وُقُوعَهُ حَالَ السُّنَّةِ دِينَ.
(أَوْ) قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً) (وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا وَبَقِيَا أَصْلُ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ، أَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ فَيُقْبَلُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأْخِيرِ الْوُقُوعِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لَلسُّنَّة وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ اقْتَضَى التَّشْطِيرَ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ حَالًا وَالثَّالِثَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى، فَإِنْ أَرَادَ سِوَى ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ مَا لَمْ يُرِدْ طَلْقَةً حَالًا وَثِنْتَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يَدِينُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ فَكَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ أَوْ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ لَا لَلسُّنَّة فَكَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ فَكَالسُّنَّةِ، أَوْ لِمَنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ، أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ أَوْ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْتِ طَاهِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا حَالًا أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَاحِدَةً لِلسُّنَّةِ وَأُخْرَى لِلْبِدْعَةِ وَقَعَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ أُخْرَى أَوْ طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ وَقَعَ حَالًا وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ.
(وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلَقَاتِ) الثَّلَاثِ «لِأَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانَيَّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ» . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، فَلَوْ حُرِّمَ لَنَهَاهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ وَمَعَ اعْتِقَادِهَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَالِمِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَلَمْ يُوجَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُرْمَةَ، وَقَدْ فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَفْتَى بِهِ آخَرُونَ، أَمَّا وُقُوعُهُنَّ مُعَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُنَجَّزَةً فَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَإِنْ اخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ.
قَالَ السُّبْكِيُّ: وَابْتَدَعَ بَعْضُ أَهْلِ زَمَنِنَا: أَيْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةٍ إنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ، فَقَالَ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لَمْ يَجِبْ بِهِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ، وَمَعَ عَدَمِ حُرْمَةِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى تَفْرِيقُهَا عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِيُمْكِنَ تَدَارُكُ نَدَمِهِ إنْ وَقَعَ بِرَجْعَةٍ أَوْ تَجْدِيدٍ، وَلَوْ أَوْقَعَ أَرْبَعًا لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُخَالِفُهُ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَإِنْ اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ تَعَاطِيَ نَحْوِ عَقْدٍ فَاسِدٍ حَرَامٌ.
(وَلَوْ) (قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (أَوْ ثَلَاثًا لَلسُّنَّة وَفَسَّرَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (بِتَفْرِيقِهَا) أَيْ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَيُقْبَلُ) أَيْ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيْضِ (قَوْلُهُ: رَضِيَ أَوْ قَدِمَ) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِالرِّضَا وَالْقُدُومِ (قَوْلُهُ: وَيَلْغُو اللَّفْظُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى الْوُقُوعَ حَالًا لِأَنَّ اللَّفْظَ يُنَافِي النِّيَّةَ فَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَقْوَى انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ لِلسُّنَّةِ) أَيْ فَتَطْلُقُ حَالًا إنْ قَدِمَ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ وَلَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ وَبَعْدَ حَيْضِهَا وَانْقِطَاعِ الدَّمِ إنْ قَدِمَ فِي طُهْرٍ وَطِئَهَا فِيهَا أَوْ فِي نَحْوِ حَيْضٍ قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ أَمَّا وُقُوعُهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْقَع أَرْبَعًا لَمْ يَحْرُمْ) أَيْ خِلَافًا لحج، وَقَوْلُهُ وَلَا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حَمْلِ الْمَتْنِ عَلَى ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ دُونَ هَذِهِ مَعَ اتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَالشِّهَابُ حَجّ إنَّمَا حَمَلَ الْمَتْنَ عَلَى ذَلِكَ لِنُكْتَةٍ وَهِيَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحُكْمُ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهِ عَلَى تَعْلِيلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَا عَقِبَ قَوْلِهِ لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ نَصُّهَا، وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَهُمَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ وَقَعَ عَلَى الْأَوَّلِ حَالًا دُونَ الثَّانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute