يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ لِاسْتِبْعَادِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، وَلَوْ قَالَ لَا أَطَأُ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ شَهْرًا مَثَلًا دُيِّنَ (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] الْآيَةَ، وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ، وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ يُؤْلُونَ مُبْعِدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ، وَقِيلَ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ يَحْلِفُونَ بِسَبَبِ نِسَائِهِمْ وَقِيلَ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ فِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فِيهِمَا: أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ أَوْ فِي تَرْكِ وَطْءِ نِسَائِهِمْ، وَقِيلَ مِنْ زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ يُؤْلُونَ أَيْ يَعْتَزِلُونَ نِسَاءَهُمْ، أَوْ إنَّ آلَى يَتَعَدَّى بِعَلَى، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ: إنَّهُ يُقَالُ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ.
وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُولِيًا فِي زِيَادَةٍ لِلَحْظَةٍ مَعَ تَعَذُّرِ الطَّلَبِ فِيهَا لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ بِمُضِيِّهَا إثْمُهُ إثْمُ الْمُولِي بِإِيذَائِهَا وَإِيَاسِهَا مِنْ الْوَطْءِ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَخَرَجَ بِالزَّوْجِ حَلِفُ أَجْنَبِيٍّ وَسَيِّدِ فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ كَمَا يَأْتِي، وَبِيَصِحُّ طَلَاقُهُ الشَّامِلُ لِلسَّكْرَانِ وَالْمَرِيضِ بِشَرْطِهِ الْآتِي وَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُكْرَهِ، وبِلَيَمْتَنِعَنَّ الَّذِي لَا يُقَالُ عَادَةً إلَّا فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ بِنَحْوِ جَبٍّ أَوْ شَلَلٍ أَوْ رَتْقٍ أَوْ قَرْنٍ أَوْ صِغَرٍ فِيهَا بِقَيْدِهِ الْآتِي فَلَا إيلَاءَ لِانْتِفَاءِ الْإِيذَاءِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ إيرَادُ هَذَا عَلَى كَلَامِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ هَذَا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَبِوَطْئِهَا خَلْفَهُ عَلَى تَرْكِ التَّمَتُّعِ بِغَيْرِهِ وَبَقِيَ الْفَرْجُ إلَى آخِرِهِ حَلِفُهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْئِهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ أَوْ الْإِحْرَامِ فَهُوَ مَحْضُ يَمِينٍ، فَإِنْ قَالَ لَا أُجَامِعُك إلَّا فِي نَحْوِ الْحَيْضِ أَوْ نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ الْمَسْجِدِ فَوَجْهَانِ، أَرْجَحُهُمَا لَا، وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الصَّغِيرِ فِي صُورَتَيْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَمِثْلُهُمَا الْبَقِيَّةُ وَبِفَوْقِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الْأَرْبَعَةُ فَأَقَلُّ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ، وَلَوْ حَلَفَ زَوْجُ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ لَا يَطَؤُهَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَالْإِيلَاءِ مِنْ صَغِيرَةٍ.
وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَكُونُ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ الْوُصُولِ عَلَى خِلَافِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِاسْتِبْعَادِهِ) أَيْ فِي النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ: أَيْ بِزَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْمُطَالَبَةُ وَالرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ اهـ. لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُولِيًا زِيَادَةُ اللَّحْظَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إثْمُهُ إثْمُ الْمُولِي) وَهُوَ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا فِي الزَّوَاجِرِ. قَالَ سم عَلَى حَجّ: عُدَّ فِي الزَّوَاجِرِ الْإِيلَاءُ مِنْ الْكَبَائِرِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَدِّي لِهَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ غَيْرُ بَعِيدٍ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ اهـ. لَكِنْ نَقَلَ عَنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَحْضُ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأَنْ قَيَّدَ نَفْيَ وَطْئِهَا بِحَالَةِ حَيْضِهَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فَهُوَ مَحْضُ إلَخْ، وَمُرَادُهُ بِمَا مَرَّ قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَقَيَّدَ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ أَمْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَحْضُ يَمِينٍ) أَيْ وَلَيْسَ إيلَاءً فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَتَى وَطِئَ حَنِثَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ (قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا لَا) أَيْ لَا يَكُونُ مُولِيًا خِلَافًا لحج، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ حَصَلَ بِهِ الْفَيْئَةُ وَإِنْ حَرُمَ وَطْؤُهُ
[حاشية الرشيدي]
أَنَّهُ قَدَّمَهَا أَيْضًا عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَهَا وَأَسْقَطَهَا النُّسَّاخُ (قَوْلُهُ: دِينَ) أَيْ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ} [البقرة: ٢٢٦] إلَخْ.) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِحَقِيقَةِ الْإِيلَاءِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ الْآيَةِ اسْتِدْلَالًا عَامًّا لِلْبَابِ وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ كَغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلسَّبَبِيَّةِ) مَجِيءٌ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ غَرِيبٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّعْلِيلَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى قَدْ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي تَرْكِ وَطْءِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ هُنَا عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى (قَوْلُهُ: أَيْ يَعْتَزِلُونَ) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ مِنْ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْسِيرَ بِيَعْتَزِلُونَ يَصْدُقُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ (قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: مِنْ امْرَأَتِهِ بِمَعْنَى عَلَى وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ حَلِفُهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَهَارِ رَمَضَانَ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانَ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ حَلَفَ إلَخْ.) كَذَا فِي حَوَاشِي وَالِدِهِ، لَكِنْ فِي نُسْخَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute