وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تَرِثَهُ أَوْ يَرِثَهَا أَوْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ وَإِنْ صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ.
وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي شَرْطِ نَفْيِ الْإِرْثِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْخَادِمِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ، فَلَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً عَلَى أَنْ لَا يَرِثَهَا، فَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ الْمَانِعُ قَائِمًا صَحَّ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَبَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى النِّكَاحِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَوْجَهُ الصِّحَّةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَانِعِ، وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ تَنْزِيلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ.
(وَلَوْ) (نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ) وَاحِدٍ كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِنَّ جَدُّهُنَّ أَوْ مُعْتِقُهُنَّ أَوْ وَكِيلُ أَوْلِيَائِهِنَّ
(فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُنَّ حَالًّا مَعَ اخْتِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَيْهِ بِقِنٍّ صَحَّ بِالْمُسَمَّى
(وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ) وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُوَزَّعُ عَلَى مَهْرِ أَمْثَالِهِنَّ.
(وَلَوْ) (نَكَحَ وَلِيُّ أَبٍ أَوْ جَدٍّ لِطِفْلٍ) أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ (بِفَرْقِ مَهْرِ مِثْلٍ) بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا يَلِيقُ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ مَبْحَثِ نِكَاحِ السَّفِيهِ وَغَيْرِهِ
(أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا) لَهُ بِمُوَحَّدَةٍ فَنُونٍ كَمَا هُوَ بِخَطِّهِ
(لَا) بِمَعْنَى غَيْرٍ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الْعَطْفِ بِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ لَا طَهُورَ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا بِصُورَةِ الْحَرْفِ
(رَشِيدَةً) كَمَجْنُونَةٍ وَبِكْرٍ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ
(أَوْ) أَنْكَحَ بِنْتًا لَهُ (رَشِيدَةً) بِكْرًا بِلَا إذْنٍ مِنْهَا لَهُ فِي النَّقْصِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (بِدُونِهِ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ
(فَسَدَ الْمُسَمَّى) لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ الْمُشْتَرَطِ فِي تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ بِالزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى وَالنَّقْصِ فِيمَا بَعْدَهَا.
أَمَّا مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَيَصِحُّ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ فِي إفْسَادِهِ إضْرَارًا بِالِابْنِ بِإِلْزَامِهِ بِكَمَالِ الْمَهْرِ مِنْ مَالِهِ، وَلِظُهُورِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى تَضْمِينِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ.
وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ التَّرْكِيبُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ لَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ هُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا نَحْوَ {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨] {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: ٣٥] مَرْدُودٌ لِأَنَّ شَرْطَ لَا الْوَاجِبِ تَكْرَارُهَا أَنْ لَا تَكُونَ بِمَعْنَى غَيْرٍ كَمَا اقْتَضَاهُ جَعْلُهُمْ الَّتِي يَجِبُ تَكْرَارُهَا غَيْرَ الَّتِي بِمَعْنَى غَيْرٍ حَيْثُ قَالُوا فِي الْأُولَى شَرْطُهَا أَنْ يَلِيَهَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ صَدْرُهَا مَعْرِفَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ وَلَمْ تَعْمَلْ فِيهَا أَوْ فِعْلٌ مَاضٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا وَقَالُوا قَدْ تَرِدُ اسْمًا بِمَعْنَى غَيْرٍ نَحْوُ {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٣] {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: ٦٨] فَأَفْهَمَ هَذَا أَنَّ لَا الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الْمُعْتَرِضُ فِي الْآيَةِ لَيْسَتْ مِمَّا يَجِبُ تَكْرِيرُهُ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى غَيْرٍ فِيهَا، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَمَا ذَكَرَهُ اعْتِرَاضًا وَتَعْلِيلًا غَيْرَ صَحِيحٍ
(وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الصَّدَاقِ كَمَا مَرَّ، وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّتِهِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ إيجَابَ مَهْرِ الْمِثْلِ هُنَا تَدَارُكٌ لِمَا فَاتَ مِنْ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ.
وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ) وَهُوَ مَا أَخَلَّ بِمُقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ) هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي شَرْطِهِ عَدَمُ وَطْءِ الْقَرْنَاءِ.
(قَوْلُهُ صَحَّ بِالْمُسَمَّى) وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَسَخَ نِكَاحُ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ طَلُقَتْ وُزِّعَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَوْ كَانَ مَهْرُ الْبَاقِيَةِ عِشْرِينَ وَاَلَّتِي انْفَسَخَ نِكَاحُهَا عَشَرَةٌ سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ ثُلُثُ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ لِلْبَاقِيَةِ ثُلُثَاهُ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الْعَطْفِ) وَهُوَ أَنْ لَا يَصْدُقَ أَحَدُ مَعْطُوفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْله فَسَدَ الْمُسَمَّى) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ قَدْرًا، وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا وَيَنْقُصُ عَنْهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا إذَا كَانَ يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ كَمَا يَعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بِكْرًا فَلَا يَشْكُلُ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ الْبُطْلَانِ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ (قَوْله أَمَّا مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ فَيَصِحُّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَالُوا فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ الَّتِي يَجِبُ تَكْرَارُهَا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ.
ــ
[حاشية الرشيدي]
الشَّيْخَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْأُصُولِيِّينَ إنَّ الْفِعْلَ لَا عُمُومَ لَهُ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَخِ لَفْظُ مُطْلَقًا أَوْ نَحْوُهَا.