للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّبَرُّعِ.

أَمَّا إذْنُهَا فِي النِّكَاحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى التَّفْوِيضِ فَصَحِيحٌ.

(وَإِذَا جَرَى تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ) وَإِلَّا لِتَشَطَّرَ بِطَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءٍ، وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَ الْمُتْعَةِ.

وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ شَيْءٌ بِأَنَّهُ أَوْجَبَ شَيْئًا هُوَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ الْمَهْرَ أَوْ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْمَوْتِ، وَيَرِدُ بِمَا يَأْتِي مِنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ لَمْ يَجِبْ شَرْطٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ أَصْلًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لُزُومُ الْمَالِ بِطَارِئٍ فَرْضٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ مَوْتٍ فَوُجُوبٌ مُبْتَدَأٌ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ.

(فَإِنْ) (وَطِئَ) الْمُفَوَّضَةَ وَلَوْ مُخْتَارَةً (فَمَهْرُ مِثْلٍ) لَهَا لِأَنَّ الْبُضْعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمَرَّ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ أَنَّ الْحَرْبِيِّينَ لَا الذِّمِّيِّينَ لَوْ اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ مُطْلَقًا عَمِلْنَا بِهِ وَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ الْوَطْءِ لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِهِ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ بَاعَهَا لِآخَرَ ثُمَّ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا لِلْبَائِعِ

(وَيُعْتَبَرُ) مَهْرُ الْمِثْلِ: أَيْ صَدَاقُهَا

(بِحَالِ الْعَقْدِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْوُجُوبِ وَالثَّانِي بِحَالِ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَنَقَلَ الْأَوَّلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَكِنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْمُعْتَبَرِينَ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ، لِأَنَّ الْبُضْعَ لَمَّا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ إتْلَافٌ وَجَبَ الْأَقْصَى كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِيمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ أَيْضًا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، إذْ الْبُضْعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْمُقَرَّرُ وَهُوَ الْمَوْتُ فَكَانَ كَالْوَطْءِ.

(وَلَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِأَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرًا) لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا.

وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّا إنْ قُلْنَا يَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ بِالْعَقْدِ فَمَا مَعْنَى الْمُفَوَّضَةِ، وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ فَكَيْفَ تَطْلُبُ مَا لَمْ يَجِبْ لَهَا.

قَالَ: وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يُلْحِقَ مَا وُضِعَ عَلَى الْإِشْكَالِ بِمَا هُوَ بَيِّنٌ طَلَبَ مُسْتَحِيلًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُفَوَّضَةِ عَلَى الْأَوَّلِ جَوَازُ إخْلَاءِ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ عَنْ التَّسْمِيَةِ وَكَفَى بِدَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ فَائِدَةً وَمَعْنًى وَإِنَّمَا طَلَبَتْ ذَلِكَ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَالْعَقْدُ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ بِنَحْوِ الْفَرْضِ لَا أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنَهُمَا

(وَ) لَهَا أَيْضًا

(حَبْسُ نَفْسِهَا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِثَالٌ لِغَيْرِ الرَّشِيدَةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذْنُهَا) أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفَةِ لَا يَصِحُّ إذْنُهَا. [فَرْعٌ] قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: وَتَفْوِيضُ الْمَرِيضَةِ صَحِيحٌ إنْ صَحَّتْ، فَإِنْ مَاتَتْ وَأَجَازَ الْوَارِثُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ خَطِّ وَالِدِهِ اهـ.

أَقُولُ: وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ أَذِنَتْ أَنْ تُزَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَكُونُ مِنْ تَفْوِيضِ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ إجَازَةِ الْوَارِثِ وَعَدَمِهَا، بَلْ لَا مَعْنًى لَهُ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا تَبَرُّعَ فِيهِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَجَازَ الْوَارِثُ أَوْ رَدَّ (قَوْلُهُ: مِنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ) أَيْ مِنْ الْجَوَابِ عَنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهَا) أَيْ أَوْ بَاعَهُمَا مَعًا (قَوْله أَيْ صَدَاقُهَا) عِبَارَةٌ حَجّ: أَيْ صِفَاتُهَا الْمُرَاعَاةُ فِيهِ اهـ.

وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى جَعْلُهُ مُقَدَّرًا بَعْدَ الْجَارِ فِي قَوْمِهِ بِحَالِ الْعَقْدِ.

فَيَقُولُ وَتُعْتَبَرُ بِصِفَاتِهَا الْمُرَاعَاةُ حَالَ الْعَقْدِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَوْ صَدَاقُهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ) فِي الْأَخْذِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْعَقْدِ إتْلَافٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ حَجّ حَيْثُ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ) أَيْ إنْ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَهَا مُطَالَبَةُ الْوَلِيِّ فَيَقُومُ مَقَامَ الزَّوْجِ فِيمَا يَفْرِضُهُ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَفَى بِدَفْعِ الْإِثْمِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ عَدَمِ التَّفْوِيضِ أَثِمَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: أَمَّا إذْنُهَا فِي النِّكَاحِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّفْوِيضِ فَصَحِيحٌ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا أَذِنَتْ فِي النِّكَاحِ وَفَوَّضَتْ يَصِحُّ الْإِذْنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّكَاحِ لَا إلَى التَّفْوِيضِ (قَوْلُهُ: مِنْ إشْكَالِ الْإِمَامِ) يَعْنِي جَوَابَ إشْكَالِ الْإِمَامِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>