وَلَوْ قَالَ لَا أُسْلِمُهَا لِلزَّوْجِ إلَّا نَهَارًا لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومَهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ لَا يَأْوِي إلَى أَهْلِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ إذْ نَهَارُهُ كَلَيْلِ غَيْرِهِ فَامْتِنَاعُهُ عِنَادٌ، فَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ أُسْلِمُهَا لَيْلًا عَلَى عَادَةِ النَّاسِ الْغَالِبَةِ وَطَلَبَ زَوْجُهَا ذَلِكَ نَهَارًا لِرَاحَتِهِ فِيهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ إجَابَةُ الزَّوْجِ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يُبْدِلَ عِمَادَ السُّكُونِ الْغَالِبِ وَهُوَ اللَّيْلُ بِالنَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ لِلْأَذْرَعِيِّ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الْأُمَّةِ لَيْلًا وَنَهَارًا حَيْثُ كَانَتْ لَا كَسْبَ لَهَا وَلَا خِدْمَةَ فِيهَا لِزَمَانَةٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ خَبَلٍ أَوْ غَيْرِهَا، إذْ لَا وَجْهَ لِحَبْسِهَا عِنْدَ السَّيِّدِ بِلَا فَائِدَةٍ.
(وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِهَا) وَإِنْ تَضَمَّنَ الْخَلْوَةَ بِهَا وفَوَّتَ التَّمَتُّعَ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهَا وَمَنْفَعَتِهَا فَيُقَدِّمُ حَقَّهُ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهَا مُنْفَرِدًا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَيْلُولَةِ الْقَوِيَّةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَيِّدِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ كَانَتْ مُكْتَرَاةً أَوْ مَرْهُونَةً أَوْ مُكَاتَبَةً كِتَابَةً صَحِيحَةً لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهَا الْمُسَافَرَةَ بِهَا إلَّا بِرِضَا الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَكَاتِبِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ كَالْمَرْهُونَةِ، إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ السَّيِّدُ الْفِدَاءَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي سَفَرِ السَّيِّدِ بِعَبْدِهِ الْمُزَوِّجِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ
(وَلِلزَّوْجِ صُحْبَتُهَا) فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَلَا يُلْزَمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَهْرِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا إنْ لَمْ يُسَافِرْ مَعَهَا، لَكِنَّ مَحَلَّهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ إذَا سَلَّمَهُ ظَانًّا وُجُوبَ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ.
(وَالْمَذْهَبُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولِ سَقَطَ مَهْرُهَا) الْوَاجِبَ لَهُ لِتَفْوِيتِهِ مَحَلَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَتَفْوِيتُهَا كَتَفْوِيتِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَمْ خَطَأً أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ حَتَّى فِي وُقُوعِهَا فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا عُدْوَانًا
(وَأَنَّ الْحُرَّةَ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَاتَتْ فَلَا) يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ
(كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بَعْدَ دُخُولٍ) وَفِي الْأَنْوَارِ لَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ زَوْجَ الْأَمَةِ أَوْ قَتَلَتْهُ الْأَمَةُ سَقَطَ مَهْرُهَا، وَلَوْ قَتَلَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَا ذَكَرَ فِي قَتْلِ الْحُرَّةِ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهَا عَكْسُ الْمَنْصُوصِ السَّابِقِ فِي قَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُرَّةَ كَالْمُسْلَمَةِ إلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ إذْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَشْهُرُهُمَا فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ أَرْجَحُهُمَا الْمَنْصُوصُ فِيهِمَا وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْمَنْصُوصِ فِيهِمَا وَفِي وَجْهٍ أَنَّ قَتْلَ الْأَمَةِ نَفْسَهَا لَا يُسْقِطُ الْمَهْرُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ الْمُسْتَحِقَّةَ لَهُ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الزَّوْجَ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ لُزُومَهَا) أَيْ الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يَأْوِي إلَى أَهْلِهِ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: إجَابَةُ الزَّوْجِ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: فَإِنْ كَانَتْ حِرْفَةُ الزَّوْجِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ وَالْأَتُونِيّ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ تَسْلِيمُهُ لَهُ نَهَارًا إلَّا إنْ كَانَتْ حِرْفَةُ السَّيِّدِ لَيْلًا أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ انْتَهَى.
وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَكَذَا أَيْ الْمُجَابُ الزَّوْجُ لَوْ كَانَ مَحَلَّ رَاحَةِ الزَّوْجِ النَّهَارُ لِكَوْنِهِ حَارِسًا مَثَلًا وَمَحَلَّ اسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ النَّهَارُ أَيْضًا فَطَلَبَ الزَّوْجُ تَسْلِيمَهَا نَهَارًا وَجَبَ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَرَّطَ نَفْسَهُ بِتَزْوِيجِهَا اهـ.
وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ الْمُجَابُ الزَّوْجُ فَالْغَرَضُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ إلَخْ التَّنْظِيرَ فِي الْحُكْمِ لَا الْقِيَاسِ.
(قَوْله لَا يَجُوزُ لَهُ الْمُسَافَرَةُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَسَافَرَ بِهَا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ ضَمَانَ الْغُصُوبِ لِأَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِالسَّفَرِ بِلَا إذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَإِلَّا اشْتَرَطَ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُلْزَمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا صَحِبَهَا مَا لَمْ تُسَلِّمْ لَهُ فِي السَّفَرِ عَلَى الْعَادَةِ.
(قَوْلُهُ أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْقَتْلِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا) أَيْ لِأَنَّ التَّفْوِيتَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا يَتَرَتَّبْ عَلَى قَتْلِهَا لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ لِعِلْمِهِ مِنْ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَفِي وَجْهٍ)
ــ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .