للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا مَرَّ، وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ بَدَلَ التَّأْكِيدِ لِمَصْلَحَةِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ فَكَانَ غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الصِّيغَةِ (زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) لِأَنَّ تَشْبِيهَهَا بِالْمَحْرَمِ يَقْتَضِي فِرَاقَهَا فَبِعَدَمِ فِعْلِهِ صَارَ عَائِدًا فِيمَا قَالَ إذْ الْعَوْدُ لِلْقَوْلِ نَحْوُ قَالَ قَوْلًا ثُمَّ عَادَ فِيهِ وَعَادَ لَهُ مُخَالَفَتُهُ وَنَقْضُهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ عَادَ فُلَانٌ فِي هِبَتِهِ، وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ مَرَّةً كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ ثُمَّ فِي الْآيَةِ لِلتَّرَاخِي وَمَرَّةً كَأَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْوَطْءُ. لَنَا الْآيَةُ لَمَّا نَزَلَتْ وَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُظَاهِرَ بِالْكَفَّارَةِ لَمْ يَسْأَلْهُ هَلْ وَطِئَ أَوْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ، وَالْوَقَائِعُ الْقَوْلِيَّةُ كَهَذِهِ يَعُمُّهَا الِاحْتِمَالُ فَإِنَّهَا نَاصَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَيَكُونُ الْعَوْدُ سَابِقًا عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ إمْكَانُ الْفُرْقَةِ شَرْعًا فَلَا عَوْدَ فِي نَحْوِ حَائِضٍ إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ.

(فَلَوْ) (اتَّصَلَ بِهِ) أَيْ لَفْظِ الظِّهَارِ (فُرْقَةٌ بِمَوْتٍ) لِأَحَدِهِمَا (أَوْ فَسْخٌ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ انْفِسَاخٌ بِنَحْوِ رِدَّةٍ قَبْلَ الْوَطْءِ (أَوْ طَلَاقُ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٌّ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ عَقِبَ اللَّفْظِ (فَلَا عَوْدَ) لِلْفُرْقَةِ أَوْ تَعَذُّرِهَا فَلَا كَفَّارَةَ. وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُمْسِكْهَا بَعْدَ الْإِفَاقَةِ، وَصَوَّرَ فِي الْوَسِيطِ الطَّلَاقَ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي أَنْتِ طَالِقٌ، وَمُنَازَعَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهِ بِإِمْكَانِ حَذْفِ أَنْتِ فَلْيَكُنْ عَائِدًا بِهِ لِأَنَّ زَمَنَ طَالِقٍ أَقَلُّ مِنْ زَمَنِ أَنْتِ طَالِقٌ مَرْدُودَةٌ بِنَظِيرِ مَا مَرَّ فِي تَعْلِيلِ اغْتِفَارِهِمْ تَكْرِيرَ لَفْظِ الظِّهَارِ لِلتَّأْكِيدِ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالِاغْتِفَارِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ فِيهِ رِكَّةٌ وَقَلَاقَةٌ، بِخِلَافِ عَدَمِ التَّكْرِيرِ، وَيَأْتِي عَدَمُ تَأْثِيرِ تَطْوِيلِ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ وَأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى مَا لَوْ قَالَ عَقِبَ ظِهَارِهِ أَنْتِ يَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَأَطَالَ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا طَالِقٌ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا، وَبِهِ كَقَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ لَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ عَقِبَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَكَذَا يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ يَتَّضِحُ رَدُّ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ (وَكَذَا لَوْ) كَانَ قِنًّا أَوْ كَانَتْ قِنَّةً فَعَقِبَ الظِّهَارِ مَلَكَتْهُ أَوْ (مَلَكَهَا) اخْتِيَارًا بِقَبُولِ نَحْوِ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ غَيْرِ سَوْمٍ وَتَقْرِيرِ ثَمَنٍ لِعَدَمِ إمْسَاكِهِ لَهَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا يُؤَثِّرُ إرْثُهَا قَطْعًا وَيُؤَثِّرُ قَبُولُ هِبَتِهَا لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبْضِ وَلَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (أَوْ لَاعَنَهَا) عَقِبَ الظِّهَارِ يَضُرُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِاشْتِغَالِهِ بِمُوجِبِ الْفِرَاقِ وَإِنْ طَالَتْ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ لِمَا مَرَّ، وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ حِلٍّ إلَى حِلٍّ وَذَلِكَ إمْسَاكٌ لَهَا، وَقِيلَ هُوَ عَائِدٌ فِي الثَّانِيَةِ لِتَطْوِيلِهِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ مَعَ إمْكَانِ الْفُرْقَةِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ) وَالرَّفْعِ لِلْقَاضِي (ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِي تَأْخِيرِ ذَلِكَ عَنْ الظِّهَارِ مِنْ زِيَادَةِ التَّطْوِيلِ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ مَا ذُكِرَ حَتَّى لَوْ اتَّصَلَ مَعَ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الصِّفَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا وُجِدَتْ مَعَ جُنُونٍ أَوْ نِسْيَانٍ حَصَلَ الظِّهَارُ وَلَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ أَوْ التَّذَكُّرِ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ عَائِدًا إلَّا بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ تَكْرِيرَ لَفْظِ الظِّهَارِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِإِمْكَانِ الطَّلَاقِ لِتَقْوِيَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَدَمِ التَّكْرِيرِ) أَيْ فِي أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي كَظَهْرِ أُمِّي بِدُونِ تَكْرِيرِ أَنْتِ لَا رِكَّةَ فِيهِ وَلَا قَلَاقَةَ، وَمَعَ ذَلِكَ اغْتَفَرُوا تَكْرِيرَ أَنْتِ لِلتَّأْكِيدِ، فَاغْتِفَارُ تَأْكِيدِ أَنْتِ لِلتَّخَلُّصِ مِمَّا فِيهِ رِكَّةٌ وَقَلَاقَةٌ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤَثِّرُ) أَيْ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ عَائِدٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ إرْثُهَا: أَيْ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: يَضُرُّ) أَيْ فَيَمْنَعُ مِنْ الْعَوْدِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِمُوجِبِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى هِيَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةِ تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ إلَخْ.) لَوْ قَالَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الْكَلَامِ إلَخْ. أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: يَعُمُّهَا الِاحْتِمَالُ) لَعَلَّ صَوَابَهُ تَعُمُّ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِفْصَالِ: أَيْ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِلَّا فَوَقَائِعُ الْأَحْوَالِ إذَا طَرَقَهَا الِاحْتِمَالُ كَسَاهَا ثَوْبَ الْإِجْمَالِ وَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مُرَادَهُمْ إلَخْ.) هَذَا بَحْثٌ لِابْنِ حَجَرٍ

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُمْ قَاسُوهُ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَذْكُورٌ فِيمَا يَأْتِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَقَاسُوهُ (قَوْلُهُ: وَتَقْرِيرِ ثَمَنِ) عَطْفٌ عَلَى سَوْمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>