِمَا مَرَّ فِي السِّلْمِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْخِدْمَةُ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لَمَّا ذُكِرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ) أَيْ وَالْحَالُ (قَوْلُهُ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَمْرٍو) مُرَادُهُ بِذَلِكَ أَنَّ عَيْبَ النِّكَاحِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِوَضْعِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ حَتَّى لَوْ شَرَطَ فِيهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ حُرَّةٌ) سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ) تَقْدِيرُ هَذَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَصِيرُ حَاصِلُ الْمَتْنِ مَعَ الشَّرْحِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، ثُمَّ إنْ بَانَ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَ صَحَّ النِّكَاحُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.

الثَّانِي أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَحْدَهُ يُنْتِجُهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، فَيُفْهَمُ أَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>