الْفَوْرِ)
وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ السَّابِقُ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ عُرْفًا، وَقِيلَ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِمَا مَرَّ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْجِيلَ إذْ الْأَعْوَاضُ تَتَعَجَّلُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَتُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي نَحْوِ مَتَى لِصَرَاحَتِهَا فِي التَّأْخِيرِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ إنْ إذْ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى زَمَنٍ أَصْلًا وَإِذَا لِأَنَّ مَتَى مُسَمَّاهَا زَمَنٌ عَامٌّ وَمُسَمَّى إذَا زَمَنٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ اتِّفَاقًا فَلِهَذَا الِاشْتِرَاكِ فِي أَصْلِ الزَّمَنِ وَعَدَمِهِ فِي إنْ اتَّضَحَ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ يُقَالَ مَتَى أَوْ إذَا شِئْت دُونَ إنْ شِئْت لِأَنَّهَا لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَى زَمَنٍ لَا تَصْلُحُ جَوَابًا لِلِاسْتِفْهَامِ الَّذِي فِي مَتَى عَنْ الزَّمَانِ، وَمَحَلُّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فِي الْإِثْبَاتِ. أَمَّا النَّفْيُ فَإِذَا لِلْفَوْرِ بِخِلَافِ إنْ كَمَا يَأْتِي، أَمَّا الْأَمَةُ فَمَتَى أَعْطَتْ طَلُقَتْ وَإِنْ طَالَ لِتَعَذُّرِ إعْطَائِهَا حَالًّا إذْ لَا مِلْكَ لَهَا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِعْطَاءِ نَحْوِ خَمْرٍ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ لِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ حَالًّا، وَفِي الْأَوَّلِ إذَا أَعْطَتْهُ مِنْ كَسْبِهَا أَوْ غَيْرِهِ بَانَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ الْأَلْفَ لِمَالِكِهَا، وَيَتَعَلَّقُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهَا تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ حَيْثُ لَا تَطْلُقُ بِإِعْطَاءِ ثَوْبٍ لِعَدَمِ مِلْكِهَا لَهُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ فِي حَقِّهَا لِكَوْنِهَا لَا تَمْلِكُ مُنَوَّطٌ بِمَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ فَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِجَهَالَتِهِ فَصَارَ كَإِعْطَاءِ الْحُرَّةِ ثَوْبًا مَغْصُوبًا أَوْ نَحْوَهُ، بِخِلَافِ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ هَذَا الثَّوْبَ.
(وَإِنْ) (بَدَأَتْ بِطَلَبِ طَلَاقٍ) كَطَلِّقْنِي بِكَذَا أَوْ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا (فَأَجَابَ) هَا الزَّوْجُ (فَمُعَاوَضَةٌ) مِنْ جَانِبِهَا لِمِلْكِهَا الْبُضْعَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَتْهُ (مَعَ ثَوْبِ جَعَالَةٍ) لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ تَحْصِيلِهِ لِغَرَضِهَا، وَهُوَ الطَّلَاقُ الَّذِي يَسْتَقِلُّ بِهِ كَالْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ (فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ) كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ وَالْمُعَاوَضَاتِ (وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ) فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ نَظَرًا لِجَانِبِ الْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ عَلَّقَتْ بِمَتَى، بِخِلَافِ جَانِبِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ. فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْفَوْرِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الِابْتِدَاءِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ، وَفَارَقَ الْجَعَالَةَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ عَامِلِ الْجَعَالَةِ غَالِبًا، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ إنْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا تَوَافُقٌ نَظَرًا لِشَائِبَةِ الْجَعَالَةِ، فَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَعَ بِهَا كَرَدِّ عَبْدِي بِأَلْفٍ فَرَدَّهُ بِأَقَلَّ (وَلَوْ) (طَلَبَتْ) وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عِوَضٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهَا مَا قَبَضَهُ مِنْهَا وَلَا يَمْلِكُهُ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُكُوتٌ طَوِيلٌ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: يَتَفَرَّقَا بِمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ يُفَارِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مُخْتَارًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إعْطَاءً عَلَى الْفَوْرِ (قَوْلُهُ: لِصَرَاحَتِهَا) أَيْ مَتَى (قَوْلُهُ: صَحَّ أَنْ يُقَالَ) أَيْ فِي الْجَوَابِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا: أَيْ إنْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَمَةُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) أَيْ غَيْرِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ عِتْقِهَا) أَيْ كُلِّهَا أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ
(قَوْلُهُ: فَلَهَا الرُّجُوعُ) أَيْ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَ رَجَعْت عَمَّا قُلْته أَوْ أَبْطَلْته أَوْ نَقَصْته أَوْ فَسَخْته (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي قَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الِابْتِدَاءِ) فَلَوْ قَالَ قَصَدْت بِهِ جَوَابَهَا صُدِّقَ إنْ عُذِرَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ جَوَابٌ وَكَانَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ تَصْدِيقِهِ هَلْ هُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِفَوَاتِ الْفَوْرِيَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: نَعَمْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْجَعَالَةَ) أَيْ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ فِيهَا الْجُعَلَ وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ (قَوْلُهُ إنْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي) أَيْ كَأَنْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مِلْكِهَا لَهُ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ إلَخْ) هُوَ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ.
(قَوْلُهُ: فَرَدُّهُ أَقَلُّ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute