أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ (وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الدُّخُولِ) كَأَنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ: أَيْ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ الدُّخُولَ وَلَا أَثَرَ هُنَا لِلْجُنُونِ إذْ دُخُولُ الْمَجْنُونِ كَهُوَ مِنْ الْعَاقِلِ، وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ الدُّخُولِ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ دُخُولٌ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا عَقِبَ ذَلِكَ، وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ وُقُوعُهُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا عَقِبَ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ وَأَيَّدَهُ بِالْحِنْثِ بِتَلَفِ مَا حَلَفَ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ قَبْلَ أَكْلِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَوْدَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ هُنَا فَلَمْ يَفُتْ الْبِرُّ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْيَأْسِ مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْت إنْ دَخَلَتْ الْآنَ أَوْ الْيَوْمَ، فَإِنْ أَرَادَهُ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْوَقْتِ الْمَنْوِيِّ كَمَا صَرَّحَا بِهِ فِي نَظِيرِهِ فِيمَنْ دَخَلَ عَلَى صَدِيقِهِ فَقَالَ لَهُ تَغَدَّ مَعِي فَامْتَنَعَ فَقَالَ إنْ لَمْ تَتَغَدَّ مَعِي فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَنَوَى الْحَالَ (أَوْ) عَلَّقَ (بِغَيْرِهَا) كَإِذَا وَسَائِرِ مَا مَرَّ (فَعِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ) تَطْلُقُ وَفَارَقَتْ إنْ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ إشْعَارٍ لَهَا بِزَمَنٍ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ كَإِذَا فَإِنَّهَا ظَرْفُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الدَّارَ مَا فَعَلْت بِكَذَا. وَفِي حَجّ: فَرْعٌ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي فُلَانًا طَلُقَتْ حَالًا كَمَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ، أَوْ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَطْلَقَ جَمْعٌ الْوُقُوعَ وَقَالَ آخَرُونَ فِيهِ دَوْرٌ، فَمَنْ أَلْغَاهُ أَوْقَعَهُ وَمَنْ صَحَّحَهُ لَمْ يُوقِعْهُ. فِي تَخْصِيصِ الدَّوْرِ بِهَذِهِ نَظَرٌ بَلْ يَأْتِي فِي الْأُولَى إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِمَا يَئُولَ لِلْمُحَالِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّهُ حَثٌّ عَلَى تَزَوُّجِهِ الْمُحَالِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ لَا مِنْ الدَّوْرِ فَيَقَعُ حَالًا نَظِيرَ الْأُولَى فَتَأَمَّلْهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيَرْسِمَنَّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْبَرُّ عَلَى طَلَبِ التَّرْسِيمِ عَلَيْهِ مِنْ حَاكِمٍ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّرْسِيمِ تَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ، وَأَمَّا التَّرْسِيمُ مِنْ الْمُشْتَكِي فَهُوَ طَلَبُهُ وَلَا يُغْنِي مُجَرَّدُ الشِّكَايَةِ لِلْحَاكِمِ عَنْ تَرْسِيمِهِ وَهُوَ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يُلَازِمُهُ حَتَّى يُؤْمَنَ مِنْ هَرَبِهِ قَبْلَ فَصْلِ الْخُصُومَةِ اهـ.
[فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ أَخَوَيْنِ مَعَهُمَا أَوْلَادٌ وَأَرَادَا إخْتَانَهُمْ فَقَالَ أَحَدُهُمَا نَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَوْلِدٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِزَفَّةٍ فَامْتَنَعَ الْأَوَّلُ، فَحَلَفَ الثَّانِي بِمَا صُورَتُهُ إنْ لَمْ تُوَافِقْنِي عَلَى مُرَادٌ مَا طَلَعْت لَك أَنَا وَلَا زَوْجَتِي فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَتَرَكَا الْخِتَانَ وَطَلَعَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْحَلِفِ حَيْثُ انْتَفَى الْخِتَانُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ خَتَنَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ لَا يَطْلُعُ لَهُ فَحَيْثُ انْتَفَى الْخِتَانُ لَا يَحْدُثُ بِالطُّلُوعِ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَا يَشُكُّوهُ إلَّا مِنْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ فَتَرَكَ الشَّكْوَى مِنْ أَصْلِهَا لَا حِنْثَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: إنْ لَمْ تُعْطِنِي وَشَكَوْتُك فَلَا أَشْكُوك إلَّا مِنْ حَاكِمِ السِّيَاسَةِ، وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْخِتَانِ فِي يَمِينِهِ لَكِنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ خَتَنَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى مُرَادِهِ حَنِثَ بِالطُّلُوعِ هُوَ أَوْ زَوْجَتُهُ بَعْدَ الْخِتَانِ دُونَ مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ وَقْتَ الِامْتِنَاعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لَمْ يَدْخُلْ قَبْلَ الْخِتَانِ، وَبِمِثْلِ هَذَا يُجَابُ عَمَّا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا وَقَفَ عَلَى جَزَّارٍ يَشْتَرِي مِنْهُ لَحْمًا فَأَرَادَ آخَرُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فِي الْأَخْذِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ الْجَزَّارِ قَبْلَهُ، فَحَلَفَ الْجَزَّارُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ لَحْمًا فَتَرَكَ الْأَخْذَ مِنْهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: إنْ أَخَذْت مِنْك فَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ قَبْلِي، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ وَإِلَّا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبَانَهَا بَعْدَ) بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهَا فِيهِ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَعَمَ) أَيْ قَالَ أَوْ اعْتَقَدَ (قَوْلُهُ: وَنَوَى الْحَالَ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ أَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَأَيَّدَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُؤَيِّدَ الْإِسْنَوِيُّ أَوْ صَاحِبُ الْبَسِيطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُؤَيِّدُ أَبُو زُرْعَةَ فِي تَحْرِيرِهِ فَلَعَلَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ مِنْ الْكَتَبَةِ وَأَنَّ أُيِّدَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ الطَّلَاقَ بِنَفْيِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَوْدَ) صَوَابُهُ بِأَنَّ الدُّخُولَ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ إنْ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ إلَخْ.) يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ مَنْ الشَّرْطِيَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute