فِي الْقَسْمِ
وَقَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ إنَّهُ كَانَ تَبَرُّعًا مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: ٥١] الْآيَةَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَكِنْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَخَرَجَ بِ فِي الْحَضَرِ مَا لَوْ سَافَرَ وَحْدَهُ، وَنَكَحَ جَدِيدَةً فِي الطَّرِيقِ وَبَاتَ عِنْدَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُنَّ فِي سَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ وَلَا يَجِبُ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَيْلِ الْقَهْرِيِّ وَكَذَا فِي التَّبَرُّعَاتِ الْمَالِيَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ فِيهَا أَيْضًا (وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ أَوْ عَنْ الْوَاحِدَةِ) ابْتِدَاءً أَوْ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ النَّوْبَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُنَّ (لَمْ يَأْثَمْ) لِأَنَّ الْمَبِيتَ حَقُّهُ وَلِأَنَّ فِي دَاعِيَةِ الطَّبْعِ مَا يُغْنِي عَنْ إيجَابِهِ (وَ) لَكِنْ (يُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ) أَيْ مَنْ ذُكِرْنَ الشَّامِلُ لِلْوَاحِدَةِ وَأَكْثَرَ مِنْ الْجِمَاعِ وَالْمَبِيتِ تَحْصِينًا لَهُنَّ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسَادِهِنَّ أَوْ إضْرَارِهِنَّ سِيَّمَا إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ سُرِّيَّةٌ جَمِيلَةٌ وَآثَرَهَا عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِنَّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ جَمْعٌ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي يُكْرَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُنَّ وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ لِعَارِضٍ كَأَنْ ظَلَمَهَا ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ عَلَى الرَّاجِحِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يُخَلِّيَ الزَّوْجَةَ فِي كُلِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ مِنْ لَيْلَةٍ اعْتِبَارًا بِمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَأَنْ يَنَامَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي الِانْفِرَادِ سِيَّمَا إنْ حَرَصَتْ عَلَى ذَلِكَ
(وَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ) مَا لَمْ يُسَافِرْ بِهِنَّ وَتَتَخَلَّفُ بِسَبَبِ الْمَرَضِ فَلَا قَسْمَ لَهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ (وَرَتْقَاءُ) وَقَرْنَاءُ وَمَجْنُونَةٌ يُؤْمَنُ مِنْهَا وَمُرَاهِقَةٌ (وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ) وَمُحَرَّمَةٌ وَمُولٍ أَوْ مُظَاهَرٌ مِنْهَا وَكُلُّ ذَاتِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ أَوْ طَبْعِيٍّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ لَا الْوَطْءُ وَكَمَا تَسْتَحِقُّ كُلَّ النَّفَقَةِ (لَا نَاشِزَةٌ) أَيْ خَارِجَةٌ عَنْ طَاعَتِهِ بِأَنْ تَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ تَمْنَعَهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا أَوْ تُغْلِقَ الْبَابَ فِي وَجْهِهِ وَلَوْ مَجْنُونَةً أَوْ تَدَّعِيَ الطَّلَاقَ كَذِبًا أَوْ مُعْتَدَّةٌ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَنَحْوُهُ مِمَّا وَرَدَ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَيْثُ لَا صَارِفَ (قَوْلُهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ) أَيْ فَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: لَكِنْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَنَكَحَ جَدِيدَةً فِي الطَّرِيقِ) هُوَ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَإِلَّا فَلَوْ اسْتَصْحَبَ بَعْضَ نِسَائِهِ فِي السَّفَرِ بِقُرْعَةٍ لَمْ يَقْضِ لِلْبَاقِيَاتِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ فَيَقْسِمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَدِيدَةِ مَا دَامَ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي التَّبَرُّعَاتِ) أَيْ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَهُوَ عَوْدُهَا لِعِصْمَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا عُذْرَ فِي الِانْفِرَادِ) أَيْ يَقْتَضِيهِ
(قَوْلُهُ: وَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ) يَدْخُلُ فِي الْمَرَضِ نَحْوُ الْجُذَامِ فَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ وَلَا يُنَافِيهِ الْأَمْرُ بِالْفِرَارِ مِنْ الْأَجْذَمِ لِأَنَّ هَذَا تَسَبَّبَ فِي تَسَلُّطِهَا عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَقِّ مَعَ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِالطَّلَاقِ وَالِاكْتِفَاءِ مِنْهُ بِأَنْ يَبِيتَ بِجَانِبٍ مِنْ الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ مُلَاصِقَةٍ وَاتِّحَادِ فِرَاشٍ. اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا تَسَبُّبٌ فِي تَسَلُّطِهَا عَلَيْهِ هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمَجْزُومُ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهَا فَسْخٌ بِسَبَبِ الْجُذَامِ وَيَأْتِي التَّعْلِيلُ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُكْتَفَى فِي دَفْعِ النُّشُوزِ مِنْهَا بِانْفِرَادِهَا عَنْهُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْبَيْتِ فَلَا تَكُونُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِ تَمْكِينِهَا لَهُ مِنْ الْجِمَاعِ وَالتَّمَتُّعِ بِهَا عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْهَا أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَكُلُّ ذَاتِ عُذْرٍ) ذَكَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ) أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ قُبْلَةٍ وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْهُ فَإِنْ عُذِرَتْ كَأَنْ كَانَ بِهِ صُنَانٌ مَثَلًا مُسْتَحْكَمٌ وَتَأَذَّتْ بِهِ تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً لَمْ تُعَدَّ نَاشِزَةً وَتُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ قَوِيَّةٌ عَلَى كَذِبِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ تُغْلِقُ الْبَابَ) وَخَرَجَ بِذَلِكَ ضَرْبُهَا لَهُ وَشَتْمُهَا فَلَا يُعَدُّ نُشُوزًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَدَّعِي الطَّلَاقَ كَذِبًا) هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ بِأَنْ يُعِيدَ الْمَظْلُومَ لَهُنَّ حَتَّى يَقْضِيَ مِنْ نُوَبِهِنَّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا إيجَابُ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ لَا يَجِبُ خِلَافًا لِمَا فِي التُّحْفَةِ لِمَا بَيَّنَهُ الشِّهَابُ سم فِي حَوَاشِيهَا مِنْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ مَحَلِّ أَدَاءِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ، فَوُجُوبُ الْإِعَادَةِ وُجُوبٌ لِتَحْصِيلِ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مَا وَجَبَ لَا وُجُوبٌ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ: وَمُعْتَدَّةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَاشِزَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute