للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الصِّدْقِ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِهِ، وَيُرَادِفُهُ الْمَهْرُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ

(تُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ) " لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْلُ نِكَاحًا مِنْهُ " وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوَاحِقُهُ وَذَلِكَ يَقُومُ بِالزَّوْجَيْنِ فَهُمَا كَالرُّكْنِ.

نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ فِي الْجَدِيدِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ، كَذَا فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْعَزِيزِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَالرَّوْضَةُ أَنَّ الْجَدِيدَ الِاسْتِحْبَابُ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ فِي الْعَقْدِ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِضَّةً خَالِصَةً لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُجَوِّزُ أَقَلَّ مِنْهَا وَتَرَكَ الْمُغَالَاةَ فِيهِ، وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ. أَصْدِقَةُ أَزْوَاجِهِ مَا سِوَى أُمِّ حَبِيبَةَ وَبَنَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ الْفِضَّةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(وَيَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَسْمِيَتِهِ إجْمَاعًا لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا.

نَعَمْ لَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَرَضِيَتْ رَشِيدَةٌ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ وَجَبَتْ تَسْمِيَتُهُ، أَوْ كَانَتْ مَحْجُورَةً أَوْ مَمْلُوكَةً لِمَحْجُورٍ وَرَضِيَ الزَّوْجُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَجَبَتْ تَسْمِيَتُهُ.

(وَمَا صَحَّ مَبِيعًا) بِأَنْ وُجِدَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ السَّابِقَةُ

(صَحَّ صَدَاقًا) فَتَلْغُو تَسْمِيَةُ غَيْرِ مُتَمَوِّلٍ وَمَا لَا يُقَابَلُ بِمُتَوَلٍّ كَنَوَاةٍ وَتَرْكِ شُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَتَسْمِيَةِ جَوْهَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ لِمَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ لِصِحَّةِ بَيْعِهَا أَوْ دَيْنٍ عَلَى غَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكِتَابِ، فَعَلَى مُقَابِلِهِ الْأَصَحُّ يَجُوزُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَدَاقًا لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِمَا يَذْكُرُ فِي الْعَقْدِ فَلَا يَشْمَلُ مَا وَجَبَ بِتَفْوِيتِ الْبُضْعِ قَهْرًا وَمَا وَجَبَ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَيُرَادِفُهُ) أَيْ الصَّدَاقُ (قَوْلُهُ: نِكَاحُ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا) أَيْ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ فَهُمَا كَالرُّكْنِ) أَيْ وَالرُّكْنُ مَتَى وُجِدَ وُجِدَتْ مَاهِيَّةُ الشَّيْءِ فَعَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ لَا يُنَافِي وُجُودَ الْمَاهِيَّةِ بِدُونِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ بِالرُّكْنِيَّةِ ذَاتَ الزَّوْجِ مِنْ حَيْثُ هِيَ بَلْ مِنْ حَيْثُ اتِّصَافُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالصِّيغَةِ جُعِلَتْ رُكْنًا أَيْضًا كَالزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُهُ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) وَهِيَ تُسَاوَى الْآنَ نَحْوَ خَمْسِينَ نِصْفِ فِضَّةٍ (قَوْله مَا سِوَى أُمِّ حَبِيبَةٍ) وَأَمَّا صَدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ. اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَبَنَاتِهِ) عَطْفٌ عَلَى أَزْوَاجِهِ (قَوْلُهُ: لَا تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ) أَيْ بِأَنْ تُشَدِّدُوا عَلَى الْأَزْوَاجِ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ) أَيْ هَذِهِ الْخَصْلَةُ (قَوْلُهُ وَجَبَ تَسْمِيَتُهُ) أَيْ فَلَوْ خَالَفَ أَثِمَ وَصَحَّ الْعَقْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ تَسْمِيَتُهُ) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُسَمِّ أَثِمَ وَصَحَّ كَالَّتِي قَبْلَهَا.

(قَوْلُهُ: وَدَيْنٌ عَلَى غَيْرِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ قَطْعًا، وَفِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ يَرُدُّ الدَّيْنَ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صَدَاقًا عَمِيرَةُ اهـ: أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَصِحُّ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى إلَخْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ يَرُدُّ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْلُ الدَّيْنِ الَّذِي لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا صَدَاقًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لَمْ يُخْلِ نِكَاحًا مِنْهُ) أَيْ وَأَمَّا الْوَاهِبَةُ نَفْسُهَا فَلَمْ يُوَقِّعْ لَهَا نِكَاحًا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ) عِبَارَةُ الْقُوتِ: وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَظْهَرُ مِنْ النِّكَاحِ الِاسْتِمْتَاعُ فَكَانَ رُكْنَهُ الزَّوْجَانِ دُونَ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْهَا) لَعَلَّهُ إذَا ذَكَرَ الْمَهْرَ فِي الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي حِكَايَةُ إجْمَاعٍ عَلَى جَوَازِ إخْلَاءِ الْعَقْدِ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>