للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَرْدِ يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ» وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ كَانَ مَعَ التَّيَمُّمِ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ يَرْفَعُهُ حِينَئِذٍ.

قَالَ الْكَمَالُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ: فَإِنْ قِيلَ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ هُوَ الْمَنْعُ وَالْمَنْعُ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ، قُلْنَا: الْحَدَثُ مَنْعُ مُتَعَلِّقِهِ كُلَّ صَلَاةٍ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً وَكُلُّ طَوَافٍ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ، لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ، وَهَذَا الْمَنْعُ الْعَامُّ الْمُتَعَلِّقُ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِهِ مَنْعُ خَاصٍّ الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ النَّوَافِلِ فَقَطْ، أَوْ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا يُسْتَبَاحُ مَعَهَا وَالْخَاصُّ غَيْرُ الْعَامِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ الْخَاصِّ صَحَّ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلَوْ) (نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ) أَوْ فَرْضَ الطُّهْرِ أَوْ التَّيَمُّمِ الْمَفْرُوضِ (لَمْ يَكْفِ فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عَنْ ضَرُورَةٍ فَلَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا، وَلِهَذَا لَا يُنْدَبُ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ.

نَعَمْ إنْ تَيَمَّمَ نَدْبًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ غُسْلِهِ أَجْزَأَتْهُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ.

وَالثَّانِي يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ.

لَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ تَصِحَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَلَيْسَ عَجِيبًا أَنَّ شَخْصًا مُسَافِرًا ... إلَى غَيْرِ عِصْيَانٍ تُبَاحُ لَهُ الرُّخَصْ

إذَا مَا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ أَعَادَهَا ... وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خَصْ

لَقَدْ كَانَ هَذَا لِلْجَنَابَةِ قَدْ نَسِي ... وَصَلَّى مِرَارًا بِالْوُضُوءِ أَتَى بِنَصْ

كَذَاك مِرَارًا بِالتَّيَمُّمِ يَا فَتَى ... عَلَيْك بِكُتُبِ الْعِلْمِ يَا خَيْرَ مَنْ فَحَصْ

قَضَاءُ صَلَاةٍ بِالْوُضُوءِ فَوَاجِبٌ ... وَلَيْسَ مُعِيدًا لِلَّتِي بِالتُّرَابِ خَصْ

لِأَنَّ مَقَامَ الْغُسْلِ قَامَ تَيَمُّمٌ ... خِلَافَ وُضُوءٍ هَاكَ فَرْقًا بِهِ تَخُصْ

وَذَا نَظْمُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ أَحْمَدَ ... فَيَا رَبِّ سَلِّمْهُ مِنْ الْهَمِّ وَالْغُصَصْ

(قَوْلُهُ: صَلَّيْت) الَّذِي تَقَدَّمَ أَصْلَيْت (قَوْلُهُ: وَأَنْتَ جُنُبٌ) قَالَ حَجّ: سَمَّاهُ جُنُبًا مَعَ تَيَمُّمِهِ إفَادَةً لِعَدَمِ رَفْعِهِ.

وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ أَنَّهُ إنَّمَا سَمَّاهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْبَرْدِ لَا يَسْقُطُ مَعَهُ الْقَضَاءُ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: خَاصِ الْمُتَعَلِّقِ) أَيْ خَاصِ مُتَعَلِّقِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْوَصْفِ إلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ رَفَعَ الْحَدَثَ) وَهُوَ الْمَنْعُ الْمُتَعَلِّقُ بِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ أَوْ نَوَافِلَ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَرْضُ التَّيَمُّمِ) أَيْ أَوْ التَّيَمُّمِ فَقَطْ م ر سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ فِي الْأَصَحِّ) .

[فَرْعٌ] صَمَّمَ ابْنُ الرَّمْلِيِّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِنِيَّةِ التَّيَمُّمِ أَوْ فَرْضِ التَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يُضْفِهَا لِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَإِنْ أَضَافَهَا كَنَوَيْتُ التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ أَوْ فَرْضَ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ جَازَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَطَلَ هُنَاكَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا وَلَمَّا أَضَافَهُ لَمْ يَبْقَ مَقْصِدًا سم عَلَى مَنْهَجِ.

أَقُولُ: وَيَسْتَبِيحُ بِهِ النَّوَافِلَ فَقَطْ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ، إذْ غَايَةُ ذَلِكَ أَنَّ إضَافَتَهُ لِلصَّلَاةِ أَلْحَقَتْهُ بِمَا لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَتَهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ صَاحِبَ الضَّرُورَةِ لَا يَنْوِي فَرْضَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ طُهْرَهُ طُهْرُ ضَرُورَةٍ فَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِكَوْنِهِ إنَّمَا يَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: لَا يُنْدَبُ) وَقَضِيَّةُ عَدَمِ سَنِّهِ أَنَّهُ إذَا جَدَّدَهُ لَا يَصِحُّ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ كَرَاهَتُهُ فَقَطْ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: أَجْزَأَتْهُ) وَكَذَا إنْ تَيَمَّمَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ: أَيْ غُسْلِ الْجُمُعَةِ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ سم، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ غُسْلِهَا، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَمِنْ ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي تَيَمُّمِ نَحْوِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ اسْتِبَاحَةٌ جَازَ لَهُ نِيَّةُ تَيَمُّمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِ جُنُبًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَك أَنْ تَقُولَ: هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ جُنُبًا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالسَّبَبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ سَكَتَ (قَوْلُهُ: الْعَامُّ الْمُتَعَلَّقُ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِفَاعِلِهِ فَالْمُتَعَلَّقُ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي خَاصِّ الْمُتَعَلَّقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>