للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ (وَكَذَا) قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ (كَعَيْنِهَا) أَوْ رَأْسِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْكَرَامَةَ كَأَنْتِ كَأُمِّي أَوْ رُوحِهَا أَوْ وَجْهِهَا ظِهَارٌ (إنْ قَصَدَ) بِهِ (ظِهَارًا) لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ (وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا) يَكُونُ ظِهَارًا لِذَلِكَ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِهِ الْكَرَامَةَ وَغَلَبَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَالْكَفَّارَةِ. وَالثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى الظِّهَارِ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِي التَّشْبِيهِ بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الْأُمِّ.

(وَقَوْلُهُ) لَهَا (رَأْسُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك) أَوْ رِجْلُك أَوْ بَدَنُك أَوْ جِلْدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ فَرْجُك أَوْ نَحْوُهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ (عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) (ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ كَمَا مَرَّ، أَمَّا الْبَاطِنَةُ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ فَلَا يَكُونُ ذِكْرُهَا ظِهَارًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا حَتَّى تُوصَفَ بِالْحُرْمَةِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي عُضْوِ الْمَحْرَمِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَالثَّانِي لَيْسَ بِظِهَارٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى صُورَةِ الظِّهَارِ الْمَعْهُودَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

(وَالتَّشْبِيهُ بِالْجَدَّةِ) مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَإِنْ بَعُدَتْ (ظِهَارٌ) لِأَنَّهَا تُسَمَّى أُمًّا (وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُ) أَيْ هَذَا الْحُكْمُ (فِي كُلِّ مَحْرَمٍ) شَبَّهَ بِهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رِضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ (لَمْ يَطْرَأْ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (تَحْرِيمُهَا) كَأُخْتِهِ نَسَبًا وَمُرْضِعَةِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ وَزَوْجَتِهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ وَأُمِّهَا بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ ابْتِدَاءً، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِوُرُودِ النَّصِّ فِي الْأُمِّ (لَا مُرْضِعَةٍ) لَهُ (وَزَوْجَةِ ابْنٍ) لَهُ لِأَنَّهُمَا لَمَّا حَلَّتَا لَهُ فِي وَقْتٍ اُحْتُمِلَ إرَادَتُهُ وَأَمَّا ابْنَةُ مُرْضِعَتِهِ فَإِنْ وُلِدَتْ بَعْدَ ارْتِضَاعِهِ فَهِيَ لَمْ تَحِلَّ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ بِخِلَافِ الْمَوْلُودَةِ قَبْلَهُ، وَكَالْمَوْلُودَةِ بَعْدَهُ الْمَوْلُودَةُ مَعَهُ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ.

(وَلَوْ) (شَبَّهَ) زَوْجَتَهُ (بِأَجْنَبِيَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَبِأَبٍ) مَثَلًا (وَمُلَاعَنَةٍ) (فَلَغْوٌ) أَمَّا غَيْرُ الْأَخِيرَيْنِ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْأَبُ فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلِاسْتِمْتَاعِ وَتَأْبِيدُ حُرْمَةِ الْمُلَاعَنَةِ لِقَطِيعَتِهَا لَا لِوَصْلَتِهَا عَكْسُ الْمَحْرَمِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِثْلُهَا مَجُوسِيَّةً وَمُرْتَدَّةً، وَكَذَا أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - لِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ لِشَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا حُرِّمَتْ أُمِّي فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كِنَايَةُ ظِهَارٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهَا كَظَهْرِ أَوْ نَحْوِ بَطْنِ أُمِّهِ فِي التَّحْرِيمِ فَمُظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا.

(وَيَصِحُّ) تَوْقِيتُهُ كَأَنْتِ كَظَهْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي عُضْوِ الْمَحْرَمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَوَى إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَكُون ذِكْرُهَا ظِهَارًا) أَيْ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَنَقَلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً وَتَوَقَّفْنَا فِيهِ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الظِّهَارَ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّمَتُّعِ بِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً لِأَنَّهَا مِمَّا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْبِيرَ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ وَإِلَّا كَانَ ظِهَارًا، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ هُنَا: تَنْبِيهٌ: تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ لِأَمْثِلَةٍ بِالْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْأُمِّ قَدْ يُفْهِمُ إخْرَاجَ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ، وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الرَّوْنَقِ وَاللُّبَابِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا مِثْلُ الظَّاهِرَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ الْبَعْضَ اهـ. وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ ضَعِيفَةٌ: أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى فِي هَذَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الرُّوحِ، وَاسْتَشْكَلَهُ حَجّ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الرُّوحِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَعَ أَنَّهَا كَالْعُضْوِ الْبَاطِنِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا جِسْمٌ سَارَ فِي الْبَدَنِ كَسَرَيَانِ مَاءِ الْوَرْدِ. قُلْت لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ وَالرُّوحُ تُذْكَرُ فِيهِ تَارَةً لِلْكَرَامَةِ وَتَارَةً لِغَيْرِهَا فَوَجَبَ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِيهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ الْبَاطِنَةِ.

(قَوْلُهُ وَزَوْجَتِهِ) أَيْ الْأَبِ، وَقَوْلُهُ لَا مُرْضِعَةٍ لَهُ: أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُلِدَتْ بَعْدَ ارْتِضَاعِهِ) أَيْ لِلرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ (قَوْلُهُ: الْمَوْلُودَةُ مَعَهُ) أَيْ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِثْلُهَا) أَيْ الْمُلَاعَنَةُ (قَوْلُهُ: فَمُظَاهِرٌ) أَيْ أَوْ مُطَلِّقٌ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أُمِّي

(قَوْلُهُ: وَأُمِّهَا) الصَّوَابُ حَذْفُهُ لِأَنَّ أُمَّ زَّوْجَةِ أَبِيهِ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ عَلَى بُعْدٍ أَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى مُرْضِعَةِ أُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ

(قَوْلُهُ: فَلِمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ الْمَارَّ بِجَامِعِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ: أَيْ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>