دُونَ سَيِّدِهَا
(فِي فَسْخِ النِّكَاحِ) أَوْ تَحْتَ حُرٍّ فَلَا إجْمَاعًا فِي الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ «بَرِيرَةَ عَتَقَتْ تَحْتَ مُغِيثٍ وَكَانَ قِنًّا كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ فَخَيَّرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفِرَاقِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِتَضَرُّرِهَا بِهِ عَارًا وَنَفَقَةً وَغَيْرَهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ وَأُلْحِقَ بِالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الرِّقِّ عَلَيْهِ، وَلَوْ عَتَقَا مَعًا وَعَتَقَ الزَّوْجُ بَعْدَهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا الْفَسْخَ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَوْ فَسَخَتْ بِنَاءً عَلَى بَقَاءِ رَقِّهِ فَبَانَ خِلَافُهُ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْفَسْخِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ عَتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مَرَضِ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِمَهْرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِفَسْخِهَا فَيَضِيقُ الثُّلُثُ فَلَا تَعْتِقُ كُلُّهَا فَلَا تَتَخَيَّرُ وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى رَفْعِ حَاكِمٍ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الْخِيَارُ
(عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ فَيُعْتَبَرُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي الشُّفْعَةِ كَمَا سَبَقَ آنِفًا.
وَالثَّانِي يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ فَتَتَرَوَّى فِيهَا.
وَقِيلَ يَبْقَى مَا لَمْ يَمَسَّهَا مُخْتَارَةً أَوْ تُصَرِّحُ بِإِسْقَاطِهِ.
نَعَمْ غَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ تُؤَخَّرُ جَزْمًا لِكَمَالِهَا لِتَعَذُّرِهِ مِنْ وَلِيِّهَا وَالْعَتِيقَةُ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَهَا انْتِظَارُ بَيْنُونَتِهَا لِتَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ الْفَسْخِ
(فَإِنْ قَالَتْ) بَعْدَ أَنْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ وَقَدْ أَرَادَتْهُ
(جَهِلَتْ الْعِتْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ) جَهْلُهَا بِهِ عَادَةً بِأَنْ لَمْ يَكْذِبْهَا بِهِ ظَاهِرَ الْحَالِ
(بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا) عَنْ مَحَلِّهَا وَقْتَ الْعِتْقِ لِعُذْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهَا ظَاهِرُ الْحَالِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي بَيْتِهِ، وَلَا قَرِينَةَ عَلَى خَوْفِهِ ضَرَرًا مِنْ إظْهَارِ عِتْقِهَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا تُصَدَّقُ بَلْ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا
(وَكَذَا إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ) أَيْ الْعِتْقِ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا
(فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى عَلَى غَالِبِ النَّاسِ وَلَا يَعْرِفُهُ سِوَى الْخَوَاصِّ.
وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيُبْطِلُ خِيَارَهَا.
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدَ احْتِمَالِ صِدْقِهَا وَكَذِبِهَا.
أَمَّا مَنْ عَلِمَ صِدْقَهَا كَالْعَجَمِيَّةِ فَقَوْلُهَا مَقْبُولٌ قَطْعًا أَوْ كَذِبُهَا بِأَنْ كَانَتْ تُخَالِطُ الْفُقَهَاءَ وَتَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُمْ.
فَغَيْرُ مَقْبُولٍ قَطْعًا، وَلَوْ عَلِمَتْ أَصْلَ الْخِيَارِ وَادَّعَتْ جَهْلَهَا بِفَوْرِيَّتِهِ صُدِّقْت بِيَمِينِهَا كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْعَيْبِ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ قَدِيمَةَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لَا لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَشْكَلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَعَلَى هَذِهِ أَوْلَى.
(فَإِنْ) (فُسِخَتْ) مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقِ النِّكَاحِ
(قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ) وَلَا مُتْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهَا مِنْهُ
(أَوْ) فُسِخَتْ
(بَعْدَهُ) أَيْ الْوَطْءِ
(بِعِتْقٍ بَعْدَهُ وَجَبَ الْمُسَمَّى) لِاسْتِقْرَارِهِ بِهِ
(أَوْ) فَسَخَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ بِعِتْقٍ
(قَبْلَهُ) أَوْ مَعَهُ بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ عِتْقَهَا إلَّا بَعْدَ التَّمْكِينِ مِنْ وَطْئِهَا
(فَمَهْرُ مِثْلٍ) لِاسْتِنَادِ الْفَسْخِ إلَى وَقْتِ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ السَّابِقُ لِلْوَطْءِ فَصَارَ كَالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ
(وَقِيلَ) يَجِبُ
(الْمُسَمَّى) لِتَقَرُّرِهِ بِالْوَطْءِ وَمَا وَجَبَ مِنْهُمَا لِلسَّيِّدِ لِوُقُوعِ الْوَطْءِ الْمُوجِبِ لَهُمَا الْمُسْتَنِدِ لِلْعَقْدِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُرَدُّ بِأَنَّ اسْتِنَادَ الْفَسْخِ لِوَقْتِ الْعِتْقِ وَإِنْ أَوْجَبَ وُقُوعَ الْوَطْءِ وَهِيَ حُرَّةٌ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ وَقَدْ وَقَعَ فِي مِلْكِهِ.
(وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ) لِبَقَاءِ أَحْكَامِ الرِّقِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلِعَدَمِ تَعْيِيرِهِ بِهَا فِي الثَّالِثِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالْعَبْدِ الْمُبَعَّضُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَمَسَّهَا) أَيْ يَطَأَهَا (قَوْلُهُ: تُؤَخَّرُ جَزْمًا) أَيْ وَتَعَذَّرَ فِي التَّأْخِيرِ فَتَفَسَّخَ بَعْدِ الْكَمَالِ إنْ شَاءَتْ (قَوْلُهُ: لَهَا انْتِظَارُ بَيْنُونَتِهَا) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا بِذَلِكَ فَإِنْ رَاجَعَهَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ عَقِبَهَا (قَوْلُهُ: أَشْكَلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ) أَيْ حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا وَجَبَ مِنْهُمَا) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِ الْوَطْءِ) أَيْ بِسَبَبِ وُقُوعِ إلَخْ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .