مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِأَنَّ الْبَدَنَ فِيهِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالْيَدُ فَمُخْتَلِفَانِ وَمُقْتَضَاهُ وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِي التَّمَعُّكِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ لَا يَجِبُ فِي حَالَةٍ حَتَّى يَكُونَ كَالْغُسْلِ.
أَمَّا تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَغَيْرُ وَاجِبٍ كَالْوُضُوءِ، وَلَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِنِسْيَانِهِ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَلَوْ مُنِعَ شَخْصٌ مِنْ الْوُضُوءِ إلَّا مُنَكَّسًا حَصَلَ لَهُ غَسْلُ الْوَجْهِ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِي لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَنْ غُصِبَ مَاؤُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ مُحْدِثًا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ وُضُوئِهِ بِبَدَلٍ فِي هَذِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى.
(وَلَا يَجِبُ) (إيصَالُهُ) أَيْ التُّرَابِ (مَنْبَتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ) وَإِنْ نَدَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ وَلَا يَنْدُبُ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ وَعُلِمَ حُكْمُ الْكَثِيفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
(وَلَا تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ (فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ) التُّرَابَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَوْ ضَرَبَ بِيَمِينِهِ قَبْلَ يَسَارِهِ (وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ) أَوْ عَكَسَ (جَازَ) وَفَارَقَ الْمَسْحَ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَالْمَسْحُ أَصْلٌ.
وَالثَّانِي يَجِبُ كَمَا فِي الْمَسْحِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ التُّرَابِ لِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ يَمْسَحُهُ فَلَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ أَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَسَحَ وَجْهَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ، خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ وَإِنْ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ.
ثُمَّ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِهِ ذَكَرَ بَعْضَ سُنَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَتُنْدَبُ) لِلْمُتَيَمِّمِ (التَّسْمِيَةُ) أَوَّلَهُ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَوْ لِنَحْوِ جُنُبٍ وَالذِّكْرُ آخِرُهُ السَّابِقُ ثَمَّ وَذَكَرَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً قَبْلَ الْحَدَثِ وَعَدِمَ الْمَانِعَ أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُهُ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ نَقَلَهُ سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ: فِي حَالَةٍ) أَيْ مِنْ أَحْوَالِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ بِالْهَامِشِ عَنْ سم فِيمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ وَتَيَمَّمَ فِيهَا لِخَوْفِ الْغَرَقِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ حَيْثُ كَانَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْبَحْرِ الَّذِي فِيهِ السَّفِينَةُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ هُنَا حَيْثُ كَانَ بِمَحَلٍّ لَا يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا لِكَوْنِ الْمَانِعِ حِسِّيًّا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ سَبُعٌ وَلَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتِيبَ) ضَبَطَهُ حَجّ بِالْفَتْحِ وَمَا فَسَّرَ بِهِ م ر يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْهَا نَفْيُ الْوُجُوبِ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْوُجُوبُ بَقِيَ الِاسْتِحْبَابُ، بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ مَطْلُوبٌ، وَعَلَى مَا ضَبَطَهُ حَجّ فَلَا: نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ، وَتَرْتِيبَ: اسْمُهَا وَبَيْنَهُمَا وَلِلْجُنُبِ مُتَعَلِّقَانِ بِتَرْتِيبٍ، وَخَبَرُ لَا مَحْذُوفٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ خَبَرَ لَا إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ جَازَ حَذْفُهُ بِكَثْرَةٍ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ وَوَجَبَ حَذْفُهُ عِنْدَ التَّمِيمِيِّينَ وَالطَّائِيِّينَ، وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ مَطْلُوبٌ وَيُحْتَمَلُ وَاجِبٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ: كَالْوُضُوءِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا أَوَّلَهُ أَتَى بِهَا فِي أَثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: وَالذِّكْرُ إلَخْ) أَيْ وَصَلَاةُ رَكْعَتَيْ سُنَّةِ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْوَجْهِ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى نَدْبِهِ حَجّ وَتَقَدَّمَ نَدْبُ التَّسْمِيَةِ، وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا شَيْءٌ مِنْ بَقِيَّةِ أَذْكَارِ الْوُضُوءِ لِاخْتِصَاصِ التَّيَمُّمِ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالسِّوَاكُ) وَمَحَلُّهُ بَيْنَ التَّسْمِيَةِ وَالنَّقْلِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ انْتَهَى حَجّ.
أَقُولُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَا تُسْتَحَبُّ مُقَارَنَتُهَا لِلنَّقْلِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِحْبَابِ مُقَارَنَتِهَا لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ.
وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْغُسْلِ فَيُسَنُّ التَّسْمِيَةُ لَهُ ثُمَّ السِّوَاكُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَلَى قِيَاسِ الْوُضُوءِ مِنْ مُقَارَنَةِ التَّسْمِيَةِ لِغَسْلِ الْكَفَّيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِنَ هُنَا أَوَّلَ النَّقْلِ فَيَكُونَ السِّوَاكُ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّسْمِيَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ كَالْوَجْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَغَسْلِهِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَتَّضِحُ إلَّا بِهِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النُّسَّاخِ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الْوُضُوءِ بِالصَّبِّ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْتِيبٌ) بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ إيصَالٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَيْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ لَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ