بِهَا؟ وَجْهَانِ، رَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ الْأَوَّلَ وَالْأَذْرَعِيُّ الثَّانِيَ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إيمَاءٌ لِتَرْجِيحِ الثَّانِي، أَمَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَقَدْ أَنْكَرَتْهَا مِنْ أَصْلِهَا فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ إجْمَاعًا، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَفَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ قَبْلَ الرَّجْعَةِ حَقٌّ لَهَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ إقْرَارِهِ بِالرَّجْعَةِ فَطَالَبَتْهُ بِالْمَهْرِ فَأَنْكَرَ وُجُوبَهُ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهُ حَلَفَ.
(وَمَتَى) (أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) بِهَا قَبْلَ أَنْ تُنْكَحَ (قُبِلَ اعْتِرَافُهَا) لِأَنَّهَا جَحَدَتْ حَقًّا لَهُ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِهِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا بِنْتُ زَيْدٍ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ ثُمَّ رَجَعَتْ وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهَا بِادِّعَائِهَا هُنَا تَأْبِيدَ الْحُرْمَةِ فَكَانَ أَقْوَى وَبِأَنَّ الرَّضَاعَ يَتَعَلَّقُ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُقِرُّ بِهِ إلَّا عَنْ ثَبْتٍ وَتَحَقُّقٍ، بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَشْعُرُ بِهَا ثُمَّ تَشْعُرُ، وَبِأَنَّ النَّفْيَ قَدْ يُسْتَصْحَبُ بِهِ الْعَدَمُ الْأَصْلِيُّ، بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ لَا يَصْدُرُ إلَّا عَنْ تَثَبُّتٍ وَبَصِيرَةٍ غَالِبًا فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ. قَالَهُ الْإِمَامُ، وَبَنَى عَلَيْهِ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَلَفَتْ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ أَمْكَنَ لِاسْتِنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ وَلِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ بِالدَّعْوَى عِنْدَ الْحَاكِمِ.
(وَإِذَا) (طَلَّقَ) الزَّوْجُ (دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْتُ) زَوْجَتِي قَبْلَ الطَّلَاقِ (فَلِيَ الرَّجْعَةُ وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا قُبِلَ دَعْوَى عِنِّينٍ وَمُولٍ لَهُ لِثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهِيَ تُرِيدُ إزَالَتَهُ بِدَعْوَاهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ مُزِيلِهِ، وَهُنَا قَدْ تَحَقَّقَ الطَّلَاقُ وَهُوَ يَدَّعِي مُثْبِتَ الرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَا أَرْبَعٍ سِوَاهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِاسْتِحْقَاقِهَا لِجَمِيعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ (فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ غَيْرَهُ) ، فَلَوْ أَخَذَتْهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِوَطْئِهِ لَمْ تَأْخُذْ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِإِقْرَارٍ ثَانٍ مِنْهُ، هَذَا فِي صَدَاقِ دَيْنٍ، أَمَّا عَيْنٌ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ نِصْفِهَا فَيَلْزَمُ بِقَبُولِهِ أَوْ إبْرَائِهَا مِنْهُ: أَيْ تَمْلِيكِهِ لَهَا بِطَرِيقِهِ بِأَنْ يَتَلَطَّفَ بِهِ الْحَاكِمُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْوِكَالَةِ، فَإِنْ صَمَّمَ اتَّجَهَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمُهَا فَيُعْطِيهَا نِصْفَهَا وَيُوقِفُ النِّصْفَ الْآخَرَ تَحْتَ يَدِهِ إلَى الصُّلْحِ أَوَالْبَيَان، وَلَوْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا أَمَةً وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا حَيْثُ صُدِّقَتْ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ سَيِّدِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي مُطَلَّقَتِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَرَاجَعْتُهَا مُكَذِّبًا لَهَا أَوْ لَا مُصَدِّقًا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ فَيَكُونُ إقْرَارًا وَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ بَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَفَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ) الْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِيَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا) أَيْ وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ.
[فَرْعٌ] قَالَ الْأُشْمُونِيُّ فِي بَسْطِ الْأَنْوَارِ: لَوْ أَخْبَرَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِأَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ ثُمَّ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا وَادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ وَالْمُدَّةُ مُحْتَمِلَةٌ زُوِّجَتْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ مِنْهَا بِادِّعَائِهَا هُنَا) فِي قَوْلِهِ بِنْتُ زَيْدٍ أَوْ أُخْتُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا عَنْ ثَبْتٍ) أَيْ دَلِيلٍ وَقَوْلُهُ وَتَحَقُّقٍ عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: وَبَنَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَبِأَنَّ النَّفْيُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِي الرَّجْعَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَصُدِّقَتْ فِي إنْكَارِهَا لَا يُقْبَلُ تَصْدِيقُهَا بَعْدُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَالتَّعْلِيلُ بِالنَّفْيِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمُولٍ لَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ نِصْفِهَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أَسْتَحِقُّ فِيهَا شَيْئًا لِكَوْنِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَطْءِ وَقَالَتْ هِيَ بَلْ لَك النِّصْفُ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَالْعَيْنُ مُشْتَرَكَةٌ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَتْ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً)
[حاشية الرشيدي]
كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبَعْدَ جَزْمِهِ بِمَا يُفِيدُ أَنَّهُ إقْرَارٌ لَا يَنْسَجِمُ قَوْلُهُ: وَهَلْ دَعْوَاهُ إلَخْ. كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ تَصْدِيقُهُ إلَخْ.) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَالتَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْمَتْنَ بِقَوْلِهِ بِيَمِينِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute