فِي الْخِصَالِ الثَّلَاثِ كَفَّارَةُ وِقَاعِ رَمَضَانَ، وَفِي الْأُولَيَيْنِ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ، وَفِي الْأُولَى كَفَّارَةٌ مُخَيَّرَةٌ أَرَادَ الْعِتْقَ عَنْهَا وَإِنَّمَا يُجْزِئُ عَنْهَا عِتْقُ رَقَبَةٍ (مُؤْمِنَةٍ) وَلَوْ بِتَبَعِيَّةٍ لِأَصْلٍ أَوْ دَارٍ أَوْ سَابٍ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ فِي آيَةِ الظِّهَارِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي آيَةِ الْقَتْلِ بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّبَبِ (بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ) إخْلَالًا بَيِّنًا، إذْ الْقَصْدُ تَكْمِيلُ حَالِهِ لِيَتَفَرَّغَ لِوَظَائِفِ الْأَحْرَارِ، وَذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ بِكِفَايَةِ نَفْسِهِ، وَالْكَسْبُ مِنْ عَطْفِ الرَّدِيفِ وَلِهَذَا حَذَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ، أَوْ الْأَعَمِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ الْمُغَايِرِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْمُخِلِّ بِالْعَمَلِ مَا يُنْقِصُ الذَّاتَ وَبِالْمُخِلِّ بِالْكَسْبِ مَا يُنْقِصُ نَحْوَ الْعَقْلِ (فَيَجْزِي صَغِيرٌ) وَلَوْ عَقِبَ وِلَادَتِهِ لِرَجَاءِ كِبَرِهِ كَبُرْءِ الْمَرَضِ بِخِلَافِ الْهَرَمِ، وَيُسَنُّ بَالِغٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ إيجَابِهِ.
وَفَارَقَ الْغُرَّةَ بِأَنَّهَا عِوَضٌ وَحَقُّ آدَمِيٍّ فَاحْتِيطَ لَهَا عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْخِيَارُ إذْ غُرَّةُ الشَّيْءِ خِيَارُهُ، وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْهُ (وَأَقْرَعُ) لَا نَبَاتَ بِرَأْسِهِ لِدَاءٍ (وَأَعْرُجُ يُمْكِنُهُ) مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (تِبَاعُ مَشْيٍ) لِقِلَّةِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ وَحُكِيَ عَنْ خَطِّهِ حَذْفُ الْوَاوِ لِيُفِيدَ إجْزَاءَ أَحَدِهِمَا بِالْأَوْلَى (وَأَعْوَرُ) لِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ ضَعُفَ نَظَرُ سَلِيمَتِهِ وَأَخَلَّ بِالْعَمَلِ إخْلَالًا بَيِّنًا لَمْ يُجْزِهِ (وَأَصَمُّ) وَأَخْرَسُ يَفْهَمُ إشَارَةَ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ أَعْمَى أَوْ زَمِنًا (قَوْلُهُ: عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) أَيْ فَلَا تُجْزَى الْكَافِرَةُ، وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَ فِي الْمَرِيضِ إذَا شُفِيَ، مِنْ الْإِجْزَاءِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ كَافِرًا فَتَبَيَّنَ إسْلَامَهُ الْإِجْزَاءُ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيْتًا (قَوْلُهُ لِأَصْلٍ أَوْ دَارٍ) يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَطَقَ بِالْكُفْرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ تَبَعِيَّةً تَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى كُفْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ نَطَقَ بِالْكُفْرِ فِيهِمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ يَصِيرُ مُرْتَدًّا، فَيُجْزِئُ لِأَنَّهُ كَانَ وَقْتَ إعْتَاقِهِ مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّبَبِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَقَتْلُ الْخَطَأِ الَّذِي وَرَدَتْ فِيهِ الْآيَةُ لَا إثْمَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: بِجَامِعِ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي السَّبَبِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ) اُنْظُرْ لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ الْمُلْتَصِقَيْنِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّ الْمُلْتَصِقَ بِهِ قَدْ لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ لِأَنَّ الْكَسْبَ قَدْ يَحْصُلُ بِلَا عَمَلٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ. قَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ: فَإِنْ بَانَ خِلَافُهُ نَقَضَ الْحُكْمُ: أَيْ بِأَنْ يُقَالَ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَلَوْ مَاتَ صَغِيرًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ سَلَامَةُ الْأَعْضَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْهَرِمِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَيْ فَلَا يُجْزِئُ لَا هُنَا وَلَا فِي الْغُرَّةِ وَإِنْ وَقَعَ لِلشَّارِحِ ثَمَّ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ إيجَابِهِ) أَيْ الْقَائِلِ بِإِيجَابِهِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْغُرَّةَ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُجْزِ فِيهَا الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا) أَيْ الْغُرَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَعْوَرُ لِذَلِكَ) أَيْ لِقَوْلِهِ لِقِلَّةِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الْعَمَلِ. (فَرْعٌ) قَالَ م ر: يُجْزِئُ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَا يُبْصِرُ لَيْلًا اكْتِفَاءً بِإِبْصَارِهِ فِي وَقْتِ الْعَمَلِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ لَيْلًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا لِإِجْزَاءِ الْعَتِيقِ عَدَمَ الْإِخْلَالِ بِنَوْعٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ خِلَافَهُ، لَكِنَّ قِيَاسَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي الْمَجْنُونِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَيَسِّرًا لَيْلًا أَجْزَأَ أَنَّ مَنْ أَبْصَرَ لَيْلًا وَتَيَسَّرَ عَمَلُهُ فِيهِ أَجْزَأَ.
(قَوْلُهُ: وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ) أَيْ فَلَوْ اجْتَمَعَ الصَّمَمُ وَالْخَرَسُ هَلْ يَكْفِي أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِجَامِعِ حُرْمَةِ السَّبَبِ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ الَّذِي وَرَدَتْ الْآيَةُ فِيهِ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: بِجَامِعِ عَدَمِ الْإِذْنِ فِي السَّبَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute