كَذَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ بَدَلَ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَوَجْهُهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَوَّلُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهَا فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ، بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك، فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرُهُ الْمُكَافَأَةُ فَتَطْلُقُ حَالًا إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا، فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُهُ، فَلَوْ كَانَ كَافِرًا طَلُقَتْ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ عَدَمُهُ وَإِنْ قَصَدَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ، وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا كَمَا مَال إلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ. نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا. قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ، فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: بَانَ وُقُوعُهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ.
[حاشية الرشيدي]
عِبَارَةِ أَصْلِهِ وَزَادَ بَدَلَهَا الصُّورَةَ الْأُولَى، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي وَبَيْنَ كَلَامٍ أَصْلُهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ كُلًّا فِي كَلَامِهِ صُورَةٌ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ الْآخَرِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَإِلَّا فَابْنُ الْمُقْرِي لَا يَسَعُهُ الْقَوْلُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَالًا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَمَا أَجَابَ بِهِ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ فِيهِ تَوَقُّفٌ لَا يَخْفَى، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِيِّ فَرْعٌ: لَوْ تَخَاصَمَ الزَّوْجَانِ فَقَالَ أَبُوهَا لِلزَّوْجِ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ رَأَيْت مِثْلَهَا كَثِيرًا، فَقَالَ إنْ كُنْت رَأَيْت مِثْلَ هَذِهِ اللِّحْيَةِ كَثِيرًا فَابْنَتُك طَالِقٌ، فَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا: أَيْ بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً لِلْأَصْلِ أَصْلًا وَإِنْ ادَّعَاهُ الشَّارِحُ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ الْمُقْرِي لَمْ يَغْفُلْ مِنْ أَصْلِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا زَادَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِفِعْلٍ) أَيْ فِي الْعُرْفِ وَلَا فِي اللُّغَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْأُصُولِيِّينَ: لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ: فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا طَلُقَتْ حَالًا) أَيْ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فِي النَّفْيِ، وَالْهَاوُنُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّهَا وَيُقَالُ هَاوُونَ بِوَاوَيْنِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute