للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ مُبَاحٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا مَعَ وُجُودِ الثِّيَابِ (أَوْ) نَوَى (فَرْضًا) (فَلَهُ النَّفَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ النَّوَافِلَ تَابِعَةٌ، فَإِذَا اسْتَبَاحَ الْمَتْبُوعَ اسْتَبَاحَ التَّابِعَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْأُمَّ يُعْتَقُ الْحَمْلُ.

وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا.

وَالثَّالِثُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَرْضِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يُقَدَّمُ وَالتَّيَمُّمُ لِلْجِنَازَةِ كَنِيَّةِ النَّفْلِ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ (أَوْ نَفْلًا أَوْ الصَّلَاةَ تَنَفَّلَ) أَيْ فَعَلَ النَّفَلَ (لَا الْفَرْضَ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِمَا.

أَمَّا الْأُولَى فَلِكَوْنِ الْفَرْضِ أَصْلًا وَالنَّفَلِ تَابِعًا فَلَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ أَوْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ) أَيْ مَعَ الْفَرْضِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ.

وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْفَرْضَ فِي نِيَّتِهِ بِالْعَيْنِيِّ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَ نَزَلَتْ عَلَى النَّفْلِ، لِأَنَّ الْمُطَلَّقَ يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْفَرْضَ حُمِلَ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِصِدْقِ الْفَرْضِ بِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ تَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ صِدْقًا وَاحِدًا بِأَنْ يُقَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَلَاةٌ، بِخِلَافِ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ اشْتَهَرَ فِي الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِحَيْثُ إذَا أُرِيدَ غَيْرُهُ لَا يُذْكَرُ إلَّا مُقَيَّدًا، فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لِشُهْرَتِهِ فِيهِ صَارَ كَالْمَوْضُوعِ لَهُ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَرَّرَ هَذَا، وَفِي كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجِ أَنَّ الْمَرْتَبَةَ الْأُولَى مِمَّا يَنْوِيه الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ فَيَسْتَبِيحُ بِهَا كُلَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَيَمُّمٍ اهـ.

وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِالْعَيْنِيِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَبِيحُ ذَلِكَ عِنْدَ إطْلَاقِ الْفَرْضِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَابَلَهُ بِمَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْعَيْنِيِّ مَا يَشْمَلُ مَا لَوْ ذَكَرَهُ فِي نِيَّتِهِ وَمَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَكُونُ هُوَ مُرَادًا مِنْهَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ، فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ فَيُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ أَوْ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيُصَلِّي بِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَنْزِيلًا عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ.

وَأَقُولُ: حَيْثُ جُعِلَتْ الْعِلَّةُ التَّنْزِيلَ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ فَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَسِّ الْمُصْحَفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّ مِمَّا يَصْدُقُ بِهِ الْفَرْضُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ إذَا وَجَبَ كَأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ تَنَجُّسٌ أَوْ كَافِرٌ وَمِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ لَا فَرْضًا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا نَفْلًا، هَذَا وَصَرِيحُ قَوْلِ الْمَنْهَجِ وَلَا يُؤَدِّي بِهِ: أَيْ بِتَيَمُّمِهِ لِفَرِيضَةٍ عَيْنِيَّةٍ مِنْ فُرُوضٍ عَيْنِيَّةٍ غَيْرَ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَأَطْلَقَ لَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضًا عَيْنِيًّا.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الظُّهْرِ دُونَ النَّوَافِلِ فَهَلْ يَسْتَبِيحُ النَّوَافِلَ؟ هُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ اهـ.

أَقُولُ: يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ قَصَدَ إبَاحَةً تَثْبُتُ لِلْفَرْضِ دُونَ النَّوَافِلِ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ: أَيْ لِلتَّيَمُّمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَغَوِيِّ فِي هَامِشِ بَابِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ وَلَا يَفْعَلُ النَّفَلَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ.

وَقَوْلُهُ لَا يَضُرُّ: أَيْ فَلَهُ فِعْلُ النَّفْلِ.

وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى تَيَمُّمٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ لَمْ يَصِحَّ لِشُمُولِ نِيَّتِهِ لِلْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَكِلَاهُمَا مُبَاحٌ لَهُ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي وُضُوئِهِ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ مُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثَا حَدَثًا أَكْبَرَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَنَزَلَتْ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ فَيَسْتَبِيحُ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسْقُطُ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ فَرْضُ الْجِنَازَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِعْلُ النَّفْلِ) أَشَارَ بِهِ إلَى صِحَّةِ الْعَطْفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ نَظَرَ فِي الْعَطْفِ إلَى صِحَّةِ الْمَعْنَى فَإِنَّ قَوْلَهُ تَنَفُّلٌ مَعْنَاهُ فِعْلُ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ نَفْلًا (قَوْلُهُ: الْفَرْضُ أَصْلًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّفَلَ تَابِعٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ لِلْفَرْضِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْفَرْضِ لَمْ يُخَاطَبْ بِالنَّفْلِ.

وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْحُكْمُ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ تَوْجِيهًا لِشُمُولِ الْحُكْمِ لِلْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ الْمُعَبَّرِ فِيهِ عَنْ الْأَوَّلَيْنِ بِالِاقْتِضَاءِ الْغَيْرِ الْجَازِمِ وَعَنْ الثَّالِثِ بِالتَّخْيِيرِ نَصَّهَا لِتَنَاوُلِ حَيْثِيَّةِ التَّكْلِيفِ لِلْأَخِيرَيْنِ مِنْهَا: أَيْ الِاقْتِضَاءَ الْغَيْرَ الْجَازِمِ، وَالتَّخْيِيرُ كَالْأَوَّلِ الظَّاهِرِ: أَيْ وَهُوَ الِاقْتِضَاءُ الْجَازِمُ فَإِنَّهُ لَوْلَا وُجُودُ التَّكْلِيفِ لَمْ يُوجَدَا.

أَلَا تَرَى إلَى انْتِفَائِهِمَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ كَانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ انْتَهَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّبَعِيَّةِ أَنَّهَا شُرِعَتْ جَابِرَةٌ لِلْفَرَائِضِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>