للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْحَائِضِ وَقِيلَ يَحْرُمُ لِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا لِرِعَايَةِ الْوَلَدِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الرِّضَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا لَيْسَتْ لِرِعَايَةِ الْوَلَدِ وَحْدَهَا بَلْ الْعِلَّةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ نَدَمِهِ وَبِأَخْذِ الْعِوَضِ يَتَأَكَّدُ دَاعِيَةُ الْفِرَاقِ وَيَبْعُدُ احْتِمَالُ النَّدَمِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَخُلْعِهَا.

(وَ) يَحِلُّ (طَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) لِزَوَالِ النَّدَمِ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدِ وُقُوعِ طَلَاقِ وَكِيلٍ بِدْعِيًّا لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ.

(وَمَنْ) (طَلَّقَ بِدْعِيًّا) وَلَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ طَلَاقِهَا (سُنَّ لَهُ) مَا بَقِيَ الْحَيْضُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالطُّهْرُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالْحَيْضُ الَّذِي بَعْدَهُ دُونَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِانْتِقَالِهَا إلَى حَالَةٍ يَحِلُّ فِيهَا طَلَاقُهَا كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ (الرَّجْعَةُ) بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ يَقُومُ مَقَامَ النَّهْيِ عَنْ التَّرْكِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ (ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ» وَأُلْحِقَ بِهِ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ وَلَمْ تَجِبْ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ لِابْنِ عُمَرَ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَمْرِ عُمَرَ، فَالْمَعْنَى: فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِك لِكَوْنِك وَالِدَهُ وَاسْتِفَادَةُ النَّدْبِ مِنْهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْقَرِينَةِ، وَإِذَا رَاجَعَ ارْتَفَعَ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَاطِعَةٌ لِلضَّرَرِ مِنْ أَصْلِهِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ تَرْفَعُ أَصْلَ الْمَعْصِيَةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ وَقْعَ الرَّجْعَةِ لِلتَّحْرِيمِ كَالتَّوْبَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا، إذْ كَوْنُ الشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ فِي خُصُوصِيَّةٍ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبُهُ.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُصُولُ الْغَرَضِ بِطَلَاقِهَا عَقِبَ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا لِارْتِفَاعِ أَضْرَارِ التَّطْوِيلِ وَالْخَبَرُ أَنَّهُ يُمْسِكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ ثُمَّ تَطْهُرَ مِنْ الثَّانِي، وَلِئَلَّا يَكُونَ الْقَصْدُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ، وَكَمَا نَهَى عَنْ نِكَاحٍ قُصِدَ بِهِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الرَّجْعَةُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِبَيَانِ حُصُولِ أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ وَالثَّانِي لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ.

(وَلَوْ) (قَالَ لِحَائِضٍ) مَمْسُوسَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ) (وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لَلسُّنَّةِ) (فَحِينَ تَطْهُرُ) أَيْ لَا يَقَعُ إلَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: لَمْ يَنُصَّ لَهُ مُوَكِّلُهُ) أَيْ ثُمَّ إنْ عَلِمَ بِكَوْنِهِ بِدْعِيًّا أَثِمَ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ كَرَاهَةَ التَّرْكِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْخِلَافَ: أَيْ حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) دَلِيلٌ لِسَنِّ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَائِضًا) وَاسْمُهَا آمِنَةٌ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ، وَالظَّاهِرُ مِنْ عَدَالَةِ ابْنِ عُمَرَ وَحَالِهِ أَنَّهُ حِينَ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِحَيْضِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ حُرْمَةُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شُرِعَ التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ فِي سَنِّ الرَّجْعَةِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ: أَيْ بِمَا فِي الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ فِي الطُّهْرِ: أَيْ الَّذِي وَطِئَ فِيهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا) أَيْ لَا حَقِّ اللَّهِ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ) أَيْ فَلَا تَنَافِي.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءٍ) أَخَذَهُ غَايَةً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ زَمَانِ بَعْضِ الصِّفَةِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ.) كَذَا فِي التُّحْفَةِ لَكِنْ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ بَدَلُ هَذَا مَا نَصُّهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُفَرَّقُ هُنَا بَيْنَ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ وَخُلْعِهَا. اهـ.

وَهُوَ ضِدُّ مَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَكِنْ فِي كَوْنِهِ مَعْلُومًا وَقْفَةٌ إذْ الْمَعْلُومُ مِمَّا قَرَّرَهُ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ:: الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا) أَيْ: أَمَّا الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهِ تَعَالَى فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ (قَوْلُهُ: لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا إلَخْ.) هُوَ وَجْهُ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذُكِرَ، وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالثَّانِي لِبَيَانِ حُصُولِ كَمَالِهِ

(قَوْلُهُ:: وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا مَضَى أَقَلُّ الْحَيْضِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ الصِّفَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>