فِي الْقُرْآنِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ ذِكْرِ الْمَالِ مَعَهُ أَوْ لَا (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كِنَايَةٌ) يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ تَأْتِي لَا غَيْرُ وَانْتَصَرَ لَهُ جَمْعٌ نَقْلًا وَدَلِيلًا (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِهِ بِمَالٍ فَرَجَعَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلْمَرَدِّ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ، وَقَضِيَّتُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ جَزْمًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَجِبُ عِوَضٌ أَوْ لَا، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ كِنَايَةٌ، وَحَمَلَ جَمْعٌ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِهَا الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَقُبِلَتْ، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ صَرِيحًا لِمَا يَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ الْعِوَضِ مُؤَثِّرَةٌ هُنَا، فَكَذَا نِيَّةُ قَبُولِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ لَفْظُ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ مَعَ قَبُولِهَا، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا نَفَى الْعِوَضَ وَنَوَى الطَّلَاقَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَبِلَتْ فَعُلِمَ أَنَّ صَرَاحَتَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ إذَا قَبِلَتْ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا وَأَنَّ مُجَرَّدَ لَفْظِ الْخُلْعِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا جَزْمًا وَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَى مَعَهَا وَصَرَّحَ بِالْعِوَضِ أَوْ نَوَاهُ وَقَبِلَتْ بَانَتْ أَوْ عَرَّى عَنْ ذَلِكَ وَنَوَى الطَّلَاقَ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَقَبِلَتْ وَقَعَ بَائِنًا، فَإِنْ لَمْ يُضْمِرْ جَوَابَهَا وَنَوَى وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا، وَخَرَجَ بِمَعَهَا مَا لَوْ جَرَى مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مَجَّانًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ وَكِيلَهَا مِثْلُهَا
(وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ بِصَرَائِحِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَ (بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ إنْ نَوَيَا (وَبِالْعَجَمِيَّةِ) قَطْعًا، وَهِيَ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ لِانْتِفَاءِ اللَّفْظِ الْمُتَعَبَّدِ بِهِ (وَلَوْ) (قَالَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت) أَوْ نَحْوَهُ كَ قَبِلْت (فَكِنَايَةُ خُلْعٍ) وَهُوَ الْفُرْقَةُ بِعِوَضٍ بِنَاءً عَلَى الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهَا أَنَّ الْمُفَادَاةَ تَرِدُ اسْمَ مَفْعُولٍ، يُقَالُ فَأَدَّيْت الْمَرْأَةَ فَهِيَ مُفَادَاةٌ وَمَصْدَرًا، لَكِنْ ذَكَرَ الْمُفَادَاةَ مِنْ الْمَالِ وَحَمَلَهَا عَلَى الْمُبْتَدَإِ فِي أَنْتِ مُفَادَاةٌ بِكَذَا قَرِينَةٍ عَلَى إرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ، هَذَا وَلَكِنْ قَوْلُهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ: أَيْ مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ إجْمَاعًا، وَكَذَا الْخُلْعُ وَالْمُفَادَاةُ وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ حَيْثُ ذَكَرَ مَعَهُ الْمَالَ أَوْ نَوَى وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ كِنَايَةٌ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَصَادِرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةٌ) وَهِيَ: الطَّلَاقُ وَالْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا نَوَى بِهَا) أَيْ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُبِلَتْ) أَيْ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْحَمْلِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَبَحَثْت بِهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ اهـ سم (قَوْلُهُ: بَانَتْ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ أَوْ نَوَاهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَرَّى عَنْ ذَلِكَ: أَيْ ذَكَرَ الْمَالَ وَنِيَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَقَعَ بَائِنًا) أَيْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَقَوْلُهُ وَنَوَى: أَيْ الطَّلَاقَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ إنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُطْلَقُ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَلَا نَوَاهُ بَلْ نَوَى الطَّلَاقَ فَقَطْ وَإِنْ أَضْمَرَ الْتِمَاسَ قَبُولِهِ وَقَبِلَ، وَعِبَارَةُ سم: قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ يَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَبَحَثْت بِهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ اهـ
(قَوْلُهُ بِصَرَائِحِ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا) أَيْ نَوَى أَوَّلًا قُلْنَا هُوَ طَلَاقٌ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَبِالْعَجَمِيَّةِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ عَرَبِيٍّ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الطَّلَاقِ) أَيْ عَلَى قَوْلِي إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ) أَيْ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ) أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ صَرِيحٌ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ عَنْ
[حاشية الرشيدي]
نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَحَمَلَ جَمْعٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ لَا الْخِلَافُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَقُبِلَتْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِمَعَهَا مَا لَوْ جَرَى مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مَجَّانًا) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي أَوَّلِ الْأَقْسَامِ وَهُوَ مَا إذَا صَرَّحَ بِالْعِوَضِ أَوْ نَوَاهُ وَوَقَعَ الْقَبُولُ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: إنْ نَوَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ: فَلَوْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute