للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْتَرَطُ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا نَفْسَهَا بِلَفْظٍ تَأْتِي بِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَابًا عَاجِلًا، وَلَوْ أَتَى هُنَا بِمَتَى جَازَ التَّأْخِيرُ قَطْعًا (وَفِي اشْتِرَاطِ قَبُولِهَا) عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (خِلَافُ الْوَكِيلِ) وَمَرَّ أَنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ مُطْلَقًا بَلْ عَدَمُ الرَّدِّ (وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَهُ الرُّجُوعُ) عَنْ التَّفْوِيضِ (قَبْلَ تَطْلِيقِهَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ التَّمْلِيكِ وَالتَّوْكِيلِ يَجُوزُ لِمُوجِبِهِ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهِ، وَيَزِيدُ التَّوْكِيلُ بِجَوَازِ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَيْضًا، فَلَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِرُجُوعِهِ لَمْ يَنْفُذْ.

(وَلَوْ) (قَالَ إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَطَلِّقِي) نَفْسَك (لَغَا عَلَى) قَوْلِ (التَّمْلِيكِ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَيَصِحُّ عَلَى قَوْلِ التَّوْكِيلِ لِمَا مَرَّ فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ يُبْطِلُ خُصُوصَهُ لَا عُمُومَ الْإِذْنِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ، وَأَنَّهُ إذَا نَجَّزَهَا وَشَرَطَ لِلتَّصَرُّفِ شَرْطًا جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ فِيهِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ هُنَا جَازَ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ لَا يَجُوزُ، لَكِنْ مُرَادُهُمْ بِ جَازَ هُنَا نَفَذَ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي حُرْمَتَهُ، وَبِلَا يَجُوزُ، ثُمَّ إنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَلَا يُنَافِي صِحَّتَهُ، وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ بِلَا يَصِحُّ مُرَادُهُ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُ الْإِذْنِ وَإِنْ صَحَّ مِنْ حَيْثُ عُمُومُهُ انْتَهَى مَرْدُودٌ، إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ مَعَ الْفَسَادِ.

(وَلَوْ قَالَ أَبِينِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَيَا) أَيْ هُوَ التَّفْوِيضَ بِمَا قَالَهُ وَهِيَ الطَّلَاقَ بِمَا قَالَتْهُ (وَقَعَ) لِأَنَّ الْكِنَايَةَ مَعَ النِّيَّةِ كَالصَّرِيحِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ (فَلَا) يَقَعُ الطَّلَاقُ لِوُقُوعِ كَلَامِ غَيْرِ النَّاوِي لَغْوًا.

(وَلَوْ) (قَالَ طَلِّقِي) نَفْسَك (فَقَالَتْ أَبَنْت) نَفْسِي (وَنَوَتْ أَوْ) قَالَ (أَبِينِي وَنَوَى فَقَالَتْ طَلَّقْت) نَفْسِي (وَقَعَ) كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بِلَفْظٍ صَرِيحٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِنَايَةٍ مَعَ النِّيَّةِ مِنْ آخَرَ؛ هَذَا إنْ ذَكَرَا النَّفْسَ، فَإِنْ تَرَكَاهَا مَعًا فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْوُقُوعُ إذَا نَوَتْ نَفْسَهَا كَمَا قَالَهُ الْبُوشَنْجِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ الْجَزْمُ بِهِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَوَافُقِ لَفْظَيْهِمَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً إلَّا إنْ قُيِّدَ بِشَيْءٍ فَيُتَّبَعُ.

(وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَنَوَتْهُنَّ) وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ نِيَّتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهَا اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَقِبَ وَنَوَتْهُنَّ بِأَنْ عَلِمَتْ نِيَّتَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ (فَثَلَاثٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ وَقَدْ نَوَيَاهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَاهُ أَحَدُهُمَا (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ صَرِيحَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ سم يَقَعُ الطَّلَاقُ: أَيْ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى هُنَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ تَطْلِيقِهَا فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهَا أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ ذَلِكَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا بِرُجُوعِهِ) أَيْ وَلَكِنَّهُ بَعْدَهُ فِي الْوَاقِعِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ تَفْصِيلُ الرَّجْعَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: يُبْطِلُ خُصُوصَهُ) أَيْ التَّوْكِيلُ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا) أَيْ الْوَكَالَةَ (قَوْلُهُ: فِيهِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ أَنَّ التَّعْلِيقَ يُبْطِلُ خُصُوصَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَمَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ كَمَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ تَطْلِيقَهَا وَقَعَ جَوَابَ التَّمْلِيكِ فَكَانَ كَقَبُولِهِ وَقَبُولُهُ فَوْرِيٌّ

(قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ الرَّدِّ) يَعْنِي بَلْ الشَّرْطُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ) هُوَ الشِّهَابُ حَجّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الضَّمَائِرَ فِي قَوْلِهِ جَازَ وَمَا بَعْدَهُ إنَّمَا تَرْجِعُ لِعَقْدِ التَّوْكِيلِ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُوَكِّلُ، وَقُلْنَا بِأَنَّهُ يُفْسِدُ خُصُوصَهُ دُونَ عُمُومِهِ، وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>