بِالْوَلَدِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا فِي آخَرِ زَمَنٍ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ.
قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ ذَلِكَ يَقِينٌ وَمَا قَبْلَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
قَالَ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْحَامِلِ الْمَبْتُوتَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا قَبْلَ زَمَنِ الْعُلُوقِ، وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى قِيمَتِهَا مِنْ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا إلَى زَمَنِ الْعُلُوقِ.
أَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ
(مَعَ مَهْرٍ) بِشَرْطِهِ السَّابِقِ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرَكَةَ وَوَجَبَا لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا فَالْمَهْرُ لِلْإِيلَاجِ وَالْقِيمَةُ لِلِاسْتِيلَادِ
(لَا قِيمَةَ وَلَدٍ) فَلَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ
(فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ قِيمَةَ أُمِّهِ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْهَا فَانْدَرَجَ فِيهَا وَلِأَنَّهُ انْعَقَدَ فِي مِلْكِهِ وَلِأَنَّ قِيمَتَهُ إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَذَلِكَ وَاقِعٌ فِي مِلْكِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعَالِيلِ عَدَمِ لُزُومِ قِيمَةِ الْوَلَدِ لُزُومُهَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَتَى حَكَمْنَا بِالِانْتِقَالِ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيه، وَيَحْصُلُ مِلْكُهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يَقْتَضِيه تَرْجِيحُهُمْ عَدَمَ وُجُوبِ قِيمَةِ الْوَالِدِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْعُلُوقِ لِتَحَقُّقِ الصَّيْرُورَةِ حِينَئِذٍ.
(وَعَلَيْهِ نِكَاحُهَا) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَصْلِ الْحُرِّ مِنْ النَّسَبِ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ إعْفَافُهُ لِأَنَّ قُوَّةَ شُبْهَتِهِ فِي مَالِهِ اسْتِحْقَاقُهُ الْإِعْفَافَ عَلَيْهِ صَيَّرَتْهُ كَالشَّرِيكِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى أَصْلِ قِنٍّ كَأَمَةِ أَصْلٍ عَلَى فَرْعٍ وَأَمَةِ فَرْعِ رَضَاعٍ عَلَى أَصْلٍ قَطْعًا.
(فَلَوْ) (مَلَكَ زَوْجَةَ وَالِدِهِ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) حَالَ مِلْكِ الْوَلَدِ وَكَانَ نَكَحَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ
(لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.
وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَرْتَفِعْ نِكَاحُ أَمَةٍ بِطُرُوِّ يَسَارٍ وَتَزَوَّجَ حُرَّةً.
أَمَّا إذَا حَلَّتْ لَهُ حِينَئِذٍ لِكَوْنِهِ قِنًّا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ الْوَلَدُ مُعْسِرًا لَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ مِلْكِ الِابْنِ قَطْعًا، فَقَوْلٌ الْإِسْنَوِيِّ وَمِنْ تَبِعَهُ كَالشَّارِحِ لَا فَائِدَةَ لِهَذَا التَّقْيِيدِ مَرْدُودٌ بِمَا قَرَّرْنَاهُ.
وَالثَّانِي يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا الْأَبُ لِمَا لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمَلِكِ بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَغَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا) وَهَلْ يَجِبُ مَعَ ذَلِكَ مَهْرٌ وَإِنْ سَبَقَهُ الْإِنْزَالُ فِي الْوَطْأَةِ الْأُولَى وَاحْتَمَلَ كَوْنُ الْعُلُوقِ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وَطْءِ مِلْكِ غَيْرِهِ وُجُوبُ الْمَهْرِ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِيَقِينٍ، لَكِنْ قَدْ يُعَارِضُهُ مَا مَرَّ عَنْ حَجّ بِالْهَامِشِ مِنْ أَنَّ الْأَبَ امْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ خُرُوجَهُ عَنْ هَذَا الْخَاصِّ وَقَوْلُهُ يُمْكِنُ عُلُوقُهَا بِهِ فِيهِ شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَكْثَرَ وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْقِيَمِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ عَدَمُ الِانْتِقَالِ عَنْ مِلْكِ الْفَرْعِ فَاسْتَصْحَبَ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا) أَيْ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُهُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُحْبِلْهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرَكَةَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ الْمَهْرِ وَالْقِيمَةِ وَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا يَنْفُذُ الِاسْتِيلَادُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ، وَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ الرَّوْضِ عَنْ سم أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُبَعَّضًا (قَوْلُهُ: وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ) أَيْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ مِنْ النَّسَبِ) صِلَةُ الْأَصْلِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: اسْتِحْقَاقَهُ) مَفْعُولُ شُبْهَةٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ النِّكَاحُ.
(قَوْلُهُ بِمَا قَرَّرْنَاهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ مِلْكُهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ) وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَارِّ فِي الْمَتْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ لَكِنْ فِي سِيَاقَةِ قَلَاقَةٌ شَدِيدَةٌ فَلْتُرَاجَعْ عِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ إعْفَافُهُ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْوَلَدِ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي وُجُوبِ الْإِعْفَافِ
(قَوْلُهُ: الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) يَعْنِي أَمَةَ ابْنِهِ.