للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَسَادُهَا عَدَمَ الْوُقُوعِ بَلْ بِالْبَدَلِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، هَذَا وَالْأَوْجَهُ وُقُوعُهُ بَائِنًا إنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ وَوُقُوعَهُ رَجْعِيًّا إنْ عَلِمَ بُطْلَانَهُ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ كُلٍّ عَلَى حَالَةٍ، فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ، وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ لِأَنَّ تِلْكَ يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ. وَالثَّانِي أَنْ يَنْسَلِخَ الْإِعْطَاءُ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ إلَى مَعْنَى الْإِقْبَاضِ فَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ، نَعَمْ إنْ نَوَى بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَلَوْ قَالَ لِرَشِيدَةٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ خَالَعْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي قَبُولَهُمَا، فَإِنْ قَبِلَتَا بَانَتْ الرَّشِيدَةُ لِصِحَّةِ الْتِزَامِهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَطَلُقَتْ السَّفِيهَةُ رَجْعِيًّا.

(وَيَصِحُّ) (اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ لَهَا صَرْفَ مَالِهَا فِي شَهَوَاتِهَا بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ (وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ هُوَ التَّبَرُّعُ وَلَيْسَ مَا زَادَ عَلَى وَارِثٍ لِخُرُوجِهِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَرِثَ بِبُنُوَّةِ عَمٍّ تَوَقَّفَ الزَّائِدُ عَلَى الْإِجَازَةِ مُطْلَقًا، أَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَأَقَلُّ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَفَارَقَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ أَقْوَى وَلِهَذَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ الْمُوسِرِينَ وَجَازَ لَهُ صَرْفُ الْمَالِ فِي شَهَوَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَيَصِحُّ خُلْعُ الْمَرِيضِ بِأَقَلِّ شَيْءٍ لِأَنَّ طَلَاقَهُ مَجَّانًا صَحِيحٌ فَبِشَيْءٍ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْبُضْعَ لَا تَعَلُّقَ لِلْوَارِثِ بِهِ (وَ) يَصِحُّ اخْتِلَاعُ (رَجْعِيَّةٍ) (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الِافْتِدَاءِ لِجَرَيَانِهَا إلَى الْبَيْنُونَةِ. نَعَمْ مَنْ عَاشَرَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا يَصِحُّ خُلْعُهَا كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، لِأَنَّ وُقُوعَهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ فَلَا عِصْمَةَ يَمْلِكُهَا حَتَّى يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَتِهَا مَالًا كَمَا فِي قَوْلِهِ (لَا بَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إذْ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا حَتَّى يُزِيلَهُ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ بَعْدَ نَحْوِ وَطْءٍ فِي رِدَّةٍ أَوْ إسْلَامِ أَحَدٍ نَحْوِ وَثَنِيِّينَ مَوْقُوفٌ (وَيَصِحُّ عِوَضُهُ) أَيْ الْخَلْعِ (قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً) كَالصَّدَاقِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] نَعَمْ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُعَلِّمَهُ بِنَفْسِهَا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ امْتَنَعَ كَمَا مَرَّ لِتَعَذُّرِهِ بِالْفِرَاقِ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ سُكْنَاهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِحُرْمَةِ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ فَلَهَا السُّكْنَى وَعَلَيْهَا فِيهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَتُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ فِي الْخُلْعِ الْمُنْجَزِ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَفِي الْمُعَلَّقِ عَلَى دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ الْخَالِصَةِ لَا عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا عَلَى النَّاقِصَةِ أَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ ظَنَّ صِحَّتَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ

(قَوْلُهُ: هُوَ التَّبَرُّعُ) أَيْ الْمُتَبَرَّعُ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ: أَيْ هَذَا الزَّائِدُ، وَقَوْلُهُ عَلَى وَارِثٍ: أَيْ تَبَرُّعًا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ لِخُرُوجِهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَرِثَ: أَيْ الزَّوْجُ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ وَفَارَقَتْ: أَيْ الْمَرِيضَةُ، وَقَوْلُهُ الْمُكَاتَبَةُ: أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْعِوَضُ بِمَا فِي يَدِهَا إنْ كَانَ اخْتِلَاعُهَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: لِجَرَيَانِهَا) أَيْ صَيْرُورَتِهَا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ وُقُوعَهُ: أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ) أَيْ الْخَلْعُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) أَيْ يَمْتَنِعُ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا فِيهِمَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَذَا (قَوْلُهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ وَتَبَيَّنَ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُعَلَّقِ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَعْطَيْت زَيْدًا كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: الْخَالِصَةِ) أَيْ وَهِيَ الْمُقَدَّرُ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا بِخَمْسِينَ شَعِيرَةٍ وَخَمْسِينَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَصِحُّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا) يَعْنِي السَّفِيهَةَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِقْدَارَ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ إخْرَاجِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ إخْرَاجٌ بِأَنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهَا مَثَلًا لَا يَمْتَنِعُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَتُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ خَالَعْتُكِ عَلَى عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>