الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ بِخُصُوصِهِ، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهُ إنْ فِئْتُ عَصَيْت وَأَفْسَدْت عِبَادَتَك وَإِنْ طَلَّقْتَ ذَهَبَتْ زَوْجَتُك وَإِنْ لَمْ تُطَلِّقْ طَلَّقْنَا عَلَيْك، كَمَنْ غَصَبَ دَجَاجَةً وَلُؤْلُؤَةً فَابْتَلَعَتْهَا يُقَالُ لَهُ إنْ ذَبَحْتَهَا غَرِمْتَهَا وَإِلَّا غَرِمْتَ اللُّؤْلُؤَةَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الِابْتِلَاعَ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْهُ وَهُنَا الْمَانِعُ مِنْ الزَّوْجِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَالَ الضَّرَرُ بَعْدَ فَيْئَةِ اللِّسَانِ طُولِبَ بِالْوَطْءِ. أَمَّا إذَا قَرُبَ التَّحَلُّلُ أَوْ اُسْتُمْهِلَ فِي الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ أَوْ فِي الْكَفَّارَةِ إلَى الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ وَقَدَّرَ الْبَغَوِيّ الْأَخِيرَ بِيَوْمٍ وَنِصْفٍ وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُ بِثَلَاثَةٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ.
(فَإِنْ) (عَصَى بِوَطْءٍ) فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ وَقَدْ أَطْلَقَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ (سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ) وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَتَأْثَمُ بِتَمْكِينِهِ قَطْعًا إنْ عَمَّهُمَا الْمَانِعُ كَطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ خَصَّهَا كَحَيْضٍ، وَكَذَا إنْ خَصَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ (وَإِنْ أَبَى) عِنْدَ تَرَافُعِهِمَا إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يَكْفِي ثُبُوتُ إبَائِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ عَنْ مَجْلِسِهِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ (الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ) بِسُؤَالِهَا (طَلْقَةً) وَاحِدَةً وَإِنْ بَانَتْ بِهَا نِيَابَةً عَنْهُ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى دَوَامِ ضَرَرِهَا وَلَا إجْبَارِهِ عَلَى الْفَيْئَةِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الْإِجْبَارِ، وَالطَّلَاقُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَنَابَ فِيهِ عَنْهُ الْحَاكِمُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ كَمَا يُزَوِّجُ عَنْ الْعَاضِلِ وَيَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْ الْمُمَاطِلِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْقَعْتُ عَلَيْهَا طَلْقَةً أَوْ طَلَّقْتُهَا عَنْهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ عَنْهُ فَلَوْ حَذَفَ عَنْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَخَرَجَ بِطَلْقَةٍ مَا زَادَ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ، كَمَا لَوْ بَانَ أَنَّهُ فَاءَ أَوْ طَلَّقَ فَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ نَفَذَ تَطْلِيقُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطَلَاقِ الْقَاضِي كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، فَلَوْ طَلَّقَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقَانِ لِإِمْكَانِ تَصْحِيحِهِمَا، بِخِلَافِ بَيْعِ غَائِبٍ بَانَتْ مُقَارَنَتُهُ لِبَيْعِ الْحَاكِمِ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ تَصْحِيحِهِمَا فَقُدِّمَ الْأَقْوَى، فَإِنْ طَلَّقَ مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ. وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْآيَةِ مُضَافٌ إلَيْهِ بَلْ يَحْبِسُهُ أَوْ يُعَزِّرُهُ لِيَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ) لِلْفَيْئَةِ بِالْفِعْلِ فِيمَا إذَا اُسْتُمْهِلَ لَهَا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِزِيَادَةِ إضْرَارِهَا. أَمَّا الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ فَلَا يُمْهَلُ قَطْعًا كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ. وَأَمَّا مَا دُونَهَا فَيُمْهَلُ لَهُ لَكِنْ يُقَدَّرُ مَا يَنْتَهِي فِيهِ مَانِعُهُ كَوَقْتِ الْفِطْرِ لِلصَّائِمِ وَالشِّبَعِ لِلْجَائِعِ وَالْخِفَّةِ لِلْمُبْتَلَى وَقُدِّرَ بِيَوْمٍ فَأَقَلَّ. وَالثَّانِي يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِقُرْبِهَا وَقَدْ يَنْشَطُ فِيهَا لِلْوَطْءِ.
(وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ إذَا) (وَطِئَ بَعْدَ مُطَالَبَةٍ) أَوْ قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى (لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) إنْ كَانَ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِحِنْثِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ فِي الْآيَةِ لِمَا عَصَى بِهِ مِنْ الْإِيلَاءِ فَلَا يَنْفِيَانِ الْكَفَّارَةَ الْمُسْتَقِرَّ وُجُوبُهَا فِي كُلِّ حِنْثٍ. وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ فَإِنْ كَانَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
لَا تُزِيلُ بَكَارَتَهَا لِكَوْنِهَا غَوْرَاءَ (قَوْلُهُ: إنْ ذَبَحْتَهَا غَرِمْتَهَا) أَيْ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَحَيَّةً (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَرُبَ التَّحَلُّلُ) وَيَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِمَا يَأْتِي عَنْ غَيْرِ الْبَغَوِيّ اهـ حَجّ: أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ لِتَوَارِيهِ أَوْ لِتَعَزُّرِهِ) هَلَّا زَادُوا أَوْ لِغَيْبَةٍ تُسَوِّغُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ اهـ سم عَلَى حَجّ. قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَزِيدُوهُ لِعُذْرِهِ فِي غَيْبَتِهِ فَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ، بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّرِ فَإِنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِسُؤَالِهَا طَلْقَةً) أَيْ وَتَقَعُ رَجْعِيَّةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَتْ بِهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ لَهَا مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ حَذَفَ عَنْهُ) ظَاهِرٌ وَإِنْ نَوَى عَنْهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ) بَلْ وَكَذَا بِغَيْرِ مَا يَلْزَمُ
[حاشية الرشيدي]
إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي: إذَا كَانَ بِهِ مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ
(قَوْلُهُ: مَا زَادَ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الَّذِي لَا يَقَعُ هُوَ الزَّائِدُ فَقَطْ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضِ: لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ. اهـ.
فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ بَانَ أَنَّهُ فَاءَ أَوْ طَلَّقَ غَيْرُ تَامٍّ إذْ لَا وُقُوعَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ: وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ طَلَاقَ الْقَاضِي يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ رَاجَعَهَا عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute