قَالَ)
إنْ أَعْطَيْتنِي (عَبْدًا) وَلَمْ يَصِفْهُ بِصِفَةٍ (طَلُقَتْ بِعَبْدٍ) عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ وَلَوْ مُدَبَّرًا لِوُجُودِ الِاسْمِ وَلَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّ مَا هُنَا مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ لَا يُمْلَكُ بِهَا مَجْهُولٌ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا يَأْتِي، وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ إنْ كَانَ تَمْلِيكًا لَمْ يَقَعْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمِلْكِ أَوْ إقْبَاضًا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَكَانَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الصِّيغَةَ اقْتَضَتْ أَمْرَيْنِ مِلْكَهُ وَتَوَقُّفَ الطَّلَاقِ عَلَى إعْطَاءِ مَا تَمْلِكُهُ. وَالثَّانِي مُمَكَّنٌ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، لَكِنْ لَهُ بَدَلٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فَعَمِلُوا بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ حَذَرًا مِنْ إهْمَالِ اللَّفْظِ مَعَ ظُهُورِ إمْكَانِ إعْمَالِهِ (إلَّا) قَرِينَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ (بِعَبْدٍ) الْعُمُومَ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي الْإِثْبَاتِ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لَا عَامَّةً يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْعُمُومُ: أَيْ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ عَنْ نَفْسِهَا كَأَنْ كَانَ (مَغْصُوبًا) أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُشْتَرَكًا أَوْ جَانِيًا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ أَوْ مَوْقُوفًا أَوْ مَرْهُونًا (فِي الْأَصَحِّ) فَلَا تَطْلُقُ بِهِ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَغْصُوبِ مَا دَامَ مَغْصُوبًا بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ. وَالثَّانِي تَطْلُقُ بِمَنْ ذُكِرَ كَالْمَمْلُوكِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ الْمُعْطَى وَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا كَمَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ قَالَ مَغْصُوبًا طَلُقَتْ بِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا، وَلَوْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا لَهَا مَغْصُوبًا طَلُقَتْ بِهِ لِأَنَّهُ بِالدَّفْعِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَغْصُوبًا (وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ) فِي غَيْرِ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا، وَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ هَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَذَا الْحُرِّ أَوْ نَحْوِهِ فَأَعْطَتْهُ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ.
(وَلَوْ) (مَلَكَ طَلْقَةً) أَوْ طَلْقَتَيْنِ (فَقَطْ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ) أَوْ الطَّلْقَتَيْنِ (فَلَهُ أَلْفٌ) وَإِنْ جَهِلَتْ الْحَالَ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهَا مِنْ الثَّلَاثِ، وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى (وَقِيلَ ثُلُثُهُ) أَوْ ثُلُثَاهُ تَوْزِيعًا لِلْأَلْفِ عَلَى الثَّلَاثِ (وَقِيلَ إنْ عَلِمَتْ الْحَالَ فَأَلْفٌ وَإِلَّا فَثُلُثُهُ) أَوْ ثُلُثَاهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ أَوْقَعَ بَعْضَ طَلْقَةٍ فَيَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ أَيْضًا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ الْمَارِّ إنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ مَلَكَ الْعَدَدَ الْمَسْئُولَ كُلَّهُ فَأَجَابَهَا بِهِ فَلَهُ الْمُسَمَّى أَوْ بِبَعْضِهِ فَلَهُ قِسْطُهُ، وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَ الْمَسْئُولِ وَتَلَفَّظَ بِالْمَسْئُولِ أَوْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا بِمَا أَوْقَعَ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا وُزِّعَ عَلَى الْمَسْئُولِ، وَلَوْ مَلَكَ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَ الثِّنْتَانِ مَجَّانًا دُونَ الْوَاحِدَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ، إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ بَعْدَ أَنْ اسْتَبْعَدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ) لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مِلْكًا لَهَا فَلَا يَكْفِي مُعَارٌ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: أَيْ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ عَنْ نَفْسِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُعْطِي (قَوْلُهُ طَلُقَتْ بِهِ) أَيْ وَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِمْ) قَدْ قَدَّمَ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً إلَخْ مَا نَصُّهُ وَلَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ نِصْفَهَا بَانَتْ بِنِصْفِ الْمُسَمَّى، إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ ثَمَّ رَاجِعٌ لِلْمَرْأَةِ وَبُدِّلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثَمَّ أَوْ يَدُهَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَزَّعَ) وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَشْرًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً الْمُسْتَحَقُّ عَشْرَةٌ لِأَنَّهَا نِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِلْعَشْرِ أَوْ طَلَّقَ عَشْرًا أَوْ ثَلَاثًا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْعُمُومَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا الْعُمُومُ الْبَدَلِيُّ لَا الشُّمُولِيُّ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ طَلُقَتْ بِكُلِّ عَبْدٍ: أَيْ فَلَا تَطْلُقُ بِبَعْضِ الْعَبِيدِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ فَهَذَا الْعُمُومُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ الْإِطْلَاقَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعُمُومُ يُصَحِّحُ الِاسْتِثْنَاءَ فَالْإِطْلَاقُ مِثْلُهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَيْ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا لَهُ إلَخْ) لَمْ يُقَدِّمْ لِهَذَا التَّفْسِيرِ مُفَسِّرًا فَكَانَ الْأَصْوَبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ مَغْصُوبًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ إلَخْ) وَجْهُ الشُّمُولِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute