للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ رَقِيقٌ يُلَاقِي جَمِيعَ الْمَحَلِّ وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ، أَمَّا الَّذِي تَنَاثَرَ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ إمْسَاسُ الْعُضْوِ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ كَالْبَاقِي عَلَى الْأَرْضِ، وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمُتَنَاثِرِ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ انْفَصَلَ عَنْ الْيَدِ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحِ جَمِيعًا وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمُتَنَاثِرَ مُسْتَعْمَلٌ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ، لِأَنَّ فِي إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْأَعْضَاءِ عُسْرًا لَا سِيَّمَا مَعَ رِعَايَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذَفِ.

وَمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ كَلَامِهِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ قَبْلَ إعْرَاضِهِ عَنْهُ وَتَيَمَّمَ بِهِ جَازَ مَمْنُوعٌ، وَعُلِمَ مِنْ حَصْرِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً مِنْ تُرَابٍ يَسِيرٍ فِي نَحْوِ خِرْقَةٍ جَازَ حَيْثُ لَمْ يَتَنَاثَرْ إلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ مُتَكَرِّرًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ.

(وَيُشْتَرَطُ قَصْدُهُ) أَيْ التُّرَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] أَيْ اقْصِدُوهُ (فَلَوْ سَفَّتْهُ رِيحٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ (فَرَدَّدَهُ) عَلَيْهِ (وَنَوَى لَمْ يُجْزِئْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يُفْتَحَ أَوَّلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ، وَسَوَاءٌ أَقَصَدَ بِوُقُوفِهِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ التَّيَمُّمَ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْ جِهَتِهِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقِّقِ لَهُ وَمُجَرَّدُ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ غَيْرُ كَافٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كُثِّفَ التُّرَابُ فِي الْهَوَاءِ فَمَعَكَ فِيهِ وَجْهَهُ أَجْزَأَهُ حِينَئِذٍ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِيهِ الْغُسْلُ وَاسْمُهُ يُطْلَقُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (وَلَوْ يُمِّمَ بِإِذْنِهِ جَازَ) إقَامَةً لِفِعْلِ نَائِبِهِ مَقَامَ فِعْلِهِ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنَّهُ الْمَشْهُورُ اهـ: أَيْ شَامِلُ التُّرَابِ مَسُّ التُّرَابِ الَّذِي عَلَى الْعُضْوِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ أَلْوَانُ التُّرَابِ مُخْتَلِفَةً، كَأَصْفَرَ وَأَخْضَرَ مَثَلًا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَمْيِيزُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، أَوْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَى أَعْضَائِهِ رُطُوبَةٌ مِنْ عَرَقٍ مَثَلًا وَلَصِقَ عَلَيْهِ التُّرَابُ الْأَوَّلُ، وَزَادَ سم عَلَى حَجّ بَعْدُ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَنْهَجٍ كَالطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ اهـ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ شَدِيدُ الضَّعْفِ عَلَى خِلَافِ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْبِيرُ عَنْ مُقَابِلِهِ بِالْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَلِطَ: أَيْ مَنْ قَائِلُهُ لِفَسَادِ تَخْرِيجِهِ عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَالْمَمْسُوحُ) أَيْ وَالْعُضْوُ الْمَمْسُوحُ وَجْهًا كَانَ أَوْ يَدًا (قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا انْفَصَلَ عَنْ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحَةِ فَيُصَدَّقُ بِمَا كَانَ فِي الْهَوَاءِ وَلَمْ يَعْرِضْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَتَنَاثَرْ) أَيْ يَقِينًا، فَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ هَلْ تَنَاثَرَ بَعْدَ مَسِّ الْعُضْوِ أَوْ لَا جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَسِّ.

(قَوْلُهُ: الْفَاسِدَةُ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الْفَسَادُ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْعِبَادَةِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: فَمَعَكَ) هُوَ بِتَخْفِيفِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَعِبَارَتُهُ، يُقَالُ مَعَكَ بِدَيْنِهِ: أَيْ مَطَلَ وَبَابُهُ قَطَعَ، وَرُبَّمَا قَالُوا مَعَكَ الْأَدِيمَ: أَيْ دَلَكَهُ، وَتَمَعَّكَتْ الدَّابَّةُ: أَيْ تَمَرَّغَتْ، وَمَعَكَهَا صَاحِبُهَا تَمْعِيكًا (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ) وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ لَوْ وَقَفَ حَتَّى جَاءَ الْهَوَاءُ بِالْغُبَارِ عَلَى وَجْهِهِ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ هُنَاكَ بِخِلَافِ مَا قُلْنَاهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ) أَيْ أَوْ أَصَابَهُ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ بُرُوزٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبِيًّا) أَيْ مُمَيِّزًا شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ وحج.

وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُمَيِّزًا بَلْ وَلَا كَوْنُهُ آدَمِيًّا وَعِبَارَتُهُ فَرْعٌ: قَالَ م ر: لَا فَرَق فِي صِحَّةِ نَقْلِ الْمَأْذُونِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ) أَيْ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالصَّحِيحِ أَوْ أَنْ يُهْمِلَهُ.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى إلَخْ) أَيْ، وَالْأَصْلُ فِي الْحُرْمَةِ إذَا أُضِيفَتْ لِلْعِبَادَاتِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا)

<<  <  ج: ص:  >  >>